واشنطن: قررت الولايات المتحدة تطبيق قانون يعود إلى أكثر من عقدين يفتح الطريق أمام رفع آلاف الدعاوى القضائية ضد الشركات الأجنبية الموجودة في كوبا، ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تحذير واشنطن من فرض عقوبات على الاستثمارات الأوروبية في الجزيرة.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الأربعاء أن واشنطن ستفتح اعتبارا من الثاني من أيار/مايو الطريق لآلاف الدعاوى القضائية ضد شركات أجنبية موجودة في كوبا، على الرغم من تحذيرات الاتحاد الأوروبي.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن واشنطن لن تستثني أي شركة أجنبية من هذه الإجراءات.

ورفضت الحكومة الكوبية "بشدة" الاجراء الاميركي الجديد، وكتب وزير الخارجية الكوبي برونو رودريغيز على تويتر "ارفض بشدة اعلان وزير الخارجية بومبيو تفعيل الفصل الثالث من قانون هيلمز بورتون، انه هجوم على القانون الدولي وعلى سيادة كوبا ودول اخرى".

ويسمح هذا القانون نظريا للكوبيين المقيمين في الخارج بملاحقة المؤسسات التي جنت أرباحا بفضل شركات تم تأميمها بعد ثورة 1959 في الجزيرة الواقعة في الكاريبي.

لكن الرؤساء الاميركيين منذ بيل كلينتون علقوا تطبيق هذا القانون لعدم اغضاب حلفاء الولايات المتحدة الدوليين.

وترغب الولايات المتحدة في إبقاء الضغوط على كوبا، متهمة سلطاتها بدعم النظام الاشتراكي للرئيس نيكولاس مادورو في فنزويلا.

وكانت وزارة الدفاع الأميركية قدرت لدى اعتماد قانون هيلمز-بورتون في 1996، عدد الشكاوى المحتملة بحوالى مئتي ألف، تم تجميدها وقد يتم تحريكها في حال العمل بصورة كاملة ببنود الفصل الثالث من هذا القانون.

أوروبا وكندا

وأسف الاتحاد الاوروبي وكندا في بيان مشترك للقرار الاميركي، وقالت المفوضة الاوروبية للتجارة سيسيليا مالمستروم ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني ووزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند ان "قرار الولايات المتحدة (...) سيكون له تاثير كبير على المشغلين الاقتصاديين للاتحاد الاوروبي وكندا في كوبا، وسيؤدي الى دوامة من الملاحقات القضائية لا طائل منها".

واضاف الاوروبيون والكنديون "نحن عازمون على العمل معا لحماية مصالح شركاتنا في اطار منظمة التجارة العالمية وعبر منع تنفيذ او الاعتراف بالاحكام الاجنبية (...) في الاتحاد الاوروبي كما في كندا".

وفي وقت سابق، اكدت موغيريني ومالمستروم إن "أي طلب أمام المحاكم الأميركية سيليه على الأرجح طلبات من شركات أميركية أمام محاكم الاتحاد الأوروبي".

وكان سفير الاتحاد الأوروبي في هافانا ألبرتو نافارو عبر عن "أسفه الشديد" لهذا القرار، معتبرا أنه "سيؤدي إلى مزيد من الإرباك للاستثمارات الأجنبية التي تساعد في توفير وظائف وتدعم ازدهار كوبا".

678 مليار دولار&

قال المجلس الاقتصادي والتجاري للولايات المتحدة وكوبا وهي مجموعة تتخذ مقرا لها في نيويورك وتدعم العلاقات التجارية بين البلدين، إن الشكاوى المشمولة ضمن الفصل الثالث قد تستهدف شركات يصل مجموع رقم أعمالها إلى 678 مليار دولار.

ومن المجموعات التي قد تتعرض لملاحقات محتملة وفق المجموعة، شركات الطيران الأميركية "دلتا" و"أميريكان إيرلاينز" و"يونايتد" وشبكات فنادق مثل "ماريوت" و"أكور" وشركات أخرى مثل "هواوي" الصينية و"بيرنو ريكار" الفرنسية.

وكان الرئيس الأميركي السابق الديموقراطي باراك أوباما أعاد العلاقات الدبلوماسية مع كوبا في 2015 بعد قطيعة استمرت نصف قرن. غير أن خلفه الجمهوري دونالد ترامب صعّد لهجته منذ وصوله إلى البيت الأبيض وأعاد تفعيل مسار العقوبات على الاقتصاد الكوبي.

وأشاد نواب جمهوريون يكافحون منذ زمن بعيد من أجل زيادة الضغوط على كوبا، بالإشارات الموجهة من إدارة ترامب منذ كانون الثاني/يناير عن ميله إلى تطبيق كامل لقانون هيلمز-بورتون.

وقال النائب الجمهوري عن فلوريدا ماريو دياز بالارت المتحدر من أصل كوبي أخيرا "الآن، باتت الشركات التي تنخرط بإرادتها في شراكات مع النظام القمعي غير القانوني والمعادي لأميركا في كوبا تعلم أنها ستحاسَب لمشاركتها في الإفادة بدم بارد من الخسائر الهائلة اللاحقة بضحايا النظام".

وسبق لإدارة الرئيس دونالد ترامب التي تصنف كوبا ضمن "ترويكا الاستبداد" في أميركا اللاتينية إلى جانب فنزويلا ونيكاراغوا، أن لوّحت باعتماد هذه الخطوة في كانون الثاني/يناير، مشجعة "كل شخص لديه أنشطة تجارية مع كوبا على التدقيق ما إذا كان ضالعا في الحاضر أو الماضي بالتعامل مع أصول مصادرة ومتواطئا مع هذا النظام الديكتاتوري".

وبعدما أكدت أخذ "مخاوف" حلفاء واشنطن في الاعتبار، تراجعت وزارة الخارجية الأميركية عن هذا المسار مطلع الشهر الماضي، غير أن ذلك لم يدم طويلا.