مع انتهاء الاعفاءات لمستوردي النفط الايراني تحت بند العقوبات التي فرضتها واشنطن، تثار الآن تساؤلات حول مقدرة الدول المنتجة في منظمة "أوبك" على رفع الانتاج لتعويض النقص في التصدير الايراني.

إيلاف من لندن: نقلت وكالات الانباء خبر قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بإنهاء الإعفاءات التي سمح بموجبها لثماني دول بشراء النفط الإيراني، بهدف تحقيق "صادرات صفر"، من الخام الايراني، بحسب ما أعلن البيت الأبيض الإثنين.

واعتبارا من بداية شهر مايو المقبل ستواجه هذه الدول، الصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا واليابان وتايوان وإيطاليا واليونان، عقوبات أميركية إذا استمرت في شراء النفط الإيراني.

خطوة الادارة الأميركية لانهاء الاعفاءات لمستوردي النفط الايراني تحت بند العقوبات التي فرضتها الادارة الأميركية على صادرات النفط في نوفمبر 2018 الماضي اثارت تساؤلات حول مقدرة الدول المنتجة التابعة لمنظمة "أوبك" على رفع الانتاج لتعويض النقص في التصدير الايراني.

والسؤال الكبير المطروح الآن هل تستطيع واشنطن فعلا تقليص التصدير الايراني الى صفر؟

بلغ الانتاج الايراني اليومي خلال الستة شهور الماضية حوالي 2.5 مليون برميل يوميا وتم تصدير 1.5 مليون برميل منها وكذلك تصدر ايران سرا وتحت الطاولة 300 الف برميل يوميا.

أهم زبائن إيران اليابان الصين الهند وكوريا الجنوبية وتركيا.

الصين تعارض الخطوة الأميركية وكذلك تركيا. ولكن هل تستطيع الصين اغضاب الادارة الأميركية في الوقت الذي تتفاوض فيه مع واشنطن على انهاء الحرب التجارية بينهما؟

من المتوقع ان تنصاع اليابان وكوريا الجنوبية وحتى الهند للقرار الأميركي. لذلك حسب تقديرات الفايننشال تايمز ستتمكن ايران من الاستمرار في تصدير حوالي مليون برميل يوميا بما في ذلك التصدير السري والتهريبات التي تتراوح بين 100 و300 الف برميل يوميا. فضلا عن ذلك تستطيع ايران تصدير بعض الكميات من خلال العراق حيث ان هناك مرافق ومنشآت نفطية مشتركة وبسهولة تستطيع التصدير من خلال وسطاء وشركات لا تحمل اسماء ايرانية.

وثمة نقاط أخرى أثارها القرار الأميركي ومنها هل ستقوم "أوبك" بتعويض النقص في السوق برفع الانتاج؟ وربما لديها حيز من المرونة لأنها وافقت اواخر العام الماضي على تخفيض الانتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميا.

وحسب دائرة الطاقة الأميركية فان تصاعد الانتاج الأميركي ومقدرة اوبك على انتاج المزيد سيخلق فائضا انتاجيا يكفي لتعويض اي نقص في الاسواق بسبب توقف التصدير الايراني.

تنتج السعودية الآن اقل من 10 ملايين برميل يوميا وتستطيع بسهولة رفع ذلك الى 11 مليون برميل ويعتقد خبراء أن الخام السعودي سوف يلبي طلبات السوق رغم انه لا يطابق تماما الخام الايراني الذي تستعمله مصافي التكرير الآسيوية.

وهناك مخاطر أخرى وهي انخفاض الانتاج الفنزويلي والليبي بسبب العقوبات الأميركية على فنزويلا وتدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا. واذا ما تم اغلاق النفط الليبي كليا ستفقد الأسواق 3 ملايين برميل يوميا أي 1.5 مليون برميل من النفط الفنزويلي وما يعادل ذلك من النفط الليبي.

الموقف الروسي وتواصل ارتفاع الأسعار

ولكن اللغز الآخر ما هو موقف روسيا التي عقدت اتفاقات تحالف مع "اوبك" العام الماضي؟

ويتوقع الخبراء ان تكون السعودية أكثر حذرا قبل ان تقوم برفع الانتاج بمليون برميل يوميا. وإذا قررت رفع الانتاج، ستفعل ذلك بالتنسيق مع اعضاء اوبك الآخرين.
اما فيما يتعلق بالأسعار لا تزال الأسعار تتجه صوب 80 دولار للبرميل لاعتبارات اخرى منها:

اتفاقية ديسمبر 2018 بين أعضاء اوبك بقيادة المملكة العربية السعودية وروسيا لخفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميا. هذا الاتفاق يستثني فنزويلا وإيران.

وكذلك العقوبات الأميركية على فنزويلا وايران وهما عضوان مهمان في منظمة أوبك، حرمت الأسواق من 2 – 3 ملايين برميل يوميا. والعنصر الأهم في دفع أسعار النفط للأعلى هي المخاوف الجيوسياسية التي قد تؤدي الى توقف الانتاج الليبي كليا وستحرم السوق من 1.4 مليون برميل يوميا وكذلك استمرار حالة التوتر السياسي والاحتجاجات في الجزائر.

كما أن تراجع المخزونات الأميركية حيث هبطت مخزونات الخام 3.1 ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 12 أبريل إلى 452.7 مليون برميل، مقارنة مع توقعات محللين لزيادة قدرها 1.7 مليون برميل.

وهناك احتمال كبير ان يرتفع مزيج برنت القياسي الى نطاق سعري بين 75-80 دور للبرميل في فترة وجيزة.

ويتوقع محللون أن تخترق أسعار البترول في محطات البنزين في الولايات المتحدة الحاجز النفسي 3 دولارات للغالون. وقد ترتفع الأسعار من 2.85 دولار للغالون الى 2.95 دولار مع اقتراب موسم السواقة والرحلات الطويلة.&

ومما لا شك فيه أن تصاعد أسعار خام برنت القياسي باتجاه 80 دولارا للبرميل وارتفاع أسعار البنزين للمستهلك الأميركي سيثير غضب البيت الأبيض. وقد نشهد المزيد من ضغوط الرئيس ترمب على أوبك لرفع الانتاج، كما فعل سابقا.

هل إغلاق مضيق هرمز مجرد زمجرة اعلامية؟

جاء رد الفعل الايراني بسرعة على القرار الأميركي بانهاء الاعفاءات من عقوبات النفط الايراني. حيث هددت ايران باغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي إذا حاولت الولايات المتحدة خنق اقتصاد طهران من خلال وقف صادراتها النفطية. حيث قال قائد البحرية التابعة للحرس الثوري إن إيران ستغلق مضيق هرمز (وهو ممر ملاحي استراتيجي لنقل النفط في الخليج) إذا تم منع طهران من استخدامه. وتكمن أهمية مضيق هرمز انه يشكل ممر حيوي لصادرات النفط من دول الخليج العربي من خلال ناقلات نفط عملاقة.

ويُنقل عبر مضيق "هرمز" نحو 40% من الإنتاج العالمي من النفط الخام المنقول بحراً، وهو ما يمثل أكثر من 20% من الإنتاج العالمي من النفط، و90% من النفط الذي تصدّره دول مجلس التعاون الخليجي.

وإضافة إلى النفط الخام، فإن 22% من السلع الأساسية في العالم (الحبوب وخام الحديد والإسمنت) تمر عبر مضيق هرمز، وإغلاقه سيشكل كارثة اقتصادية وغذائية عالمية، بالتأكيد لن تقف عند حدود الشرق الأوسط.

ومن غير المتوقع ان تقوم ايران بترجمة هذا التهديد على واقع الأرض حيث هددت بذلك عدة مرات سابقا وتراجعت خوفا من الغضب ورد الفعل الأميركي. لذلك ستبقى هذه التهديدات مجرد زمجرات اعلامية لا تؤخذ على محمل الجد.