قرار وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان​، الذي يفرض معاملة ​اللاجئين الفلسطينيين في لبنان معاملة مماثلة للعمالة الأجنبية، أثار ولا يزال ردود فعل سلبية واحتجاجات واسعة في أوساط اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والشتات.

إيلاف من بيروت: كانت ردود الفعل، من حيث الاتساع والشمول، كانت غير مسبوقة، فلم نشهد مثيلًا لها في السابق لناحية قضايا تتعلق بالحقوق المدنية والاجتماعية للاجئين في المخيمات، وهي حقوق، بمعظمها، محرومين منها، وجرى إلغاء بعض ما كان محققًا منها، ويطرح السؤال لماذا جرى إصدار قرار فرض إجراءات تضيّق وتقيّد حرية عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان في هذا التوقيت تحديدًا؟.

وهل صحيح كما قال وزير العمل إنّ الاجراءات جاءت بمثابة تطبيق لقرار سابق، أم إنها مخالفة ومناقضة لقرارات صادرة من الحكومة اللبنانية؟.

ثم ما هو الهدف من السعي إلى فرض مثل هذه الإجراءات على العمالة الفلسطينية، هل له علاقة بمشروع التوطين والتهجير الذي تستهدفه "صفقة القرن" الهادفة إلى شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين؟.

التوطين والحقوق
يعتبر الخبير القانوني الدكتور رياض أبو مرعي أن هناك "لغطًا كبيرًا بين رفض التوطين مطلقًا وبين حرمان الفلسطينيين من حقوقهم المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ورغم أن لبنان كان من الدول المصادقة على معظم بنود بروتوكول الدار البيضاء عام 1965، ذلك البروتوكول الذي ينص على ضرورة معاملة الفلسطينيين في الدول العربية التي يقيمون فيها معاملة شعوبهم في إقامتهم وسفرهم وتيسير فرص العمل لهم مع احتفاظهم بالجنسية الفلسطينية، فقد بقي اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يعاملون كأجانب محرومين من أبسط الحقوق المنصوص عليها في المواثيق الدولية من حيث العمل والملكية، وما يتفرع عنهما من حقوق كثيرة، ورغم أن لبنان قد أكد في مقدمة دستوره على احترامه للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، إلا أن واقع الحال يشير إلى خلاف ذلك.&

ويضيف أبو مرعي: "يمكن توزيع العمالة الفلسطينية في لبنان إلى ثلاث فئات: فئة قليلة تتميز بالثراء، وهذه الفئة حملت معها من فلسطين الأموال والأعمال العقارية والمصرفية فانخرطت في الاقتصاد اللبناني وتمكّن قسم كبير منها من الحصول على الجنسية اللبنانية في مراحل مبكرة.

فئة متوسطة من أصحاب الخبرات المهنية التعليمية، تركت لبنان منذ الخمسينات بعدما أغلقت في وجهها إمكانات العمل، وتوجهت إلى أوروبا أو إلى الخليج العربي.

وفئة ثالثة من العمال، وهي الأكبر عددًا، وتحوّلت إلى يد عاملة رخيصة في الأعمال الموسمية والشاقة.

العمالة
يضيف أبو مرعي: "تقدّر قوة العمل الفلسطينية في لبنان بحوالى 75 ألف عامل يتمركزون في مجالات العمل الصعبة والشاقة كالزراعة والبناء والأفران ومحطات الوقود".

يوضح أبو مرعي أنه "لا يحق للفلسطيني أن يمارس مهنة المحاماة في لبنان لأسباب مرتبطة بمنع الفلسطينيين أساسًا من العمل في لبنان من مهن متعددة، وبالنسبة إلى مهنة المحاماة، فإن قانون تنظيم هذه المهنة لم يسمح للفلسطيني أن يمارسها، والمسألة ليست متعلقة بتقييد، بل بمنع، ولم يتعلق الأمر بالفلسطيني فقط، وإنما حصر قانون تنظيم مهنة المحاماة باللبناني دون غيره، حتى لو كان من جنسية دولة أخرى معترف بها لبنانيًا، ويشمل ذلك حتمًا الفلسطيني المقيم في لبنان.

كما لا يحق للطبيب الفلسطيني أن يمارس مهنة الطب في لبنان، وذلك حسب نص قانون تنظيم مهنة الطب، ويمنع المهندس الفلسطيني من العمل بمهنة الهندسة في لبنان، وذلك بموجب قانون تنظيم مهنة الهندسة.
&