كلمة يقولها الرياضي المحترف حينما يبلغ عمراً معيناً لا يسمح له بالبقاء والإستمرار فوق القمة، وهي تجسد قمة الواقعية والتواضع و"الاحترافية"، ليس سهلاً أبداً أن يعترف رافا نادال أسطورة التنس على سبيل المثال أن جسده لن يسمح له بالمشاركة في جميع البطولات طوال الموسم، وهو الأمر الذي دفعه للاعتذار عن المشاركة في بطولة مونتي كارلو بالأمس.

قالها زيدان يوماً
"إنه نداء الجسد الذي يجب أن نصغي إليه".. عبارة قالها زين الدين زيدان أسطورة الريال ومنتخب فرنسا قبل أن يقرر هو الآخر الاعتزال عام 2006، فما كان من الملايين من عشاق كرة القدم حول العالم إلا أن احترموا قراره، وشعروا بالحزن في نفس الوقت، ولكن زال الحزن وبقي "الإحترام"، فالنجم الذي يقول "كفى" دون مكابرة في الوقت المناسب يحصد الاحترام في نهاية مسيرته.

عفواً.. لقد نفذ رصيدكم
ولكن في المقابل هناك نجوم يرفضون الابتعاد عن الأضواء، يتمسكون بالاستمرار حتى ينتهي رصيدهم وتاريخهم في قلوب الجماهير، لأنهم ببساطة لا يدركون أن عقلية جماهير اليوم هي "عقلية استهلاكية"، لا ترى إلا اللاعب اللائق القوي المعطاء مهما كان تاريخه، وهذه النوعية من النجوم تقضي على نفسها بنفسها، فالجمهور في اللحظة الراهنة يريد مبابي وليس زيدان، يتعلق بالشاب لامين يامال وليس ميسي، وهكذا هي المعادلة بالرغم من قسوتها، ولكنه الواقع.

لماذا خرج ميسي ورونالدو من أوروبا؟
ما فعله ميسي على سبيل المثال، وكذلك النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، هو قمة العقلانية والذكاء، فقد ابتعدا عن مستوى التنافسية المرهق بدنياً وذهنياً في أوروبا، وخرج رونالدو للدوري السعودي، وهو ليس بالدوري الضعيف ولكنه أقل حدة من الدوريات الكبرى في القارة الأوروبية بكل تأكيد.

كما قرَّر ميسي أن يتخذ نفس الخطوة، ويرحل إلى أميركا حيث الحياة الأكثر رفاهية، والدوري الأقل تنافسة، والأقل ضغوطاً، وأقر ميسي بذلك، حينما أشار إلى أنه سوف يمارس كرة القدم وفي نفس الوقت يستمتع بالحياة مع عائلته، ويحصل على ما يكفي من الراحة البدنية لكي يكون مستعداً للإستمرار مع منتخب بلاده دون ضغط بدني كبير.

لا أحد يبقى للأبد
نعم.. إنه نداء الجسد، وحكم الطبيعة الذي لا يمكن لشخص أن يتجاهله، حتى وإن كانت هناك ظواهر خارقة تتحدى هذه المعادلات، ولكنه تظل ظواهر استثنائية بكل تأكيد، والأمر لا يتعلق بالجانب البدني والذهني فقط، بل إن النجم الكبير يجب أن يحتكم لصوت العقل، ويترك الأضواء راضياً، ويستقبل حياته القادمة مستمتعاً، فلا أحد يبقى في قمة لياقته وصحته، ولا أحد يستمر تحت الأضواء للأبد.

كلمة أخيرة: "هي اليوم لك وغداً لغيرك، ولو دامت لغيرك فلم تكن لتصل إليك أبداً".