"إيلاف" من القاهرة: لمناسبة ذكرى وفاته، تلقي "إيلاف" الضوء على مسيرة الفنان الراحل عماد حمدي الذي لُقب بـ"فتى الشاشة الأول" لأكثر من 20 سنة، زذلك من خلال عرض مذكراته التي صدرت بتوقيع الناقدة إيريس نظمي قبل أكثر من 3 عقود، علماً أن الراحل سجلها قبل وفاته.
وفي الجزء الثالث من سيرته يتحدث "حمدي" عن فترة عمله "باش كاتب" في مستشفى "أبو الريش" وبداية علاقته واهتمامه بالسينما.

الباش كاتب
ويقول "حمدي": في اللحظة التي دخلت فيها مستشفى أبو الريش للمرةِ الأولى تدافعت الأحلام القديمة داخل عقلي. تذكرت حلمي القديم الكبير الذي لم أنجح بتحقيقه. وعاد إلى ذهني اليوم الذي أفصحت فيه عن رغبتي القوية للإلتحاق بمدرسة الطب العليا. وجاء اليوم الذي أتسلم فيه عملي الجديد في مستشفى أبو الريش. لقد دخلت مع هذه الوظيفة إلى العالم الذي أحبه وكنت أتمنى أن أقضي فيه كل سنوات العمر القادمة. لقد دخلته ليس كطبيب ولا كمريض، بل كموظف حسابات. وكم كنت أكره هذه الحسابات اللعينة وهذا اليوم الذي التحقت فيه بمدرسة التجارة العليا. لكن كان عزائي الوحيد أنني سأعيش وسط الأطباء والمرضى والأدوية وغرف العمليات. وأصبحت باش كاتب مستشفى أبو الريش. وتوثقت علاقاتي بسرعة مع زميلي سيد علي وأيضا مع الأطباء وخاصة الدكتور مصطفى الديواني الذي كان وقتها طبيباً شابا وكنت سعيداً بحب الاطباء لي.

قد تكون هناك بعض المناظر التي يراها البعض مؤذية ومؤلمة خاصة منظر جثث الموتى الممدة داخل المشرحة. ومشهد تسليم الأطفال اللقطاء الذين ليس لهم آباء وأمهات معروفون. لكني بالتاكيد كنت أستفيد وأتعلم وأضيف لنفسي خبرات إنسانية وعلمية جديدة. كنت أتابع بشغف زائد تصرفات الأطباء في المواقف المختلفة التي كان من المفروض أن أعيشها لو كنت نجحت في الإلتحاق بمدرسة الطب العليا. فدائماً ألاحظهم بدقة وهم يفحصون المرضى بل وكنت أحرص علي أن أكون قريباً منهم حتى داخل غرفة العمليات التي كانت فرجة ممتعة جداً لي. ولقد ساعدني على اقترابي منهم إجادتي الواضحة للغة الانجليزية التي كنت أكتب لهم بها معظم رسائلهم.


شغف الموسيقى
لكن عالم مستشفى "أبو الريش "الذي استهواني لم يبعدني عن الفن فعادة ما كنت اذهب لفرقة انصار التمثيل والسينما لكي أشبع هوايتي الفنية القديمة وإلى جانب التمثيل بدأت أعشق الموسيقى مثل أخي عبد الرحمن. والتحقت بمدرسة "تيجرمان" التي كانت يدرسنا فيها مدرسون قادمون من بولندا. علماً أن معظم الموسيقيين الكبار درسوا بها، الاستاذ عبد الوهاب نفسه استفاد منها. ولقد بدأت أدرس أبجدية الموسيقى بأصولها العلمية. وأصبحت أجيد العزف على البيانو وأفهم جيداً النوتة الموسيقية. بل وقررت أن أدرس الهارموني وتماديت في الأحلام عندما تصورت أنني أستطيع أن أكون أوركسترا أيضا. 
كان الجميع يشجعونني عندما يسمعون عزفي المتقن لمقطوعات بتهوفن وباخ وموزار. لكن ظروف العمل لم تساعدنِ كثيراً بعد ذلك على الإستمرار في التدريب الموسيقي. ومن يدري، ربما كنت سأصبح موسيقياً ناجحاً لوكنت واصلت التقدم في هذا المجال. لكنني أصبحت أكتفي بالسماع. ولم يكن يفوتني أي حفل موسيقي لأي فرقة أجنبية زائرة. كنت حائراً بين حبين حب الموسيقى وحب التمثيل. وكان يشاركني هواياتي الفنية صديقي صلاح ذهني. وهو غير الكاتب صلاح ذهني المعروف. وأذكر أني سألته له ذات مرة، ما رأيك يا صلاح لو نعمل معاً علي ترجمة بعض المسرحيات العالمية ثم نقدمها بعد ذلك للفرق المسرحية الكبيرة؟ فوافق قائلاً: ولكن لابد من البحث عن النصوص الجيدة. قلت لقد عثرت علي نصٍ مسرحي رائع جداً اسمه "الغوغاء" للكاتب المسرحي جون جالزورزي لقد اعجبني لدرجة أني أتمنى أن أترجمه. لكونه يضم شخصية مدهشة جداً تصلح لجورج بك أبيض. وبدأنا على الفور بترجمة المسرحية. لكن، صدر قرار بنقل صديقي صلاح للعمل في الفيوم. ورأيت الأسف علي وجهه وهو يقول "خسارة لن نستطيع أن نكمل ترجمة المسرحية". قلت معترضاً: لا بل لابد أن نكملها. فتساءل كيف؟ أجبته: أذهب إليك مرةً في كل اسبوع لزيارتك في الفيوم ثم تحضر أنت إلى القاهرة. وبهذه الطريقة يمكن أن ننجز العمل وننتهي من الترجمة في الوقت المحدد. وبدأنا ننفذ الإتفاق أذهب اليه مرةً في الفيوم ثم يحضر هو مرة إلى القاهرة. علماً أن الطريق الصحرواي لم يكن قد مهد وشق بعد، فكنت اذهب اليه عن طريقٍ آخر.

استوديو مصر
ومازالت أذكر ذلك اليوم الذي كنت أركب فيه السيارة المتجهة اإلى البدرشين حين شاهدت من نافذة السيارة المسرعة أعلاماً مرفوعة ذات الوان زاهية ومجموعة كبيرة من الناس يتحركون وسط الموسيقي ودقات الطبول وسألت الكمساري عن سر هذه الزفة العجيبة وتصورت أن هؤلاء الناس ليسوا سوي جماعة من الجماعات الصوفية التي تقدم مثل هذه العروض ذات الطابع الديني لكن الكمساري قال لي: "لا يابيه دا استوديو مصر بيعملوا حاجة مشاهد يعني فيلم وداد".
وانطلقت السيارة متجهه نحو الفيوم لكن عقلي ظل مشدودا الي استوديو مصر وبمجرد ان عدت الي القاهرة حتي بدات اسال كل من له علاقة بالفن عن استوديو مصر الذي أُنشئ بفضل جهود طلعت حرب باشا. وعدت اسأل عن العاملين باستوديو مصر ولفت انتباهي اسم الأستاذ محمد رجائي. فهو زميلي وتخرّج معي في مدرسة التجارة العليا. فقررت أن أذهب لمقابلته واستقبلني كما توقعت بحفاوة الزملاء الأعزاء. وسألني اين تعمل الآن؟ فأجبته: حالياً باش كاتب في مستشفى أبو الريش، لكن الفن يشغلني جدياً محمد. إنني أمثل بفرقة أنصار التمثيل كمحاولة لإشباع هوايتي الفنية القديمة التي تعرفها. لكني لم أحترف التمثيل حتى الآن وعدت أساله: "مفيش عندكم وظيفة خالية يا محمد"؟ أجاب: بلى. لدينا وظيفة رئيس حسابات قلت موافق. واندفعت في طريقي نحو مستشفى أبو الريش. وطرقت باب مدير المستشفى الدكتور إبراهيم باشا شوقي "أبو طب الأطفال في مصر". فهو يُعتبر هو والدكتور خليل عبد الخالق أشهر طبيبين في مجال طب الأطفال.
وقلت لمدير المستشفي الذي كان يشغل في نفسي الوقت منصب وكيل وزارة الصحة، سأعمل في السينما. قال سينما إيه يا ابني. صدقني ستندم بعد هذه الخطوة غير المحسوبة. لكنه عندما لاحظ إصراري الشديد على الإستقالة ورغبتي القوية في الإرتباط بالعمل السينمائي، قال لي: ربنا يوفقك يا ابني. وكان لابد أن تأتي تلك اللحظة المؤثرة التي أودع فيها الأطباء والممرضين والممرضات وعنابر المرضى وغرفة العمليات، وكل شبر في مستشفى أبو الريش. ولقد ودعت هذا العالم الذي العالم الذي أحببته بعد ثلاث سنوات قضيتها داخل هذا المستشفى الذي رأيت فيه الكثير وتعلمت منه أكثر.


إدارة الإنتاج
وعملت رئيسا للحسابات في استوديو مصر الذي كان يلتقي فيه كل فناني مصر المعروفين. لم يكن هناك في ذلك الوقت قطاع خاص سينمائي بالمعني الكامل فعدد قليل من الفنانين كانوا يمارسون الإنتاج السينمائي مثل بهيجة حافظ وبدر لاما، أما الباقين فكانوا موظفين من مهندسي الصوت والديكور وأيضاً المخرجين ومنهم أحمد بدرخان. لقد كانوا جميعاً موظفين في استوديو مصر. والطريف أن علاقتي بهم لم تبدأ كعلاقة فنية بالتعرّف عليهم من خلال الأرقام والحسابات وكشوف المرتبات الشهرية التي كان يجب أن أوقع عليها بحكم عملي كرئيس للحسابات. وكانت المرتبات تصرف فقط لفنيين وليس للممثلين لكن علاقاتي توثقت أكثر مع الفنانين عندما صدر قرار بنقلي من رئيس الحسابات إلى وظيفة أخرى جديدة. وهي مدير إنتاج. ودخلت التمثيل من باب الدعاية، وسعدت جداً بهذه الخطوة التي جعلتني أتعامل مباشرةً مع الفنانين والفنانات، وقربتني أكثر من فن التمثيل وأيقظت في داخلي الفنان الصغير الذي كاد يضيع وسط الأرقام والحسابات وكشوف المرتبات. وعاصرت إنتاج افلام كبيرة وهامة للفنان الكبير نجيب الريحاني وشاهدت من خلف الكاميرات كل ما يحدث أمامها وكل التفاصيل في العمل السينمائي داخل البلاتوهات وكان ذلك كافيا لإرضائي. فأنا كنت أسمع باستمرار صوتاً قادماً من أعماقي. ولقد كان صوت الممثل الذي بداخلي وهويناديني صارخاً: أريد أن أمثل، لكنني كنت أكبح جماح هذه الرغبة القوية في الوقوف أمام الكاميرا حتى لا تُفسر عليّ أنها استغلال لطبيعة عملي. وهكذا كنت أحاول تأجيل القرار.
وفي هذه الفترة تعرفت على عدد كبير من الفنانين والفنيين – نيازي مصطفي الذي كان يعمل "مونتيراً" وصلاح أبوسيف وكمال الشيخ اللذين كانا يعملان أيضا كـ"مونتيرين". أما حسن الإمام فكان عامل "كلاكيت" وأذكر أنه كان يتقاضي أجراً يوميا قدره 17 قرشاً. ولقد أثبت هذا الرجل أنه ليس عيباً أن يبدأ الإنسان صغيراً. فالمهم أنه كبر بعد ذلك. وأصبح من أشهر المخرجين وأنجحهم. وهذه هي الإرادة الحقيقية التي تستحق الإعجاب.

الإعلانات الطبية
واذكر أن وزارة الصحة طلبت في ذلك الحين تنفيذ بعض الأفلام التسجيلية التعليمية ذات الطابع الارشادي عن أخطار "البلهارسيا والإنكلستوما" بهدف عرضها علي الفلاحين في القري والارياف من خلال قوافل وزارة الصحة التي تذهب إلى الفلاحين لكي تنشر بينهم الوعي الصحي. ولم تكن وزارة الصحة هي الجهة الوحيدة التي تطلب تنفيذ هذا النوع من الأفلام الدعائية. بل كانت هناك أيضا إعلانات "الإسبرين". المهم أنه تم الإتفاق بيننا وبين وزارة الصحة على تنفيذ هذه الأفلام ذات الطابع الإرشادي التي تحذر المواطنين من عواقب الإصابة بـ"البلهارسيا والإنكلستوما". وتشرح لهم طريق الوقاية – وتم الاتفاق على أن يتولى مدير القسم الطبي الأستاذ رمضان خليفة مهمة كتابة سيناريوهات هذه الأفلام. ولقد كان عليّ أن أقوم أنا بمهمة مدير الإنتاج لهذه الإعلانات السينمائية. ومن أجل التوفير في ميزانية الإنتاج فكرت أن أشارك بالتمثيل في هذه الأفلام مجاناً وبدون أي مقابل، وبهدف واحد فقط هو التوفير في ميزانية الإنتاج.
وهكذا كان أول ظهور لي على الشاشة في هذه الأفلام التي تتحدث عن أخطار "البهارسيا والانكلستوما" وبدون أي أجر وكنت راضياً عن هذا النشاط الفني لأني أولا أساهم في تقليل نفقات الإنتاج وثانياً سأشبع هوايتي في التمثيل في هذه الأفلام التي سيراها جمهور الأرياف.


مديراً للتوزيع
وكان أبرز وأنجح الممثلين الشبان في ذلك الوقت حسين صدقي الذي حقق نجاحاً كبيراً في فيلم "العزيمة". ولقد كان أيضاً من الفنانين المعروفين بدر لاما ومحسن سرحان، وأنور وجدي الذي كان قد بدا في الظهور والانتشار. فقلت لنفسي أين سأجد نفسي وسط هؤلاء الفطاحل؟ واكتفيت بنشاطي في أفلام وزارة الصحة التعليمية وبعملي الأساسي كمدير للإنتاج. وكدت أقتنع تماماً بأن أحداً من المخرجين لن يفكر إطلاقاً بترشيحي لتمثيل أي دور كبير في فيلم روائي لسببين. أولاً، لأن ترشيح مدير الإنتاج سيسبب لهم كثيراً من الحرج والحساسيات. وثانياً: لأني كنت مغموراً إلى جانب الممثلين المعروفين. وثالثاً لأنني لم أكن أجروء إطلاقاً على مفاتحة أحد المخرجين في أمر ترشيحي لأحد الأدوار السينمائية حتى لو بقيت هكذا لسنواتٍ طويلة بدون تمثيل. فصبرت وصمت رغم ألمي النفسي . لكن الصبر فهو دائما مفتاح الفرج. وصدر قرار بنقلي إلى وظيفة أخرى كمدير التوزيع. وهكذا أصبح رئيس الحسابات مديراً للانتاج، ثم مديراً للتوزيع. وكانت السنوات تمر وأنا أعيش خلف الكاميرات مشغولاً بالحسابات والإنتاج والتوزيع ومحروماً من التمثيل أمام الكاميرا واستغرقني عملي الجديد كمدير للتوزيع وقتا طويلا. فقد كان استوديو مصر في ذلك الوقت هو أكبر موزع. لكن "نحاس فيلم" و"بهنا فيلم" كانا من المنافسين لنا. لكننا ظللنا في المقدمة رغم هذه المنافسة، فعندنا الاستوديو الخاص بالانتاج السينمائي ودار السينما المخصصة لعرض أفلامنا سينما استوديو مصر التي أصبحت أنا مديرها بالإضافة إلى إشرافي على سينما الأزبكية الصيفي.

ومضت أربع سنوات أخرى إلى أن كان ذلك اليوم الذي لا أنساه ذهبت كالعادة ومثل كل صباح إلى مكتب إدارة التوزيع الذي كان قائما في شارع توفيق بجوار مقهى أم كلثوم، وبعد انتهاء العمل فضلت أن أمر علي صديقي قاسم وجدي أول من ابتدع مهنة "الريجبسير" في مصر. وفي نفس المبنى كان يوجد استوديو محمد الطوخى للتسجيلات. وكان من عادتي أن أذهب بين حينٍ وآخر لزيارة الصديق قاسم وجدي لبضع دقائق أتناول خلالها فنجاناً من القهوة ونتحدث عادة عن الفن والفنانين.

لقاء الصدفة والسوق السوداء
وفي هذه المرة وجدت عنده عدداً من الضيوف، ولذلك فقد فضلت الإنصراف بسرعة، وأذكر أنه عرّفني على أحد الجالسين، قائلاً: الأستاذ كامل التلمساني. قلت: أهلا وسهلاً. وصافحته وانصرفت. لم أكن أعرفه ولم يكن يعرفنِ. فعملي الجديد في ادارة التوزيع أبعدني عن مبنى استوديو مصر الذي لم أعد اذهب إليه سوى مرة أومرتين في الشهر. وكدت أن أنسى ذلك اللقاء. لكن، في صباح اليوم التالي، رن الهاتف داخل مكتبي. وسمعت صوتاً يقول: انا كامل التلمساني قلت: أي خدمة؟ فأوضح: أنا مخرج وأستعد حالياً لإخراج فيلم بعنوان "السوق السوداء". ولقد رشحتك لدور البطولة، هل عندك مانع؟. فسألت نفسي بدهشة: عندي مانع؟ وأجبته: "طبعاً لا معنديش أي مانع". فأردف: "طيب، تعال أنا في انتظارك". وقبل أن أذهب إليه اتجهت نحو مكتب الصديق قاسم وجدي لكي أحكي له ما حدث، لكني وجدت عنده كل التفاصيل التي كان يجب أن أعرفها. كان كامل التلمساني في الأصل فناناً تشكيلياً قبل أن يتجه إلى السينما. عمل فترةً كمساعد مخرج، لكن المسيوفينو اقتنع به جداً، وقرر أن يساعده في تجربة الإخراج الأولي. وبدأ "التلمساني" بالبحث عن أبطال فيلمه الأول "السوق السوداء". ولقد رفض ترشيح معظم النجوم المعروفين. فقد أراد وجهاً مصرياً مائة في المائة لا يريد بطلاً وسيما أزرق العينين، بل يريد الملامح المصرية الصميمة، وهو ما لاحظه بشكلي عندما حدث اللقاء السريع بيننا.، ويبدو أنه اقتنع باني الوجه المصري الذي يبحث عنه. فأنا لست جميلاً أو وسيماً. لكنني مصري الملامح مثل الغالبية العظمى من الناس.
وذهبت الي المخرج وتحدثتنا طويلاً عن الفيلم وعن الدور، وعن أول أجر سأتقضاه عن التمثيل. ولقد كنت أتقاضى في ذلك الوقت من العام 1944 مرتباً شهرياً قدره ستون جنيها، وهو مبلغ كبير حسب ظروف ومقاييس تلك الفترة، وقال لي كامل التلمساني: لن نستطيع أن نكتب معك عقداً. فانت موظف في استوديو مصر، ولكن سنعطيك مكافاة عن تمثيلك لدور البطولة، وتحددت لي مكافاة قدرها مائتا جنيه. ولقد كان هذا أول أجر سينمائي أتقاضاه. وأيضا أول فرصة بطولة. وعرفت بعدها أن البطلة التي سأشاركها بطولة فيلم هي الممثلة التي اشتهرت بجمالها عقيلة راتب. فلقد كانت جميلة كالبدر. وعندها قال المخرج بحزم:غداً يا عماد سنبدأ التصوير.

ملاحظة: تتابع إيلاف نشر سلسلة المذكرات الشخصية للفنان الراحل "عماد حمدي" تباعاً ويومياً حتى الحلقة الحادية عشر. علماً أنها عملت جاهدة على الإختصار لمدوناته الطويلة.
(يمكنكم قراءة الحلقتين الأولى والثانية عبر النقر على العناوين بالأزرق إلى الشمال أعلاه تحت عنوان "مواضيع ذات صلة")