"إيلاف" من القاهرة: أثار تقرير لجنة المشاهدة التابعة للجنة الدراما والتي أسسها المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام حالةً من الجدل في الأوساط المصرية. خاصةً بعدما رصدت اللجنة بعض العبارات والألفاظ في الحلقات الأولى من الأعمال الدرامية باعتبارها مسيئة وغير لائقة. في وقتٍ تجاهل بعض صنّاع هذه الأعمال التعليق. وكتب مؤلفو هذه الأعمال تدوينات ساخرة من التقرير الذي اعتبر ألفاظاً دارجة في الشارع بأنها خادشة للحياء وغير مناسبة. "إيلاف" استطلعت رأي عدد من الخبراء المختصين في الاعلام حول هذ الضجة.

تأييد وجود معايير
وقالت الدكتورة منى الحديدي أستاذ الإذاعة والتلفزيون أنها تؤيد وجود معايير يتم تطبيقها على الدراما والإعلانات. خاصةً وأنها تؤثر بشكلٍ مباشر على عقلية المتلقي. مشيرةً إلى أن المجلس القومي للمرأة رصد في العام الماضي على سبيل المثال نحو ألف مشهد تعرّضت فيه المرأة للعنف في الأعمال الدرامية، وهو ما يؤثر سلباً على المجتمع.
وأضافت الحديدي أنه ليس مطلوباً من الدراما وصنّاعها إنكار الواقع، ولكن المطلوب منهم هو التعامل مع الواقع بإيجابياته وسلبياته. وهذا الأمر مهم للغاية، حتى تكون الأعمال هادفة وليست لملء&ساعات البث التلفزيوني فقط .مؤكدة على أن هناك دور كبير يجب أن تلعبه الأجهزة المعنية في هذا السياق.
وأشارت إلى ضرورة أن يكون هناك معايير اخلاقية تكون مفروضة على جميع الأعمال ولا يحدث استثناءً فيها. بل ترتبط&بأخلاق للمجتمع المصري. مشيرةً إلى أن الدراما تلعب دوراً كبيراً في تشكيل قناعات الأفراد حتى الآن، وهذا الدور لابد من استغلاله بالشكل الأمثل.

&



سبب الخلل
من جهته، قال الدكتور حسن عماد مكاوي عميد كلية الإعلام الأسبق أن دور المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تنظيمي وليس رقابي. مشيراً إلى أن القانون أسند الدور الرقابي لهيئة الرقابة على المصنفات الفنية والتي يجب أن تقوم بدورها فيما يتعلق بالأعمال الدرامية والسينمائية.
وأكد&أن ما كان يحدث قبل سنوات عندما كانت غالبية الأعمال من انتاج التليفزيون المصري هو خضوع المسلسلات للجنة المشاهدة التي كانت تقرر في بعض الأحيان حذف مشاهد من العمل لكن في الوقت الحالي أصبح الإنتاج الرئيسي من الدراما قائماً على الشركات الخاصة وجهات العرض. وهي بمعظمها قنوات خاصة وبالتالي تكون الرقابة هي وحدها المسؤولة عن الأعمال.

ولفت إلى أن هناك ما يشبه التوافق على الإطار الأخلاقي العام للأعمال الدرامية باعتبار أنها تختلف عن السينما بسبب وصولها لكل بيت. لكن في الوقت الحالي لم يعد هناك التزاماً من الكتاب وصنّاع الأعمال الدرامية بهذا الأمر باستثناءاتٍ قليلة. وهو ما يتطلب بحثاً في الأسباب ومعالجتها.

&



تطور طبيعي&
بدوره يرى الناقد أحمد عبد الرازق أن ما يحدث في الدراما أمر طبيعي مرتبط بالتطورات التي حدثت في الشارع المصري خلال السنوات الماضية. لافتاً إلى أن من يعترض على بعض الألفاظ المستخدمة في المسلسلات ليس مرتبطاً بالواقع بل يتحدث وكأنه ينفصل عن المجتمع.
وأضاف أنه ليس مطلوباً من الكتاب والمنتجين أن يسيروا جميعاً على نفس النهج وأن يقدموا نفس المحتوى. وإلا ما فائدة التنوع في تقديم الأعمال المختلفة؟!&
وأكد عبد الرازق أن مشكلة القائمين على ادارة الملف في الهيئة الوطنية للإعلام هو نظرتهم التي يمكن ان توصف بأنها متدنية لكل ما يخالف ما نشأؤوا عليه وشاهدوه دون النظر لمتغيّرات العصر الذي نعيشه والإيقاع السريع للحياة الذي فرض ليس فقط أسلوباً مختلفاً على العمل ولكن أيضا عيّر العلاقات ولغة التواصل بين الاشخاص.

&

&

أزمة ضمير&
رئيس لجنة الدراما السابق المخرج محمد فاضل أكد أن ما يحدث في الدراما في الوقت الحالي ارتبط بالمشهد الفوضوي الذي نشأ من بعد عام 2011. مشيراً إلى أنه عندما حاول التصدي لهذا الأمر في العام الماضي تعرّض لانتقاداتٍ شديدة، وتمت مهاجمته، وهو ما يتكرر هذا العام.
وأضاف أن الأزمة التي تواجهها الدراما هي أزمة ضمير، مشيراً إلى أنه من الضروري أن يكون هناك مشاهدة للأعمال الدرامية قبل إجازة عرضها وأن يتم وضع ضوابط تضمن الإلتزام بالمعايير الاخلاقية وعدم تقديم مشاهد او الفاظ خادشة للحياء كما نشاهد في الأعمال.

وعليه، يبدو أن الجدل سيبقى قائماً، فيما تُصوّب الأنظار&على فعالية هذا التقرير وقوة مقرارته. فهل سيتم تلطيف القوانين المرعية الإجراء وتعديلها لتواكب العصر، أم سيبقى الحساب نقداً مكتوباً بالحبر على الورق؟!