وجابت أجهزة الروبوت الطائرة السماء في دوريات، بينما كانت المركبات ذاتية التوجيه تتحرك على الأرض مدفوعة بتوجيه ذاتي دون قائد.

وسرعان ما أصبح هذا التفكير المستقبلي أمرا واقعا.

ولحسن الحظ، قد تصبح تلك الروبوتات الطائرة قريبا مكونا مهما في حياتنا بدلا من إبادة البشر. وقد يمكن استخدامها في تشييد ناطحات السحاب باستخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد، ونقل شحنات عبر المدن، ورش المحاصيل الزراعية، أو المساعدة في العثور على البشر العالقين داخل المباني.

طائرات لوكهيد مارتن بدون طيار بنظام أريس يمكنها حمل حاويات لشركات مختلفة وتوفير الوقت في نقل المنتجات والشحنات

الحرب والسلام

أنتجت شركة لوكهيد مارتن الأمريكية مروحية كبيرة الحجم بدون طيار، قادرة على القيام بمهامها سواء من خلال التوجيه الذاتي أو التحكم بها عن بعد. واستخدمت تلك الطائرات من قبل في مناطق الحروب، لكنها الآن تستخدم بشكل متزايد في الأغراض المدنية، سواء في مقاومة الحرائق أو نقل شحنات ثقيلة أو التنقيب عن النفط.

وتستطيع طائرات تابعة للشركة ذاتها تعمل بنظام يعرف بـ"Ares" الهبوط والإقلاع مثل المروحيات العادية، وفي نفس الوقت التحليق بسرعة الطائرات العادية. ويشير أندي هورلر، المدير الجديد لتطوير الأعمال في لوكهيد مارتن، إلى أنه يمكن استخدام هذه المروحيات في الكثير من المهام، "مثل نقل الأشخاص أو حمل الطرود أو المساعدات الطبية."

ويمكن لخدمات الإطفاء والشرطة والإسعاف استخدام هذه الطائرات، هورلر. ومن المخطط إجراء اختبارات الطيران على طائرات نظام "Ares" الشهر المقبل.

وحظيت شركة أمازون باهتمام كبير بعد الكشف عن خططها تسليم المنتجات باستخدام طائرات بدون طيار، لكن الحكومة اليابانية اختبرت عمليات تسليم بضائع بطائرات بدون طيار في مدينة تشيبا.

وحملت هذه الطائرات خمور ولبن من مناطق مختلفة بالمدينة إلى شركات ومبان سكنية وحدائق. كما بدأت سنغافورة مؤخرا تجربتها الخاصة في تشغيل طائرات بدون طيار بالتعاون مع شركة أيرباص.

التعاون

واختبرت لوكهيد مؤخرا طائرة هليكوبتر بدون طيار يمكنها حمل وإسقاط مركبات ذاتية القيادة للقيام بمهام إعادة الإمداد. ويقول هورلر :"كان يمكن استخدام هذا النوع من التعاون أثناء أزمة إيبولا الأخيرة، في غرب أفريقيا."

ويتوقع الدكتور ميركو كوفاتش وفريقه في قسم علم الطيران في إمبريال كوليج في لندن أن تستطيع الطائرات بدون طيار التواصل مع بعضها البعض. ويقول "سوف تشعر بالبيئة وتستكشف جودة المياه ومستويات التلوث، وتستجيب للحالات الطارئة، وتستكشف البنى التحتية والمباني."

كما أنها ستستخدم أيضا في اكتشاف وإصلاح أماكن تسرب الغاز في خطوط الأنابيب الطويلة وصيانة المباني ويمكنها أيضا المشاركة في تشييدها.

 

الطائرات بدون طيار المزودة بطابعات ثلاثية الأبعاد يمكنها تشييد أبنية وإطلاحها بعد تحميلها بمواد بناء مختلفة

مرمى البصر

وتبدي هيئات حكومية قلقها من تحليق الطائرات بدون طيار في الأماكن التي لا يجب الطيران فوقها، خاصة بالقرب من المطارات. لكن شركة يوافيا الفرنسية طورت تكنولوجيا خاصة تسمح بالتحكم في الطائرات بدون طيار عن بعد.

وفي التجارب الأخيرة استطاعت الشركة التحكم في طائرة تحلق فوق مدينة سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة من قاعدتها الموجودة في باريس. وقال كليمنت كريستومانوس، أحد مؤسسي يوافيا ورئيسها التنفيذي :"نعمل حاليا مع شركات كبيرة في فرنسا وسوف نطلق المجموعة الأولى من المنتجات في وقت لاحق هذا العام."

وأضاف :"تطير العديد من الطائرات بدون طيار كل يوم تقريبا في اختبارات أولية، وتحلق هذه الطائرات في أماكن الأبحاث والاختبارات ويجري التحكم بها من مقراتنا التي تبعد 500 كيلومتر في باريس، باستخدام كمبيوتر محمول وتطبيقاتنا على الإنترنت."

وتوفر التكنولوجيا للشركات إمكانية إجراء عمليات تفتيش على كابلات الكهرباء وأنابيب الغاز أو شبكات البنى التحتية الأخرى بتكلفة أقل من الموجودة حاليا بكثير.

الحوسبة السحابية والتحكم في الطائرات بتطبيقات الكمبيوتر سمح لشركة يوافيا بالتحكم في طائرة بدون طيار فوق أمريكا من قاعدتها في باريس

مشكلة الطاقة

لكن حتى يصبح استخدام هذه الطائرات أمرا واقعيا، يجب تخطي العديد من التحديات. وتعد مشكلة الطاقة أحد أبرز تلك التحديات. ويجب إيجاد طريقة تسمح باستمرارية حصولها على الطاقة حتى تستطيع البقاء محلقة لفترات طويلة.

وعندما تبدأ الطائرات بدون طيار في حمل حمولات ثقيلة، فإن وقت الرحلة سينخفض بصورة كبيرة. لذلك طورت شركة انتلجنت إنيرجي البريطانية بطارية وقود هيدروجين تمكنها من التحليق لأكثر من ساعتين في المرة الواحدة.

وتطور شركتا غوغل وفيسبوك "طائرات بدون طيار لتقديم خدمات الإنترنت اللاسلكي "واى فاى" ويمكنها البقاء محلقة في الهواء لفترة طويلة باستخدام الطاقة الشمسية وبطاريات كهربائية قابلة للشحن.

إدارة المرور

وقود الهيدروجين أحدث الطرق لتوفير مصدر طاقة ممتد للطائرات بدون طائرات يمكنها التحليق لساعتين

 

وتتعلق المسألة الكبرى الأخرى بكيفية تنظيم طيران تلك الطائرات، وكيفية تحليقها في الأجواء بدون التصادم مع بعضها البعض واحتمال تعريض البشر في الأسفل للخطر.

ويهدف مشروع إدارة مرور نظام طائرات بدون طيار UTM التابع لوكالة ناسا الأمريكية للفضاء، مراقبة وتوجيه تحليق الطائرات على ارتفاعات منخفضة دون الحاجة لبشر يتحكمون بها.

وقام مشغلو وكالة ناسا وإدارة الطيران الفيدرالي الأمريكي بتشغيل 22 طائرة بدون طيار في وقت واحد باستخدام إدارة مرور نظام طائرات بدون طيار.

وأثناء الاختبارات كان هذا النظام قادرا على التعرف على الطائرات الافتراضية والحقيقية والاستجابة بإرسال رسائل وتحذيرات للطائرات بدون طيار.

وفي الوقت الذي تتطور فيه سريعا تكنولوجيا "الاستشعار والتجنب" سيحتاج المنظمون للكثير من الإقناع قبل السماح للمركبات الطائرة بالتحليق فوق المناطق السكنية.

لكن هذا الأمر لم يمنع من إقبال المستثمرين بقوة على هذا القطاع.

ناسا أجرت تجارب لتحليق 22 طائرة في وقت واحد

وبلغت قيمة سوق الطائرات بدون طيار التجارية حاليا أكثر من 127 مليار دولار، بحسب دراسة أجرتها شركة المحاسبة بي دبليو سي، ويضم هذه السوق صناعات البنية التحتية والزراعة والنقل.

وأصدرت إدارة الطيران الفيدرالي الأمريكية أكثر من 3100 تصريح تجاري لطائرات بدون طيار، ويمكن للمركبات الجوية غير المأهولة القيام برحلات تجارية في 50 ولاية أمريكية وكذلك في بورتريكو.

وبناء على ما سبق فإننا قد نسمع أزيز أجهزة الروبوت الذكية الطائرة في طريقنا أينما نذهب في وقت أقرب مما نعتقد.