يرتفع معدل ضغط الدم أثناء النوم أكثر من معدله خلال النهار، وهذا سبب ظاهرة كثرة السكتات الدماغية التي تصيب الإنسان مساء. لذلك تنصح دراسة إسبانية جديدة بتعاطي العقاقير الخافضة لضغط الدم قبل النوم مباشرة.

إيلاف من برلين: يختلف الأطباء منذ عقود حول موعد تناول الأدوية المناهضة لارتفاع ضغط الدم. فبينما يفضل البعض تناولها نهارًا، ينصح البعض الآخر بتعاطيها قبل النوم.&

تفادي الجلطات والسكتات
وتشير الدراسة، التي أجراها فريق من العلماء، من جامعة فيغو الإسبانية، إلى أن مضاعفات ضغط الدم على القلب والدماغ تنخفض 50 % عند تعاطي هذه الأدوية مساء، عند مقارنتها بالأفراد الذين يتعاطون العقاقير نفسها نهارًا.

من المنطقي أن يحبذ رامون هيرميدا وفريق عمله، من جامعة فيغو، تعاطي الأدوية الخافضة لضغط الدم مساء، لأن العديد من عوامل حصول السكتات الدماغية وجلطات القلب تحدث ليلًا. هذا يشمل انقطاع النفس بسبب الشخير، وتعرّض الإنسان لكوابيس ترفع ضغط دمه وهو نائم، وضجيج المدن الذي ثبت أنه يؤثر مساء أثناء النوم بشدة على صحة الناس.

يبدو أن قياس ضغط دم الإنسان في العيادات والمستشفيات أثناء النهار، وهو التقليد الصحي السائد، هو سبب التغاضي عن خطر ضغط الدم المسائي. يقول الدكتور هيرميدا إنه قاس ضغط الدم عند الناس مساء أثناء النوم، فوجد أن معدله يزيد بشكل واضح عن معدله أثناء النهار.

تجارب ميدانية
كتب هيرميدا في مجلة "أوير هيلث" الإلكترونية أن معدل ضغط الدم مساء لم يكن أعلى من معدله في النهار فحسب، إنما كانت مخاطر المضاعفات القلبية والدماغية أكثر.

أجرى فريق العمل دراسته على أكثر من 18 ألف مريض بالغ من زوار 40 مركزًا طبيًا في إسبانيا. كان 15600 مريض منهم يعانون من ارتفاع ضغط الدم قبل إجراء الدراسة، و10 آلاف منهم لم يخضعوا للعلاج بالأدوية الخافضة لضغط الدم بعد.

عمل فريق العمل على وقف المشاركين في الدراسة عن تعاطي الأدوية الخافضة لضغط الدم لفترة تسبق التجربة، ثم جعلوا البعض يتعاطى هذه الأدوية مساء، والبعض الآخر يتعاطاها نهارًا.

دامت الدراسة سنوات عدة، وكان الأطباء يقيسون ضغط دم المشاركين في المساء أثناء النوم بوساطة أجهزة الكترونية طوال 48 ساعة كل مرة، وقياسه في النهار بمعدل ثلاث مرات في اليوم في العيادات.

كان المشاركون من الجنسين من عمر 59 سنة كمعدل، ومن مؤشر جسم - كتلة يبلغ كمعدل 29، وكانت نسبة 43% منهم تعاني من السمنة بدرجات مختلفة. في حين كانت نسبة 21% منهم تعاني من السكري، ونسبة 9% عانت في السابق من مضاعفات تتعلق بالدورة الدموية.

50 % مضاعفات أقل
سجل الأطباء معدلات ضغط الدم، الانقباضي والانبساطي، لدى المشاركين طوال الفترة بين 2008 و2015، كما تابعوا أوضاعهم الصحية لفترة تزيد على السنة بعد التجربة.

كان الفرق واضحًا جدًا بين المرضى الذين تعاطوا الأدوية الخافضة لارتفاع ضغط الدم في المساء قبل النوم، والمرضى الذين تناولوا الأدوية في النهار. فكانت المضاعفات القلبية التي تعرّض لها الفريق الأول تقل 50% عن المضاعفات التي تعرّض لها أفراد الفريق الثاني.

تعرّض خلال هذه الفترة 13% من المشاركين لمضاعفات قلبية ومضاعفات دورة دموية ودماغية مختلفة، و7% تعرضوا لمضاعفات خطيرة، تمتد بين الجلطة القلبية والسكتة الدماغية وعجز القلب وانسداد الأوعية الدموية القلبية.

تتأزم نهارًا
من جديد كان ارتفاع ضغط الدم الانقباضي أقل بـ9 ملم زئبق كمعدل لدى الذين تعاطوا الأدوية الخافضة لضغط الدم مساء، بالمقارنة مع الذين تعاطوا هذه الأدوية نهارًا. وهذا انسجم مع حقيقة أن الذين تعاطوا الأدوية نهارًا تعرّضوا لمشاكل صحية مضاعفة قياسًا مع الذين تعاطوا الأدوية قبل النوم.

عمومًا كان ضغط دم المشاركين في الدراسة في المساء أعلى بشكل واضح من معدل ضغط دمهم أثناء قياسه في العيادات نهارًا.

وتوصل الباحثون أيضًا إلى أن انحرافًا عن معدل ضغط الدم الانقباضي مساء بدرجة واحدة يرفع مخاطر مضاعفات القلب والدماغ بنسبة 34%. هذا في حين أن الانحراف عن المعدل بدرجة واحدة في ضغط القلب الانقباضي في النهار ارتبط بزيادة هذه المخاطر بنسبة 19 من 20% فقط. وكانت هذه المضاعفات عمومًا أقل لدى الذين تعاطوا الأدوية قبل الذهاب إلى السرير.

خطر الضجيج المسائي
جدير بالذكر أن الضجيج المسائي يرفع ضغط الدم أثناء النوم، ويفاقم أمراض القلب والدورة الدموية أكثر من الضجيج النهاري، وهذا ما يبرر بدوره تناول الأدوية الخافضة للضغط مساء.

وأعلنت دائرة البيئة الاتحادية الألمانية، حسب دراسة جديدة شملت 4115 مريضًا من 32 عيادة ومستشفى، أن الضجيج يزيد مخاطر جلطة القلب عند الرجال العاملين في الأماكن الضاجة بنسبة 30%. وتنخفض هذه المخاطر بشكل ملحوظ بين الرجال الذين يعملون في ظروف ضجيج متوسط من تردد 65 ديسبل (وحدة قياس الضجيج).

النساء يتأثرن أكثر
تزداد مخاطر جلطة القلب على الجنسين، حينما يتعرّضون لضجيج مسائي مستمر. على هذا الأساس ترى الدراسة أن ضجيج الطيران المسائي أخطر بكثير من غيره على حياة المقيمين قرب المطارات. ولاحظ الباحثون أن تعرّض المرأة لمضاعفات الضجيج في المناطق السكنية أقل من تعرّض الرجل، إلا أنهم لم يتمكنوا من تشخيص أسباب واضحة لهذا الفرق.

وسبق للعالم روبرت كوخ (مكتشف عصيات السل) أن تنبأ، بحسب معطيات معهد روبرت كوخ في برلين، بأنه سيقع على الطب يومًا أن يتصدى لأمراض الضجيج، كما يتصدى للطاعون والكوليرا.