حثت الشرطة في بريطانيا النساء على عدم استخدام هواتفهن المحمولة أو وضع سماعات الأذنين أثناء المشي في الشوارع، وتجنب الطرقات المعتمة، وذلك بعد سلسلة اعتداءات جنسية طالت نساء في شمالي لندن خلال الأشهر القليلة الماضية.

لكن هذا التعليق الصادر عن شرطة العاصمة "متروبوليتان" أصبح موضع انتقاد بين ناشطات محليات اعتبرنه مطالبة للنساء بتغيير أسلوب حياتهن بدلا من توجيه الرسائل للمعتدين.

كتيب ينصح الفتيات بعدم لبس "ثياب مستفزة" يثير غضبا في بولندا

ومنذ شهر&فبراير، تعرضت 10 نساء كن يسرن بمفردهن في منطقة كريكلوود في شمال-غرب لندن لاعتداء جنسي. وقالت الشرطة إن معظم المعتدين اقتربوا من النساء، وحاولوا التحدث إليهن، ثم قاموا بالاعتداء الجنسي عليهن.

وإثر إعلان الشرطة عن هذه الاعتداءات، نصحت الشرطة النساء بالحفاظ على سلامتهن الشخصية -الأمر الذي أثار كثيرا من الانتقادات.

واعتبرت ناشطات أن هذه النصائح من قبل الشرطة ضمن ثقافة "لوم الضحية"، وأن المجتمعات ليس فقط في بريطانيا بل في كثير من المدن في أنحاء العالم تتجه إلى توجيه نصائح تتعلق بثياب المرأة وأوقات العودة من المنزل بدلا من معالجة أصل المشكلة أو القاء اللوم على المعتدين.

وجاء في تصريح الشرطة: "أناشد النساء في تلك المنطقة بالانتباه أثناء المشي خاصة إن كن وحدهن. دائما اخترن المشي في الطرق المضاءة جيدا. وإن أمكن أخبرن شخصا عن وقت عودتكن إلى البيت وعن طريق العودة ودائما انتبهن إلى ما يحيط بكن. لا تستخدمن سماعات الأذنين أو الأجهزة المحمولة باليد".

هل هذه نصائح عملية وعالمية؟

الناشطة جيسكا إيتون، وهي باحثة في مجال علم النفس ولوم الضحية وتعد لرسالة الدكتوراه، وصفت نصيحة الشرطة بالـ "سخيفة" و"عديمة الفائدة". وقالت: "سماعات الأذنين لا تغتصب النساء ولا التنانير القصيرة ولا الشوارع المظلمة ولا الملاهي الليلية ولا المشروبات الكحولية ولا الثياب المدرسية".

ومؤخرا أفاد تقرير صدر حديثا بأن أكثر من ثلث التلميذات في بريطانيا يتعرضن للتحرش الجنسي في الأماكن العامة وهن يرتدين الزي المدرسي. وأضافت جيسكا إيتون: "سمّ الفاعلين. سمّ المشكلة. لا يمكن المساعدة ما لم نعرف المشكلة أولا".

وقالت إنها لمست "نفاقا" في رسالة الشرطة بخصوص الاعتداءات الجنسية، موضحة: "عندما يكون هناك عمل إرهابي تقول الحكومة والشرطة وشخصيات عامة ' لن نغير طريقة حياتنا، لن نغير سلوكنا.. سنستمر بحياتنا على نحو عادي لأننا نستحق مجتمعا آمنا ' ".

وأضافت: "لكن عندما تغتصب النساء ويعتدى عليهن فإن الحكومة والشرطة والشخصيات العامة تقول ' أيتها النساء غيرن سلوككن ' . لماذا يفترض أن تغير النساء حياتهن وسلوكهن."

"أنا امرأة ناضجة. لا أحتاج لمرافق"

وبعد نشر تصريحات الشرطة، انتقد كثير من مستخدمي موقع التواصل الإجتماعي تويتر هذه التصريحات على نحو مشابه.

وكتبت جوزيفين ليبتروت على حسابها على تويتر: "أيتها النساء! لا تشربن الكحول، لا تغازلن الرجال، لا تعدن للمنزل بمفردكن، لا ترتدين تنانير قصيرة، لا تستخدمن سماعات الأنين، لا تتكلمن على التليفون المحمول. ماذا عن.. أن تقولوا ولو لمرة واحدة.. للرجال ألا يهاجمننا...سئمت من لوم ضحايا الاعتداءات. عنف الرجال ضدنا ليس خطؤنا".

لكن شارلوت جيمز (28 عاما) وهي مديرة تسويق علقت قائلة "متأكدة أن الشرطة قالت هذه العبارات بحسن نية". وأضافت: "لكن مثل هذه النصائح تخلق ثقافة من الخوف - ليس فقط للنساء".

كما قالت: "إنها تعني أن يخاف الناس من الخروج مساء أو أن يتجنبوا ارتداء ثياب قد يعتبرها المجتمع مستفزة"، مضيفة: "أنا امرأة ناضجة. لا أحتاج لمرافق. مثل هذه النصائج تتدخل بسلوك الأبرياء بدلا من التعامل مع المجرمين".

من جانبها، قالت الخبيرة القانونية سيبون تاتوم على تويتر إن النساء غالبا ما يضعن سماعات الأذنين لصرف نظر الرجال عنهن خاصة في وسائل النقل العامة. وقالت الشرطة لبي بي سي إنها كانت تقدم "نصيحة سلامة شخصية تنطبق على الجميع، وحثت الجميع لتفقد موقعها على الإنترنت.

وكتبت ماري ثرو على صفحتها على فيسبوك: "في العالم الطوباوي الذي لا وجود له، ليس على الناس اتخاذ مثل هكذا إجراءات. لكننا لا نعيش في عالم مثالي".