ماي ستواصل مشاوراتها في بروكسل
Getty Images
ماي ستواصل مشاوراتها في بروكسل

اهتمت صحف عربية بنجاح رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي في اجتياز تصويت حجب الثقة عنها في حزب المحافظين الحاكم. وحصلت ماي على 200 صوت من نواب الحزب في مقابل 117، وهو ما سيمكنها من البقاء في منصبها زعيمة للحزب لمدة عام على الأقل.

وأجرى حزب المحافظين التصويت بناء على طلب 48 نائبا بسبب غضبهم من إدارة ماي لمفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي.

"مقامرة كبرى"

وتحت عنوان " بريطانيا .. ماذا بعد محاولة الانقلاب على ماي؟"، يقول عثمان ميرغني في "الشرق الأوسط" اللندنية "كل الأبواب تكاد توصد أمام ماي المحاصرة بأزمة ملف خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي (بريكست) التي دفعت بريطانيا نحو واحدة من أخطر مشكلاتها منذ الحرب العالمية الثانية"، مضيفاً أن محاولة الإطاحة بماي "تعيد إلى الأذهان الانقلاب الذي قاد إلى الإطاحة بمارغريت تاتشر قبل 28 عاماً".

ويضيف الكاتب "الواقع أنه بغض النظر عن النتيجة التي آل إليها تصويت أمس، فإن الأمر المؤكد أنه لن يغير حقيقة أن البلد في أزمة خطيرة تزداد سوءاً مع كل يوم يمر ويقترب فيه موعد الخروج من عضوية الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (آذار) المقبل، من دون أن تتبلور رؤية واضحة واتفاق بين السياسيين حول كيفية هذا الخروج وترتيباته وتبعاته".

ويقول ميرغني "حتى اللحظة، لا يستطيع أحد أن يجزم بالمنحى الذي ستأخذه الأمور، وهو ما يزيد في عمق الأزمة التي جعلت بريطانيا مثل راكب في قطار منفلت يندفع بسرعة هائلة نحو مصير مجهول بينما المسؤولون عن توجيهه يتجادلون".

وفي "الأخبار" اللبنانية، كتب سعيد محمد مقالاً بعنوان "المحافظون أنقذوا تيريزا ماي في مقامرة كبرى"، يقول فيه إن نتيجة التصويت "لا تشبه الانتصار في شيء، إذ إن ماي استنفدت كافة أوراقها في محاولة إدارة ملف البريكست، وانتهت إلى طريق مسدود بمشروع اتفاق هزيل يرفض الأوروبيون التراجع عنه ولا ترغب فيه أي من القوى السياسية الفاعلة، بما فيها ثلث نواب حزبها".

ويضيف محمد "ولعل المحافظين بخيارهم تعويم ماي يدفعون بالأمور دفعاً إلى ساحة التأزم في البرلمان، إذ إن حزب العمّال المعارض قد يلجأ إلى تقديم مشروع قرار للتصويت من جديد على الثقة بالحكومة، وهو ما قد يسبّب خسارة الحزب الحاكم للأغلبيّة وحكماً الدعوة إلى انتخابات عامة، تقول كافة الاستطلاعات إنها ستنقل مفاتيح 10 داونينغ ستريت (مقر رئاسة الوزراء) إلى جيب جيريمي كوربن، الزعيم اليساري لحزب العمال".

" أزمة غياب القائد"

كما ربط عدد من المعلقين بين أزمة مظاهرات السترات الصفراء التي تواجه فرنسا وأزمة ماي مع حزبها ومع البرلمان البريطاني فيما يتعلق باتفاقية البريكست.

ففي الجريدة ذاتها، يقول عبدالله السناوي إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وماي يجمعهما "المصير الغامض"، مضيفاً أنه في الوقت الذي كان فيه ماكرون يلقي خطابه الأخير "كانت ماي تواجه موقفاً لا يقل صعوبة، يتقرر على أساسه مستقبلها السياسي".

ويضيف السناوي "أزمة بريكست مثل احتجاجات السترات الصفراء، أكبر مما هو ظاهر على السطح، وأخطر من مصير رئاستي ماكرون وماي".

هل يمكن أن تقنع ماي الاتحاد الأوروبي بمنحها المزيد؟
Getty Images
هل يمكن أن تقنع ماي الاتحاد الأوروبي بمنحها المزيد؟

ويقول خيرالله خيرالله في "المستقبل" اللبنانية "عندما تمر ديموقراطيتان عريقتان هما بريطانيا وفرنسا بما تمرّان به، لا يعود شكّ بأنّ هناك أزمة قيادات في هذا العالم. فما يحدث في بريطانيا حيث ضياع كامل مستمر منذ ما يزيد على عامين نتيجة الاستفتاء على الخروج من الاتحاد الأوروبي يعكس قبل أي شيء آخر حال الفراغ السياسي في بلد كان في الماضي امبراطورية لا تغيب عنها الشمس".

ويضيف خيرالله "باختصار شديد، تبدو أزمة بريطانيا أزمة غياب القائد الذي يستطيع اتخاذ قرارات جريئة من نوع القول للبريطانيين إن الاستفتاء كان خطأً، وإن المملكة المتحدة غير قادرة على الخروج من الاتحاد الأوروبي".

ويقول الكاتب "أرادت تيريزا ماي تقمّص شخصية المرأة الحديدية مارغريت تاتشر، فانتهت إلى امرأة تبحث فقط عن كيفية البقاء في موقع رئيس الوزراء".

ويضيف خيرالله أن الأيام القليلة المقبلة ستكون حاسمة لماي "فالأكيد أن مستقبلها بات محسوماً. كانت قادرة على أن تكون الشخص الثاني في أيّ حكومة ناجحة، لم تستطع أن تكون مارغريت تاتشر أخرى في أيّ وقت من الأوقات. إنها أزمة غياب القائد قبل أيّ شيء آخر".