توافرت حتى الآن شكوك ومؤشرات إلى علاقة توتر الحياة اليومية والعمل بمخاطر الإصابة بالسرطان، إلا أن دراسة صينية جديدة تقول إنها أقامت الدليل على ذلك.
&
إيلاف من برلين: أصبح التوتر في العمل وفي العائلة وفي الجامعة من أمراض العصر الأكثر انتشارًا في السنوات الأخيرة. ويصيب التوتر النساء أكثر من الرجال. وكشفت دراسة لشركة التأمين الصحي التقنية في ألمانيا أن التوتر ينتشر بين الإناث بنسبة 5.8 في المئة بين الطالبات، و3.45 في المئة بين العاملات والموظفات.

علاقة مباشرة
أصبح مؤكدًا أن التوتر يضر بالوضع النفسي للإنسان، ويقلل مناعته الجسدية، ويجعله أكثر عرضة للأمراض المختلفة. إلا أن العلم يقف، في معظم الحالات، مكتوف اليدين، حينما يتعلق الأمر بكيفية حصول هذا التأثير من الناحية البيولوجية الجزيئية.

تشير دراسة صينية إلى علاقة مباشرة بين التوتر المستمر في العمل والحياة بنوعين من الأمراض السرطانية، وعن عمله على زيادة مخاطر الإصابة بالسرطان في حالة ثالثة. ليست هذه الحالات الثلاث من الأورام السرطانية "البريئة"، كما تقول الدراسة، لأن القضية تتعلق بسرطاني المريء والقولون وسرطان الرئة.

المهم أيضًا في الدراسة هو أن التوتر في الحياة اليومية والعمل والدراسة يزيد مخاطر الإصابة بالسرطان، بغضّ النظر عن عوامل الخطورة الأخرى التي تشمل التدخين وتعاطي الكحول والبدانة والوراثة وطريقة التغذية وقلة الحركة وغيرها من العوامل.
&
إحصائيات أميركية وأوروبية

أنجز الباحث الصيني تنغتنغ يانغ، من مستشفى الشعب في هانان، الدراسة بالاعتماد على إحصائيات مستمدة من أفراد يعيشون في شمال أميركا وفي أوروبا. ونشر فريق العمل الدراسة في "المجلة الدولية حول السرطان" في عددها الأخير.

صنفت الدراسة وحللت المعطيات الصحية حول 280 ألف شخص، وعلى مدى فترة طويلة من حياتهم. وركزت الدراسة على ربط التوتر المزمن في حياة الذين شملتهم الدراسة بنسب الإصابة بالسرطان بينهم.

تكشف الدراسة عن علاقة واضحة بين ارتفاع مخاطر الإصابة بسرطان المريء والقولون والتوتر المزمن في الحياة، كما كشفت عن مخاطر عالية للإصابة بسرطان الرئة. لم تنخفض أو تتأثر هذه المخاطر عندما احتسب تنغتنغ يانغ عوامل الخطورة الأخرى المسببة للأمراض السرطانية.

بين أميركا وأوروبا
كتب الباحثون الصينيون أن علاقة التوتر بنوع السرطان اختلفت بين سكان أميركا الشمالية وأوروبا؛ إذ كانت علاقة سرطان القولون في أميركا بالتوتر في الحياة والعمل ظاهرة جدًا، لكنها لم تكن كذلك في أوروبا. وكانت الحالة معكوسة في حالة سرطان المريء، لأن علاقة التوتر بهذا السرطان كانت ظاهرة في أوروبا، ولم تكن كذلك في شمال أميركا.

يعتقد يانغ وفريق عمله باحتمال وجود العديد من العوامل التي يمكن على أساسها تفسير علاقة التوتر بالسرطان، إلا أن آلية حصول ذلك بيولوجيًا غير واضحة. كما إن أسباب انتشار سرطان القولون في أميركا وانتشار وسرطان المريء في أوربا، بالعلاقة بالتوتر، غير واضحة أيضًا.&

من ناحية أخرى، ظهر من الدراسة عدم وجود علاقة تذكر بين التوتر في العمل والحياة اليومية بأنواع أخرى من الأورام السرطانية، مثل سرطانات البروستات والخصيتين والثدي. وفي أية حال، يعتقد فريق العمل الصيني بالحاجة إلى دراسات أخرى لكشف علاقة التوتر بالسرطان.
&
حياة طلابية متوترة
يثير التوتر في العمل العديد من الأمراض النفسية والجسدية للعمال والموظفين في ألمانيا، لكنه ينتشر أكثر بين طلاب الجامعات. وعلى هذا الأساس لا تبدو "أيام الجامعة" أحلى أيام العمر فحسب، وإنما أكثرها توترًا أيضًا.

تبدو الحالة أكثر "توترًا" حينما يتعلق الأمر بالطالبات، لأن نسبة انتشار التوتر بينهن ترتفع إلى 20 في المئة مقارنة بالطلاب (13 في المئة)، بحسب دراسة أعدتها شركة التأمين الصحي التقنية. الأهم من ذلك هو اعتراف نسبة 28 في المئة من الطالبات، ونسبة 19 في المئة من الطلاب، بأنهم مروا في "حالة يأس" تام مرة واحدة في الأقل في أثناء السنوات الدراسية.

وأجمع الطلاب (33 في المئة) والطالبات (41 في المئة) على أن شدة الدراسة، وتوتر الامتحانات، وضيق الوقت، هي أسباب معاناتهم من التوتر. وإذ يلجأ الطلاب إلى الكحول هربًا من "التوتر"، تلجأ الطالبات إلى الأدوية المهدئة.