أسفر المسح الصحي للمواطنين الذي شمل 17 مليون مواطن مصري ضمن حملة (مائة مليون صحة) التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأول من أكتوبر الماضي عن وجود 11 مليون مواطن لديهم مشاكل صحية، منهم 25% وزنهم طبيعي، والباقي عنده سمنة.

إيلاف من القاهرة: أطلقت وزارتا التربية والتعليم والتعليم الفني، والصحة والسكان، مبادرة الكشف المبكر عن الأنيميا والسمنة والتقزم، لدى طلاب المدارس على مستوى الجمهورية المصرية، وتستهدف الحملة الكشف المبكر عن الأنيميا والتقزم والسمنة، لطلاب المرحلة الابتدائية في جميع محافظات الجمهورية، وتحويل المصابين إلى العلاج بالمجان.

وتعدّ الحملة مسحًا جزئيًا لطلاب المدارس الابتدائية على مستوى الجمهورية، ومن خلالها يتم مسح 1500 طالب ابتدائي بكل محافظة بواقع 3 مدارس تمثل طبقات المجتمع المختلفة، وسيتم خلال الحملة قياس "الطول، والوزن، ونسبة الهيموجلوبين" وتوفير العلاج للطلاب المصابين بالأنيميا وقصر القامة، بعيادات التأمين الصحي.

منع الأنيميا
وأكدت وزيرة الصحة أن المسح سيكون عشوائيًا لقياس السمنة، ومعرفة النتائج لتغيير محتوى الوجبة المدرسية والتوعية، لأن كثيرًا من أولادنا لديهم مشكلة في السمنة، وسبب كبير جدًا من أسباب السمنة هي الرضاعة الصناعية، لأن الطفل تكون لدية قابلية أكثر.

وقال الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني: "إن الهدف من المبادرة هو منع الأنيميا لدى الأطفال في المدارس، وأن يعيش الطلاب حياة صحية مختلفة"، موضحًا أنه "في ضوء النتائج ستتم إعادة تنظيم الوجبة المدرسية".

انتشار الإصابة بالأنيميا والسمنة بين المصريين

وأشار إلى أن بعض الأمراض، مثل السمنة والتقزم، لها علاقة بالاقتصاد؛ لأنها تكلف الدولة، لافتًا إلى أنه ستتم توعية الطلاب في المناهج في إطار بناء مناهج جديدة.

وأوضح أنه سيتم البدء في تطبيق تجربة استطلاعية بواقع 81 مدرسة للكشف عن أمراض السمنة والتقزم والأنيميا، وتم عقد اجتماع مع قيادات الوزارة والمديريات للتنسيق، موضحًا أنها تشمل 500 طالب في كل إدارة بإجمالي 1500 طالب في كل مديرية.

اهتمام رئاسي
وكان قد تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال افتتاحه عددًا من المشروعات القومية، عن أهمية الرياضة، منتقدًا الأوزان الزائدة للشباب، ومطالبًا المجتمع ومؤسسات الدولة بالتدخل لحل المشكلة.

وأكد أن الأرقام التي أسفر عنها المسح الصحي للمواطنين، الذي شمل 17 مليون مواطن حتى الآن، كشف عن وجود 11 مليون مواطن لديهم مشاكل صحية، بما يمثل جرس إنذار في ما يتعلق بالحفاظ على صحة المواطنين، مطالبًا بإنجاز برنامج ضخم للتوعية الصحية، وتحويل التربية الرياضية إلى مادة أساسية، مؤكدًا أن 25% من المصريين وزنهم طبيعي، والباقي عنده سمنة.

وشدد على أن المواطن لا بد أن يعي جيدًا التحديات التي تواجهنا، وينظر إلى دخل الدولة وعدد المواطنين فيها. مطالبًا بتخصيص برنامج رياضي في الجامعات والمدارس وإقامة سباقات وماراثون للمشي والجري بشكل دوري، فضلًا عن الدعوة إلى الرياضة؛ للحد من الأوزان الكبيرة والسمنة المفرطة، والحد من أمراضها. مشيرًا إلى ضرورة أن تكون الرياضة مادة أساسية في المدارس والجامعات.

خطة استراتيجية
وكانت قد عرضت غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، خطة العمل الاستراتيجية لبرنامج الغذاء العالمي في مصر للسنوات الخمس المقبلة، بقيمة 454 مليون دولار، في صورة منح ودعم فني وتمويل لبرنامج التغذية المدرسية الذي سيستفيد منه أكثر من 10 ملايين تلميذ.

وقالت: "إن التغذية المدرسية أحد أهم مكونات الحماية الاجتماعية، ويجب أن تُقدم من خلال منظومة محكمة، وأن عدم وجود الرقابة والمتابعة تعرّض حياة الطلاب للخطر".

سوء التغذية
ورغم عدم توافرالدراسات الاقتصادية الحديثة، إلا أن إحصائيات عام 2014 حول انتشار الأمراض غيرالمعدية المرتبطة بسوء التغذية تؤكد أن أكثر المناطق التي تعاني من التقزم هي في مصر العليا، وأن الأنيميا منتشرة جدًا بين سن 5 إلى 19 سنة، وتصل نسبتها إلى 20% بين الإناث.

ويؤدي نقص التغذية إلى زيادة الحالات المرضية، مما يزيد العبء على القطاع الصحي، حيث تصل خسائره إلى 955 مليون جنيه مصري، كما تصل خسائر القطاع التعليمي إلى 27 مليون جنيه نتيجة لتدهور القدرات الذهنية، كما تؤثر على القدرات الإنتاجية للأفراد، خاصة العاملون بالحرف اليدوية ، وتؤدي إلى خسائر قد تصل إلى 10.7 مليون جنيه، كما يؤدي نقص ساعات العمل إلى خسائر اقتصادية تصل إلى 5.4 مليار جنيه.

كما إنه من المتوقع أن تصبح مصر أكثر دول العالم امتلاكًا لمعدلات السمنة بين السيدات بعد 9 سنوات من الآن، أي بحلول عام 2025، كما يتوقع أن تصاب حوالى نصف السيدات المصريات بالسمنة بنسبة تبلغ 50.1 %.

أخطر التحديات
من جانبه يقول الدكتور محمد سعيد، عضو حملة الكشف عن مرض الأنيميا والسمنة في المدارس: "إن التحاليل الطبية التي تجريها الحملة على الطلاب المستهدفين ضمن المبادرة كشفت عن إصابة أكثر من 80 % من الطلاب بمرض الأنيميا الحادة، وخاصة بين طلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية، وهو ما يؤكد سوء التغذية المقدمة إلى الطلاب المدارس".

وأشار إلى أن نقص التغذية من أخطر التحديات التي تواجه الدولة؛ لتأثيرها المباشر على معدلات الوفيات، خاصة بين الأطفال، مما يعرّض الدولة لخسائر اقتصادية كبيرة، نتيجة علاج المصابين بالتقزم والسمنة والأنيميا.

وقال الدكتور محمد سعيد لـ"إيلاف": إن "سوء التغذية له تأثير مباشر على القدرات الذهنية للأطفال، ويقلل من قدرتهم على التحصيل الدراسي، ويؤدي إلى ارتفاع نسب التسرب من التعليم، إضافة إلى تضرر القدرات البدنية والإدراكية للأطفال، كما ثبت أيضًا أن تعرّض 20% من الأطفال لمرض التقزم هو بسبب سوء التغذية".

الوجبات المدرسية
في السياق عينه أعلنت لجنة الصحة في مجلس النواب المصري عن قيام اللجنة بدراسة &آليات مواجهة ذلك المرض وتعرّض العديد له، وتأثيره على صحة الإنسان، إضافة إلى بحث مقترحات للحدّ من السمنة وممارسة الأنشطة الرياضية، وذلك بحضور ممثلي وزارتي الصحة والتربية والتعليم.

وقال الدكتور محمد العماوي، رئيس لجنة الصحة بالبرلمان، "إن مبادرة الكشف وعلاج المصابين بالسمنة والأنيميا خطوة مهمة نحو القضاء على الظاهرة المنتشرة بين الطلاب، خاصة وأنهم جيل المستقبل".

وطالب وزارة التربية والتعليم بتحسين الوجبات المدرسية لتحسين الحالة الصحية للطلاب، كما يجب عليها أيضًا العودة إلى ممارسة الرياضة المدرسية، والاهتمام بحصة التربية الرياضية، كما كان يحدث في السنوات الماضية.