في كوخ خشبي في حديقة خلفية في بلدة بارسلي البريطانية يعتني خالد الأيوبي ببغاواته. ابتعد كثيراً عن نمط حياته السابق.

حتى عام 2012 كان كبير الدبلوماسيين السوريين في بريطانيا، لكنه ترك عمله احتجاجاً على "عنف النظام وقمعه". ثم بدأ حياة جديدة في ساوث يوركشير ببريطانيا.

"كنت أملك ببغاءاً واحداً عندما كنت في سوريا، كان يقلد نطق الكثير من الكلمات، ويرقص" يقول الدبلوماسي السابق البالغ من العمر 47 عاما.

ديسكو، تومي وفرح أسماء بعض الببغاوات التي يحتفظ بها خالد وعددها 20، اختارها ورباها بنفسه ويطعمها بيديه ويقضي معها ساعات كل يوم.

هي أيضا نجوم قناته على يوتيوب "الببغاوات السعيدة"، حيث يحصل آلاف المهتمين بالببغاوات على نصائح عن كيفية تربية والطريقة المناسبة لتحميم هذه الطيور الملونة.

"إنها مثل أطفالي الآن، لا أستطيع الحياة بدونها" كما يقول. ويضيف "التعامل معها يشبه التعامل مع البشر، لكل منها شخصية فريدة".

ساعدته هذه الطيور على التكيف مع حياته الجديدة.

خالد الايوبي
BBC
لدى خالد الأيوبي 20 ببغاء

"كان في حياتي الكثير من التوتر. لدي جيران، لكني لا أستطيع أن اقضي كل وقتي مع جيراني"، يقول، ثم يضيف "أجلس بمفردي، ليس هناك من أتحدث معه. لهذا فهذه الطيور هي أصدقائي. أشعر بالاسترخاء معها. إنها حيوانات رائعة".

كان خالد القائم بالأعمال في السفارة السورية في لندن حتى عام 2012. كانت المظاهرات قد اندلعت في سوريا قبل عام. فقابلتها الحكومة بالقسوة وأدت إلى خروج مزيد من المظاهرات التي دعت إلى رحيل الأسد.

تفاقمت أحداث العنف، ثم تحولت إلى حرب أهلية. قدم خالد استقالته بعد قضائه سبع سنوات في السلك الدبلوماسي السوري.

"لم أكن سعيداً بأسلوب تعاملهم مع الشعب السوري، حين أدركت أن البلد سيدمر قلت لا يمكن أن ألعب دوراً في هذا" كما يقول خالد.

أثنى رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون على استقالته، واعتبرها "ضربة في عين نظام الرئيس السوري"، وأمل أن ينهار قريبا.

بعد مضي أكثر من ست سنوات قتل خلالها مئات آلاف الاشخاص وتحول الملايين إلى لاجئين، وما زالت الحرب الأهلية السورية مستمرة.

يقول خالد الذي كان من أوائل الدبلوماسيين الذين انشقوا، إنه خائف جدا.

"خطر كبير يتهددني. اضطررت إلى الابتعاد عن لندن لأسباب أمنية، وهكذا وجدت نفسي هنا في بارنسلي".

"لدي جيران طيبون، يرحبون باللاجئين"، يقول خالد. كانت أكبر المشاكل التي واجهها خالد بعد أن اصبح لاجئاً الحصول على العمل.

تعمل زوجته في مصنع، بينما يتطوع هو بتقديم المشورات والترجمة للاجئين الجدد.

التقى خالد بلاجئين كانوا ضحايا إساءة المعاملة أو تعرضوا للاعتداء بعد وصولهم إلى بريطانيا.

عانى أحدهم من تهشم ركبته، بينما قام مجهولون بقذف نافذة آخر بالبيض.

"فقدنا وطننا"

"كلاجئين نعيش بانتظار المجهول. ليس لدي مكان أذهب إليه"، يقول خالد. يخطط لتقديم طلب للحصول على الجنسية البريطانية والحصول على جواز سفر.

"لست هنا للحصول على الإعانة، بل للحصول على الأمن. تخليت عن ثروتي وممتلكاتي في سوريا. مستقبلي مجهول".

يتعايش خالد مع حقيقة أنه قد لا يرى وطنه مرة أخرى. "أرغب بأن أموت هناك، لكن هذا لم يعد خياراً. أعرف السياسة. أعرف أن هذا النظام استعاد شرعيته، لذلك فليس هناك أمل أن أعود لبلدي. لو رحل هذا الرئيس سيخلفه ابنه وستكون هناك ثورة أخرى بعد 30 سنة". وينهي خالد حديثه بالقول "فقدنا بلدنا. فقدنا بيتنا".