متظاهرون
AFP

بعد أسبوع من إعلان الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، حزمة من القرارات وصفت بـ"التاريخية"، تصطدم السلطة الحاكمة في الجزائر بجملة من العقبات، انطلاقا من العراقيل التي قد تحول دون تشكيل حكومة "كفاءات وطنية منفتحة على جميع الأطياف السياسية والشباب والمرأة".

لم تخفت وتيرة الاحتجاجات المطالبة بالتغيير في الجزائر، بل تغير الشعار من رفض "العهدة الخامسة" إلى رفض تمديد "العهدة الرابعة"، بعد إعلان بوتفليقة انسحابه من السباق الرئاسي وتأجيل الانتخابات التي كانت مقررة الشهر المقبل.

ولم يقنع الخروج الإعلامي المكثف لرئيس الحكومة الجديد، نور الدين بدوي، ونائبه، رمتان لعمامرة، والدبلوماسي المخضرم، الأخضر الإبراهيمي، المرشح لإدارة مؤتمر وطني جامع دعا إليه الرئيس الجزائري، في تبديد مخاوف قطاع واسع من الشارع من محاولة السلطة الحاكمة الالتفاف على مطالب الشارع.

"الشعب قال لا"

وأعلنت 13 نقابة رفضها الانخراط في مساعي بدوي لتشكيل حكومة وعد بإعلان تركيبتها نهاية الأسبوع الجاري، على أقصى تقدير. وقال النقابي، بوعلام عمورة، إن "النقابات لن تجري مناقشات مع هذا النظام لأنها تنتمي للشعب، والشعب قال لا للنظام".

وبدأت قائمة المقاطعين لمشاورات تشكيل الحكومة تتسع، إذ رفضت معظم أحزاب المعارضة المشاركة. وذهب رئيس الحكومة السابق وزعيم حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، إلى حدّ اتهام بدوي بأنّه طرف أساسي في المشكلة، مذكّرا بأنّه كان من بين "من صاغوا أسوء قانون انتخابي منذ استقلال البلاد".

"بوتفليقة من التاريخ"

وفي بلد لا تزال سلطته الحاكمة تستمدّ شرعيتها من دور رموزها ومؤسساتها، للدور الذي لعبته إبان ثورة الاستقلال بين عامي 1954 و1962، فإن الحراك الشعبي بدأ يقلب الموازين ويهزّ أركان النظام.

وكتطور لافت في هذا السياق، دعا 72 محافظا، من إجمالي 120، جبهة التحرير الوطني الحاكمة إلى انتخاب قيادة "شرعية" لحزبهم، معبرين عن دعمهم لكل مطالب الحراك الشعبي.

وكان القيادي في الحزب، حسين خلدون، قد قال يوم الجمعة إن "بوتفليقة بات من التاريخ".

وانضمّ متقاعدو الجيش للمظاهرات، إذ شاركوا الأحد في مسيرات في عدد من الولايات، أعلنوا فيها تمسكهم بمطالب الشعب.

يذكر أن المنظمة الوطنية للمجاهدين، وهي أكبر تجمع لقدامى المحاربين الذين شاركوا في حرب الاستقلال، كانت قد سحبت في السادس من مارس/ آذار الجاري تأييدها لبوتفليقة، معتبرة، في رسالة لها، النزول للشارع بمثابة "الواجب".

سوناطراك على الخط

وفي أوّل موقف له منذ استقالته، الأسبوع الماضي، دعا رئيس الحكومة السابق، أحمد أويحيى، في رسالة له، السلطة الحاكمة للاستجابة فورا لمطالب الشارع. وشدد أويحيى على أنه من الضروري أن "تستعيد الجزائر أنفاسها لمواصلة مسار تنميتها الاقتصادية والاجتماعية".

وتزامنت رسالة أويحيى مع تصريح للأخضر الإبراهيمي نقله عدد من الإذاعات المحلية المملوكة للدولة، يقول فيه إن "الدعوة لرحيل الجميع أمر سهل لكنّ تطبيق ذلك صعب نظرا لحاجة الجزائر إلى رجال ومؤسسات لتأمين استقرارها".

بيد أنّ الإبراهيمي يعلم أنّ هامش التحرك لم يعد يسمح بالمناورة، خاصّة أنّ معظم المحاذير والمحرّمات التي نجحت السلطة الحاكمة في الحفاظ عليها طيلة عقود طويلة بدأت بالانهيار تباعا.

وبدأت التحركات تتسلل رويدا رويدا إلى شركة سوناطراك، العمود الفقري للاقتصاد الجزائري، التي تشرف على قطاع المحروقات.

ورغم تحذيرات الإدارة من الإضراب أو التظاهر، شهدت فروع الشركة في حاسي مسعود وحاسي الرمل، جنوبي البلاد، مسيرات حاشدة يوم الجمعة للمطالبة بالتغيير.

وسارعت الشركة إلى نفي توقف أو تذبذب إنتاج حقول النفط أو الغاز، جنوبي البلاد. إلا أن الصور، التي نشرها ناشطون، أظهرت العكس.