يروي فنان الغرافيتي البريطاني بانكسي معاناة غزة عبر لوحات جدارية رسمها على بقايا المنازل التي دمّرتها الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع خلال الصيف الماضي.


إيلاف - متابعة: رغم أن زيارة بانكسي، (أحد أبرز رموز فنون الشارع)، إلى غزة، لم تكن معلنة، إلا أنها تركت بصمة برسوماته، التي وثقها بتسجيل فيديو بثه على موقع تبادل الصور إنستغرام.

طاقة أمل
يعتقد أن بانكسي بدأ نشاطه بالرسم على الجدران في العاصمة البريطانية، إلا أن هويته الحقيقية تبقى محاطة بالكثير من الغموض والسرية. وبيعت العديد من لوحات هذا الفنان الذي يتبنى دائمًا في رسوماته قضايا سياسية واجتماعية، بمبالغ كبيرة في الماضي. وتظهر في بداية الفيديو طائرة مدنية تحلق في السماء تتبعها عبارة "اكتشف وجهة جديدة هذا العام، أهلًا بك في غزة".

ثم يظهر شخصان يعتقد أن بانكسي أحدهما، وهم يتشبثون بحبل يقودهم إلى نفق مظلم، مصحوبًا بعبارة ساخرة تقول "بعيدًا عن الأماكن السياحية" إلى أن ينتهي هذا النفق ببوابة تفتح على مشهد لأطفال يلهوون بين الدمار والركام في غزة.

وحدة حال
تتنقل مشاهد الفيديو بين صور الدمار مصحوبة بعبارات لاذعة، مثل "يراقبها جيران ودودين" (في إشارة إلى إسرائيل)، كما يسلط على الجدار الفاصل، ويكتب "تقع (غزة) في مكان مميز، يحيطها الجدار من ثلاث جهات، ومن الرابعة طابور من رصاص الزوارق البحرية".

كما ينتقد بانكسي إسرائيل والحصار المفروض على غزة، حيث يعلق بعبارة تظهر مصاحبة لصور أطفال بين الركام "الناس هنا تحب المكان لدرجة إنها لا تغادره أبدًا"، لكن يلي ذلك مشهد لعدد من الجنود الإسرائيليين، ثم تظهر عبارة "لأنه لا يسمح لهم (للناس) بذلك". وفي واحدة من لوحات عدة رسمها بانكسي، يظهر أطفال وهم يتأرجحون بسلاسل على برج مراقبة عسكري.

وفي لوحة أخرى رسمها على الحائط الوحيد المتبقي من أحد المنازل التي دمرها القصف الإسرائيلي على بلدة بيت حانون في شمال قطاع غزة، تبدو قطة مزينة بشريط وردي على رقبتها، بينما تلعب بكرة من الأسلاك الحديدية الشائكة.

كنز غير مادي
يقول محمد الشنباري (29 عامًا) صاحب هذا المنزل "الشخص الذي فعل ذلك لم يعرّف عن نفسه، فقد رسمها وغادر". ويتابع "هذه الصورة ستبقى كما هي للأبد، لن أبيعها حتى لو بنيت البيت مجددًا، لأنها تاريخية، وأزالت عني الهموم بعد تدمير المنزل".

ويعبّر عن افتخاره بـ "فنان عالمي شهير يأتي إلى غزة ليرسم ويخدم القضية الفلسطينية". وبعدما عرض بانكسي هذه اللوحة في الفيديو، كتب أسفلها عبارة "هذه القطة تروي كل الكلمات". يظهر أيضًا في الفيديو رجل يقول "القطة تفتقد المتعة هنا، لقد وجدت قطة تلعب بها، لكن ماذا عن أطفال غزة؟، ماذا عن أطفالنا؟".

لا حياد
لكن هذه اللوحة تعرّضت للعبث في غزة، حيث يقول الفنان التشكيلي محمد الحاج "طلب مني أحدهم أن أقوم بتعديل ومسح بعض التشويه الذي حصل على الرسم من كتابات لآخرين. فعلت ما طلبوا مني، وأنا لا أعرف أن اللوحة تعود إلى بانكسي". يختم بانكسي الفيديو بعبارة كتبها على أحد الجدران في غزة تقول "حين ننفض أيدينا من الصراع بين القوي والضعيف، فنحن ننحاز إلى القوي، ولا نقف على الحياد".

وقام هذا الفنان بزيارة الأراضي الفلسطينية في العام 2005، حيث رسم لوحات جدارية على الجدار الفاصل في الضفة الغربية. وشنّت إسرائيل حربًا عنيفة على قطاع غزة في تموز/يوليو وآب/أغسطس الماضي، أسفرت عن مقتل نحو 2200 فلسطيني، كما دمّرت عشرات آلاف المنازل.
&