رغم تبرئة القضاء كريم من تهمة الفساد الرئيسية، قضت محكمة سنغالية بسجنه ست سنوات مع غرامة مالية في قضية اثراء غير مشروع شغلت البلاد وحظيت باهتمام وسائل الاعلام ومنظمات حقوق الإنسان.


سارة الشمالي من دبي: حكمت محكمة سنغالية بسجن كريم واد، نجل الرئيس السابق عبد الله واد، ست سنوات، بتهمة الاثراء غير المشروع، في قضية اثارت انقسامصا في السنغال، واثارت حفيظة منظمات إنسانية وحقوقية عالمية، بسبب تقارير تؤكد بطلان المحكمة التي تحاكم واد. وقررت المحكمة تغريم واد، الوزير السابق والمرشح للرئاسة السنغالية في انتخابات 2017، مبلغ 230 مليون دولار، إلا انها برأته من تهمة الفساد الرئيسية التي كانت اتهمته بها.
&
تحذير رئاسي

وكان الرئيس السنغالي الحالي ماكي سال حذر في الأسبوع الماضي من أن حكومته لن تتهاون في ردع أي محاولة لزعزعة الأمن الداخلي في البلاد بعد صدور الحكم عن محكمة الاثراء غير المشروع ضد كريم واد.

ونقلت وكالة رويترز عن القاضي هنري غريغوار ديوب، رئيس محكمة الاثراء غير المشروع التي حاكمت كريم واد وحكمته اليوم، قوله إن واد أخفى أموالًا في شركات أوفشور، أنشئت في جزر فيرجين البريطانية وفي باناما.
أضاف: "كل الأدلة التي بين أيدينا تشير إلى أن واد اثرة بطريقة غير مشروعة".

إلا أن المعارضة السنغالية رفضت هذه الاتهامات، وتعالى صراخ مؤيدوها الموجودون في قاعة المحكمة حين النطق بالحكم، احتجاجًا على هذا الحكم المعيب، بسجن واد 6 سنوات.&
&
بالاتجاهين

وكان الحزب الديموقراطي السنغالي، الذي يتزعمه الرئيس السنغالي السابق عبدالله واد، رشح كريم واد للرئاسة في السنغال، بمواجهة الرئيس الحالي ماكي سال السبت.

وتعمل مصادفة الترشيح مع الحكم في اتجاهين، كما يرى المراقبون. فالمحلل السياسي باباكار جوستين ندياي أخبر وكالة رويترز أن "ترشيح واد السبت للرئاسة كان محاولة من حزبه للتأثير على المحكمة وعلى الحكم".

إلا أن مراقبين آخرين، ومسؤولين في المعارضة السنغالية، يرون العكس. فالسياسي المعارض مامادو ديوب ديكروا يظن أن الحكم أتى لخدمة السياسة، من اجل ثني واد عن ترشحه للرئاسة، محذرًا من دخول السنغال في دورة من العنف، قائلًا: "إن حصل ذلك، فاللائمة تقع على الحكومة التي تزج بالناس في السجون وتحاكمها محاكمات سياسية، وليس على المعارضة".

ويرى مراقبون إن مجرد تحدي الرأي الحقوقي الدولي، القائل ببطلان المحكمة التي تحاكم واد، تأكيد أن الحكم الذي صدر بسجن واد 6 أعوام حكم سياسي، بلا منازع.
&
&

بعد ترشيحه لمعركة الرئاسة 2017
كريم واد ينتظر حكمًا سياسيًا من محكمة باطلة قضائيًا

توتر كبير

ولا شك في أن السنغال مقبل على توتر كبير، خصوصًا أن المنظمات الحقوقية الأفريقية والدولية تقف في صف واد، مدرجة المحاكمة التي يتعرض لها، منذ توقيفه احترازيًا في نيسان (أبريل) 2013، في خانة تصفية الحسابات السياسية، من طرف الرئيس الحالي ماكي سال.

وكانت محاكمة واد (46 عامًا) بدأت في حزيران (يونيو) 2014 بتهمة الاستحواذ على شركات وامتلاك عدد كبير من العقارات بشكل غير مشروع، اثناء رئاسة والده للبلاد بين العامين 2000 و 2012.

ومحاكمة كريم واد أمام محكمة خاصة للاثراء غير المشروع أظهرت ضعف موقف السلطة والقضاء. فبعدما أظهر الادعاء العام ملفًا عامرًا بالاتهامات لكريم واد باختلاس 4 مليارات فرنك أفريقي، رفع المدعون العامون في السنغال سقف الاختلاس إلى 117 مليارًا، ما يعد دليلًا على تسييس المسألة والمحاكمة. وتقول هيئة الدفاع عن كريم واد إن الاتهامات لكريم واد لا تقوم على أدلة دامغة، حتى أن القضاء الفرنسي برّأه من هذه التهم.
&
باطلة

وكان تقرير صادر في منتصف حزيران (يونيو) الماضي عن ثلاث منظمات حقوقية دولية، أكد أن محاكمة واد في السنغال بتهم الإثراء غير المشروع باطلة، وتأتي في سياق حرب سياسية يشنها عليه ماكي سال، لمنعه من الترشح للرئاسة في الانتخابات القادمة.

وبين التقرير أن واد يحاكم أمام محكمة للإثراء غير المشروع، ألغيت أصلًا في العام 1984، أي لا وجود لها في الأصل. وقالت منظمات أهلية، بينها منظمة العفو الدولية، إن لا سلطة لهذه المحكمة في قضية واد، فاعتقاله باطل إذًا، ويشكل خرقًا لحقوقه كمواطن سنغالي، ولحقوقه في الدفاع عن نفسه.

واتهمت هذه المنظمات السنغال بانتهاك القانون الدولي، وتوجيه تهم بالإثراء غير المشروع لواد من دون دليل دامغ.