لن يستسلم كريم واد لحكم محكمة الاثراء غير المشروع التي تريد سجنه 6 أعوام، بل سيرفع المسألة للمحكمة العليا، بينما والده يعد العدة لنقل المسألة إلى الشارع.

دبي: وقف كريم واد، نجل الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد، مستمعًا إلى القاضي هنري غريغوار ديوب، رئيس المحكمة الخاصة بالاثراء غير المشروع، ينطق بالحكم الشهير أمس الاثنين، بتبرئته من تهمة الفساد الكبرى، التي حاولت السلطات السياسية والقضائية مجتمعة أن تلصقها به، ثم بإدانته بإثراء غير مشروع، والحكم عليه بالسجن ستة أعوام، وتغريمه نحو 270 مليون دولار.&
&
كان يدري
منذ&بدء هذه المحاكمة المشكوك بشرعيتها في 30 تموز (يوليو) الماضي، كان كريم واد ينتظر هذا الحكم، ولا ينتظر غيره، إذ كان مقتنعًا جدًا بأن الرئيس السنغالي الحالي ماكي سال لن يتركه طليقًا، لينافسه في رئاسيات 2017. وأتى الحكم ليقطع الطريق فعليًا على كريم، إذ سيكون حينها مسجونًا... إلا إذا!
و"إلا إذا" هذه مقرونة بما قاله فريق الدفاع عن كريم واد، مساء الاثنين، بعيد النطق بالحكم، إذ أكدوا أن موكلهم سيلجأ إلى المحكمة العليا، ملتمسًا نقض قرار محكمة الإثراء غير المشروع. وقال أحدهم، المحامي سايدو دياغن، في مؤتمر صحفي، إن فريق الدفاع سيستعمل جميع الطرق القانونية لتأمين حقوق واد، وسيلجأون إلى المحكمة العليا.&
&
تعويض ضمير
كذلك قال المحامي ماديكي نيانغ: "نشعر بالخيبة من الحكم، إذ اعتقدنا أن القانون هو السيد في المحكمة، لكن هيئة المحكمة لم تحترم حقوق موكلنا". وعقب المحامي كليدور سيري لي قائلًا: على المستوى الدولي، هنالك وسائل لم نلجأ إليها بعد، وسنقوم باستغلالها". واكتفى بهذا القدر بلا مزيد من الإفصاح.
أما وزير العدل السنغالي الحاجي ضيوف فطمأن واد أنه لن يخسر حقوقه المدنية بفعل هذا الحكم، "فقد طالب المدعي العام أليون مارا خلال مرافعته الختامية بتطبيق المادة 34 من القانون الجزائي السنغالي، وتنص على أن حكمًا يفوق 5 سنوات يحرم المدان آليًا من حقوقه المدنية، غير أن القاضي رفض ذلك، وما أن يغادر كريم واد السجن، بإمكانه السعي وراء ولايات انتخابية"، في ما يبدو تعويضًا ضميريًا، لأن السلطات تعرف أن هذه المحاكمة ليست سوى سبيل لمنع كريم واد من الرئاسة، بأي ثمن.
&
العجوز المكفهر
نظر كريم من بعيد إلى وجه أبيه، الرئيس السنغالي السابق عبدالله واد، فوجده مكفهرًا. فالأب، الذي يناديه أنصاره "غورغي" أي "العجوز"، يريد إخراج ابنه من هذا السجن السياسي مهما كان الثمن.
بقي العجوز جالسًا خلف المحامين، أثناء النطق بالحكم على نجله، ينظر إليه غير عابئ بعشرات من أنصاره يصرخون في القاعة مستنكرين هذا الحكم غير القانوني، وغير الشرعي، والسياسي بامتياز، والصادر عن محكمة تشكك غالبية المنظمات الحقوقية العالمية بشرعيتها.
قاطعوا القاضي، فتوقف عن تلاوة الحكم، منتظرًا أن يتحرك رجال الشرطة لضبط الوضع،&واسكات الجمع الهائج، ثم استأنف القراءة.
يحدق فيه عبالله واد، ثم يحدق في شفتيه، ثم يشيح بنظره نحو أركان عهده، الذين أتوا معه إلى قاعة المحكمة، مثل ناديكيه نيانغ، وصموئيل سار، ومامادو ديوب ديكروا، ويبقي على تجهمه، وهو يستمع إلى آخر كلمات في الحكم الذي نزل عليه نزول الصاعقة. وحده بابار غاييه، الناطق بلسان الحزب الديمقراطي السنغالي، حزب واد، ما تحمّل المشهد، فخرج من القاعة، ليقول للصحافة: "ما أردت أن أشارك في هذه الحفلة التنكرية المخيبة للأمل".&
&
رئيف!
كان الوقت ظهرًا. انتهى الأمر، والموعد في المحكمة العليا، علّ وعسى! خرج عبدالله واد ومن معه من الأنصار من قاعة المحكمة والدمع يخنق الأنفاس. كانت دمعتان تسيلان بصمت على وجنتيه، دمعة على ابنه الذي يدفع ثمناً سياسيًا لعداء مستحكم بين آل واد من جهة وبين الرئيس الحالي ماكي سال، ودمعة أخرى على بلاده التي تشهد مهزلة قضائية.
تقدمت منه امرأة مجللة بالسواد. ربتت على كتف رئيسها السابق، وقالت له: "لا تحزن، وحدها العدالة الالهية أبدية".
وقال مامادو ديوب ديكروا للصحافيين المحتشدين خارج القاعة: "لم يفاجئنا الحكم، فكل ما في الأمر أن محكمة سياسية قضت بسجن منافس سياسي".
انتظر الحاجي ضيوف كي تقفر القاعة من أنصار واد ليخرج، خائفًا من رد فعل غاضب لا تحمد عقباه. قال: "برأي، القرار رئيف جدًا، كان على القاضي أن يحكم عليه بعشر سنوات وهي العقوبة القصوى في قضايا الاثراء غير المشروع".
&
هجوم عنيف
واليوم، حكمت المحكمة على كريم واد بالسجن، فحكمت على السنغال بالتوتر السياسي، وربما الأهلي، خصوصًا أن "العجوز" بدأ السبت الماضي، في احتفال لترشيح ابنه لرئاسيات 2017، هجومًا على المحكمة والقضاء والرئيس ماكي سال، فقال حينها: "هذه المحاكمة سياسية، والمحاكمة السياسية يتم حسمها والفوز بها في الشارع، واللعبة تدور خارج أروقة المحكمة". ووصف ماكي سال بأنه "ابن العبيد، ينحدر من أصول أكلة لحوم البشر. أضاف: "لن أسمح لهذه المحكمة، أو هذا الشيء، بمحاكمة كريم، وأنا مستعد لإعطاء حياتي لمنع تلك المحاكمة، ومن لا يقاتل عندما يعتقل ابنه فهو جبان". &
&
وزير العدل السابق الحاج أمادو سال، وهو محامي كريم واد، قال في المهرجان الانتخابي نفسه: "إذا واصل ماكي سال اعتقال كريم واد، فلن يقضي ليلة واحدة بعد ذلك في القصر الرئاسي"، ما عدته السلطات تهديدًا انقلابيًا، فاعتقلته بتهمة التهجم على رئيس الجمهورية والمساس بأمن الدولة.
&