تستعد نظرية آينشتاين عن النسبية للخضوع لاختبار مهم في غضون عام أو عامين، عندما سيصور تلسكوب (EHT) الثقب الأسود الموجود في قلب مجرة درب التبانة، وهو ما لم يحدث قبل الآن على الإطلاق، وربما ستتم عملية التصوير في عام 2017.

إعداد ميسون أبوالحب: في خضم الحرب العالمية الأولى، وبالتحديد في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1915 نشر ألبرت آينشتاين نظريته عن النسبية، التي توقعت وجود الثقوب السوداء، وحددت خواص الضوء وتصرفاته، وغيّرت مفاهيم الفيزياء الأساسية المتعلقة بالكتلة والطاقة والمكان والزمان.

&أكدت النظرية على أن حركة الأجسام نسبية، وأن الإحساس بالزمن نسبي، وربطت بين المكان والزمان، وساهمت في تفسير العديد من الظواهر الكونية والفضائية، مثل الثقوب السوداء وموجات الجاذبية.&
&
ومنذ مائة عام، ظل العلماء يختبرون نظرية أينشتاين، ويتأكدون من مدى صحة توقعاته، ويأملون في اكتشاف ثغرة تقودهم إلى عالم قوانين جديدة من الفيزياء.
&
جرّب العلماء تقريبًا كل شيء، ولكن بقي أمامهم إثبات توقعاته بشأن ما يدعى بالمتفرد أو singularity داخل الثقوب السوداء، وفي قلب الانفجار العظيم وكذلك بشأن موجات الجاذبية.&
&
المستكشف ليزا
&
موجات الجاذبية هي عبارة عن تموجات في النسيج الزمكاني، الذي ينتشر في اتجاه الخارج، انطلاقًا من كتلة في حالة تعجيل، لتكون مثل التموجات التي يمكننا مشاهدتها على مسطح مائي.&
&
لكن المشكلة هي أن "الزمكان"،&أي الكون بأبعاده الأربعة، الطول والعرض والعمق والزمان،&أكثر صلابة من الحديد الصلب بمليار مليار مليار مرة. وهذا يعني أن خلق موجات جاذبية يحتاج قوة هائلة أكبر لا يمكن أن تنتج إلا من ظواهر فيزيائية خاصة، مثل ولادة ثقب أسود أو اندماج ثقوب سوداء، أحدها بالآخر، أو اصطدام بين نجوم هائلة الكثافة.&
&
للتحقق من هذا الجانب من نظريات أينشتاين وتوقعاته، قامت وكالة الفضاء الأوروبية بإطلاق "المستكشف ليزا" لدراسة آثار موجات الجاذبية على الأبعاد الأربعة، وكان ذلك في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
&
تقوم الفكرة على نصب مثلث متساوي الأضلاع في الفضاء، ربما في عام 2034، يتكون من 3 أقمار صناعية، يبعد أحدها عن الآخر مسافة تتراوح ما بين مليون وخمسة ملايين كيلومتر، وتقوم بإطلاق ضوء ذهابًا وأيابًا، باستخدام مرآة، ومن المفترض بموجات الجاذبية التي تمر بين الأقمار الصناعية أن تؤثر على هذا الضوء، وهو تأثير سيتمكن العلماء من قياسه بدقة متناهية، حسب قول العالم بول مكنمارا: "نتوقع أن نتمكن من قياس التغيّرات الدقيقة جدًا لتصل إلى حجم ذرة على مسافة ملايين الكيلومترات". &&
&
أضاف مكنمارا "تسمح لنا الموجات الالكترومغناطيسية برؤية الكون، ولكن موجات الجاذبية ستسمح لنا بسماعه". هذا ولا يمكن قياس موجات الجاذبية على الأرض لوجود تأثيرات أخرى عليها، منها جاذبية الكرة الأرضية نفسها، ومن هنا اضطر العلماء لإجراء التجربة على مسافات بعيدة جدًا ستمكنهم من رصد هذه الموجات بشكل دقيق ومباشر.&
&
أفق الحدث
ستخضع نظرية أينشتاين عن النسبية لاختبار آخر مهم في غضون عام أو عامين، عندما سيصور تلسكوب أفق الحدث Event Horizon Telescope أو (EHT) الثقب الأسود الموجود في قلب مجرة درب التبانة، وهو ما لم يحدث قبل الآن على الإطلاق، وربما ستتم عملية التصوير في عام 2017.&
&
من أجل تحقيق هذا الهدف، سيتم الربط بين تسعة تلسكوبات راديوية منتشرة في أماكن عدة من الكرة الأرضية، منها تشيلي وإسبانيا والولايات المتحدة، وستعمل كلها، مثل تلسكوب واحد بحجم الأرض، وسينظر إلى أفق الحدث الخاص بالثقب الأسود لمعرفة ما الذي يحدث، وكيف يتصرف الضوء والغاز ومواد أخرى، عند اقترابها من هذا المكان، وهل ستتطابق النتائج مع توقعات أينشتاين، ثم التأكد أيضًا من وجود أفق الحدث نفسه، لأن عالم الفيزياء المعاصر ستيفن هوكينغ يقول إنه قد لا يكون موجودًا في الأساس.&
&
والثقب الأسود الذي يحمل اسم Sagittarius A&،&يبعد 26&ألف سنة ضوئية عن الأرض، وهو أضخم من كتلة الشمس بأربعة ملايين مرة، ولكنه ليس شديد الضخامة، إذ يبلغ قطره 44 مليون كيلومتر، أي ما يعادل 63 مرة ضعف نصف قطر الشمس. وتقول وكالة ناسا إننا إذا نظرنا إلى الثقب الأسود من الأسود فإننا ننظر في الواقع إلى قرص ممغنط موجود على سطح القمر. & & & & & & & & & & & & & &&
&
مرّ 100 عام منذ نشر أينشتاين نظريته عن النسبية، وحاول الكثير إيجاد ثغرة في عمله، وحاول علماء الخروج بنظريات مناقضة ومخالفة، غير أن كل هذا لم ينجح.&
&
واليوم وبعد مرور قرن، قد يكون هذا أهم اختبار لنظرية أينشتاين، ومن يدري فقد يخرج العلماء بنظرية مخالفة بعد ذلك، وقد تكون هذه هي نهاية أينشتاين الذي نعرفه، علمًا أنه هو نفسه كان يعتقد أن نظريته غير مكتملة، وأنها تحتاج نقاطًا أخرى.