يزور الجزائر وفد ليبي رفيع للاستفادة من تجربتها في المصالحة الوطنية التي جاءت بعد سنوات من العنف الداخلي، الذي أودى بآلاف الجزائريين.

إيلاف من الجزائر: اتهم وزير الشؤون الخارجية الليبي محمد الطاهر سيالة أطرافًا أجنبية، لم يسمّها، بالوقوف وراء تعطيل المصالحة الوطنية بين الليبيين.&

وأكد أن حكومة الوفاق الوطني ترفض إعادة التفاوض حول الاتفاق السياسي، لأن ذلك لن يساهم إلا في عرقلة مسار تسوية الأزمة في بلاده، ونفى مسؤولية الحكومة عن تغييب بعض الأطراف عن المشاركة في اجتماع باريس، راميًا الكرة في ملعب الحكومة الفرنسية، باعتبارها من وجّه الدعوات إلى المشاركين في هذا اللقاء.

وحلّ سيالة في الجزائر ضمن الوفد الذي يقوده رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج، الذي يقوم بزيارة رسمية للجزائر تدوم يومين. واستُقبل السراج من طرف الوزير الأول عبد المالك سلال، الذي تباحث معه حول آخر تطورات الشأن الليبي.

دور أمني
وقال السراج للصحافة لدى نزوله في مطار هواري بومدين الدولي: "نقدر دور الجزائر ودعمها المستمر لليبيا في السنوات والعقود الماضية".

وأكد أن العلاقات مع "بلده الثاني الجزائر" وثيقة ومتبادلة، وذكر أن هذه الزيارة جاءت تلبية لدعوة نظيره عبد المالك سلال. وأوضح أن هدف حلوله في الجزائر "تشاوري" حول الوضع في بلاده، وأعرب عن أمله في أن تتوّج هذه الزيارة بنتائج "إيجابية".&

ويرى القيادي في حركة النهضة الجزائرية والبرلماني السابق محمد حديبي أن الجزائر بإمكانها أن تساهم في عودة الاستقرار إلى جارتها الشرقية. وقال حديبي لـ"إيلاف" إن "دور الجزائر في المنطقة محوري، لاعتبارات جيوسياسية، خصوصًا لعلاقتها بجماعات نافذة في ليبيا، وكذا لطول الحدود، وتداخل المصالح الاجتماعية والعرقية والإقليمية للبلدين".

أضاف أن "استقرار القرار السياسي الجزائري وفق توحيد الرؤى بما يخدم المنطقة إقليميًا جعل الجزائر&تمتلك تأثيرًا كبيرًا على الفصائل، لكونها البلد الذي يلتقي مع جميع الأطراف المتناحرة، وتجنب التدخل في الشأن الداخلي، لعلمه بتناقضات الملف الليبي".

لا تستثني أحدًا
أما الطاهر سيالة، فأشار في ندوة صحافية مع وزير الشؤون المغاربية والإتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية الجزائري عبد القادر إلى أن "المجلس الرئاسي الليبي يعمل على تحقيق مصالحة وطنية بين أبناء الشعب الليبي، على اعتبار أنه لا حل في ليبيا إلا من خلال مصالحة وطنية شاملة تجمع كل الليبيين بدون استثناء".&

وبحسب سيالة، فإن بلاده حريصة على الاستفادة من التجربة الجزائرية في مجال المصالحة الوطنية. وقال: "تعد تجربة ناجحة جديرة بالإقتداء بكل ما تتضمنه من إجراءات وآليات أثبتت نجاعتها". وأكد أن "الجزائر دولة فاعلة في المنطقة، ولها دورها الفعال في دعم الحل السياسي للأزمة الليبية".

عائق أجنبي
واتهم رئيس الدبلوماسية الليبية أطرافًا خارجية بالوقوف حجر عثرة في طريق تجسيد المصالحة بين أهل بلده. وقال الطاهر سيالة إن "ما يعوق المصالحة الوطنية في ليبيا هي التدخلات الأجنبية المعلنة وغير المعلنة".

وكشف سيالة أن "الدبلوماسية الليبية تعمل في الوقت الراهن على إقناع الآخرين بأن يتركوا الليبيين يقررون مستقبلهم بأنفسهم". &
واستثنى الوزير الليبي الجزائر من قائمة الدول التي تعوق تطبيق المصالحة الوطنية في بلاده. وقال إن الموقف الجزائري "قائم على احترام رغبة الشعب الليبي، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، وتقديم الدعم إلى السلطات الشرعية فيها".&

ولفت محمد حيبي في حديثه مع "إيلاف" إلى أن "الجزائر تختلف عن &بعض الدول المحيطة التي تورطت في المستنقع الليبي وأصبحت تمارس دور وكيل للدول الغربية لإشعال فتيل الحرب بالنيابة". أضاف أن "للجزائر رصيدًا دبلوماسيًا في حلحلة القضايا يؤهّلها لقيادة المصالحة بين الليبيين، لولا تدخل القوى الدولية الخارجية وعملائها في المنطقة".

اقتسام الكعكة
وبحسب حديبي، فإن "الشعب الليبي واحد، وعقيدته واحدة، وعائلته واحدة، غير أن الدول الغربية استغلت ثورته، لتنقضّ عليه باسم التدخل الخارجي". وأضاف "أميركا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا هم أساس التدخلات الغربية، ومصر وتشاد والإمارات العربية هم وكلاء هؤلاء الغرب، ومن يقودون معركة الاقتتال بين مكونات الشعب الليبي جميعهم متورطون في هذا المستنقع الليبي".

وأشار إلى أن "ما يجري في ليبيا يؤكد أنه يتم اقتسام هذه الكعكة، لإعادة التموقع الاستعماري من جديد، ففرنسا تبعث رسائل دولية من خلال هذا المؤتمر، مفادها أن منطقة شمال أفريقيا والساحل الصحراوي هي حكر دولي لها، تتصرف فيها كيفما تشاء".

مسؤولية فرنسية
وحمّل الوزير الليبي الحكومة الفرنسية مسؤولية تغييب بعض الأطراف عن اجتماع باريس حول الأزمة الليبية، الذي غيّب العديد من الأطراف المعنية بالأزمة الليبية". وقال: "هذا الاجتماع جاء بمبادرة فرنسية، والحكومة الفرنسية هي من استدعت المشاركين في هذا الاجتماع".&

ودعا الوزير الليبي المجتمع الدولي إلى الضغط على الأطراف المعرقلة لمسار الحل السياسي في ليبيا، وجعلها تتفاعل بشكل إيجابي مع الجهود التي يبذلها المجلس الرئاسي الليبي وحكومة الوفاق الوطني. &

ونبّه سيالة إلى أن "أي اتجاه نحو إعادة التفاوض حول الاتفاق السياسي لن يساهم إلا في عرقلة مسار التسوية السلمية للأزمة".
وقال إن "الوضع في ليبيا في غنى عن إعادة التفاوض بشأن الإتفاق، الذي يحظى بإجماع دولي، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والإتحاد الأفريقي والجامعة العربية"، وأكد أن هذا "الاتفاق السياسي هو قاعدة الحل للأزمة" في بلاده.&

اجتماع
أما وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية عبد القادر مساهل فقد أعلن عن عقد اجتماع للجنة الخماسية مع دول الجوار في أواخر أكتوبر الجاري، بمبادرة من الاتحاد الأفريقي، وفي إطار متابعة الأوضاع في ليبيا، ويأتي بعد اجتماع دول الجوار الليبي، الذي يتم التحضير لعقده في عاصمة النيجر نيامي.
&