شن الجيش المصري غارات على مواقع يعتقد أنها تابعة لما يعرف بتنظيم "ولاية سيناء" الذي بايع داعش. وجاءت الغارات ردًا على مقتل 12 جنديًا وإصابة ستة آخرين أمس. وأصاب الحادث المصريين بصدمة جديدة. واعتبر مراقبون أنه يؤشر إلى استمرار الدعم الخارجي للجماعات المسلحة في سيناء ماليًا وعسكريًا.


إيلاف من القاهرة: قال الجيش المصري إنه نفذ غارات ضد مواقع تابعة للجماعات المسلحة في شمال سيناء، ومنها تنظيم ما يعرف بـ"ولاية سيناء" الذي بايع داعش.

وأوضح المتحدث باسم الجيش المصري العميد محمد سمير، أن "تشكيلات عدة من قواتنا الجوية، قامت بطلعات جوية فجر اليوم السبت، لاستطلاع مناطق الأهداف وتنفيذ ضربة جوية مركزة استمرت لمدة 3 ساعات".

أضاف أن الغارات الجوية "أسفرت عن تدمير مناطق تمركز وإيواء العناصر الإرهابية، ومناطق تجميع الأسلحة والذخائر، و7 عربات دفع رباعي تدميرًا كاملًا، وتم قتل عدد من العناصر الإرهابية والعناصر المعاونة لها".

وأشار إلى أن "القوات المسلحة تؤكد أنها، وبمساندة شعبها العظيم، تعتزم القضاء على العناصر الإرهابية التي تستهدف أمن البلاد واستقرارها، ولن تثنيها تلك الأعمال الإرهابية عن القيام بواجبها المقدس، مهما بلغت الصعوبات ومهما عظمت التضحيات".

وأذاع التلفزيون الرسمي بيان وزارة الدفاع عن الضربات الجوية، وقال إنه جاء رداً على مقتل الجنود أمس.&وكانت مجموعة مسلحة تابعة لتنظيم ولاية سيناء هاجمت صباح أمس الجمعة، إحدى نقاط التأمين في شمال سيناء، مستخدمة عربات الدفع الرباعي، ووقعت اشتباكات مع القوات المصرية، وأسفرت عن مقتل 12 جنديًا وإصابة 6 آخرين من قوات الجيش، بينما قتل نحو 15 متطرفا.

دعم خارجي

أصاب الحادث المصريين بصدمة، لاسيما أنه جاء بعد فترة هدوء امتدت لأشهر. واعتبر خبراء عسكريون أن الهجوم الجديد، يؤشر إلى استمرار الدعم الخارجي للجماعات المسلحة في سيناء.

وقال اللواء فؤاد حسين، مدير إدارة الإرهاب الدولي في المخابرات الحربية سابقًا، إن الجماعات المسلحة لا يمكنها العمل وتحقيق أية نتائج على الأرض من دون الحصول على دعم خارجي.

وأضاف لـ"إيلاف" أن هناك مؤشرات حقيقية إلى هذا الدعم، موضحًا أن الجماعات المسلحة تعمل وفقًا لفكر عسكري استراتيجي، وليس بطريقة عشوائية، ما يدل على أنها تتلقى تدريبات على أيدي عسكريين محترفين، فضلا عن أن استهداف مناطق القوات المسلحة بقذائف الهاون يحتاج خبرة عسكرية في تحديد الاحداثيات وتدريب على إطلاق القذائف.

وأشار إلى أن "نوعية الأسلحة التي يستخدمها الإرهابيون متطورة، ولا يمكن أن يحصلوا عليها إلا من خلال أطراف خارجية تتولى عملية توصيلها إليهم وتدريبهم علي استخدامها".&ولفت إلى أن "هناك تربصًا بمصر من القوى الإقليمية والدولية، من أجل إغراقها في دوامة العنف والإرهاب، وتعجيزها عن أية محاولة للتنمية والتقدم الاقتصادي".

بصمة الاخوان

إلى ذلك، قال الشيخ نبيل نعيم، الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية المسلحة، إن الجماعات في سيناء على ارتباط وثيق بأجهزة استخبارات وجماعات في الداخل ومنها جماعة الإخوان المسلمين.

وأضاف لـ"إيلاف" أن الجماعات الإرهابية في سيناء "تتلقى دعمًا خارجيًا في صورة أموال وأسلحة"، منوهًا بأن "الأموال يجري تهريبها إلى المسلحين عبر الحقائب الدبلوماسية، أو عبر الحدود".

وكشف أن عمليات تهريب الأسلحة تأتي عبر الحدود مع ليبيا أو الحدود الجنوبية مع السودان أو الحدود مع غزة وإسرائيل، وأشار إلى أن القوى الدولية الاستعمارية، ومنها أميركا، تعمل على تدمير دول المنطقة، ومنها مصر، بعد تدمير العراق وسوريا، حتى تظل إسرائيل هي الدولة الوحيدة القائمة والمستقرة في الشرق الأوسط.

وذكر أن الجيش المصري "حقق انتصارات كبيرة في مواجهة الجماعات الإرهابية في سيناء"، مضيفًا "أن الإرهابيين لم يعد لهم تواجد قوي، لاسيما أنهم كانوا في السابق أثناء عهد الرئيس السابق محمد مرسي، ينظمون استعراضات عسكرية في شوارع مدينتي العريش والشيخ زويد. أما الآن فهم يختبئون في الجحور"، على حد قوله.&ولفت إلى أن الجماعات المسلحة تقوم بعمليات هجومية من وقت إلى آخر من أجل ضمان استمرار تدفق التمويل الخارجي.

الحل في الاستثمار

من جانبه، اعتبر عبد المنعم الجمل، رئيس النقابة العامة للعاملين في البناء والأخشاب، أن الحل الأمثل لمواجهة الإرهاب في سيناء هو توجيه مزيد من الاستثمارات إليها.

وأضاف في تصريحات لـ"إيلاف"، أن "تجاهل سيناء على مدار السنوات الماضية، وعقب تحريرها من الاحتلال، تسبب بانتشار الجماعات الإرهابية"، مشددا على أن "وجود تنمية في سيناء سيؤدي حتما إلى القضاء على هذه الجماعات، لأن عملية التنمية يتبعها إعمار لهذه المناطق المهمة من مصر".

وأكد &أن "القضاء على الإرهاب، كما يحتاج مقاومة مسلحة من خلال قوات الجيش، يحتاج أيضًا مقومات أخرى، من بينها القضاء على البيئة الخصبة التي تنمو فيها العمليات الإرهابية، والمتمثلة في غياب التنمية في مناطق سيناء".&ولفت رئيس النقابة العامة، إلى أن "سيناء غنية بالمواد التي تؤهلها لأن تكون انطلاقة قوية نحو التنمية، وإعادة بناء مصر اقتصاديا".

وأدانت دول ومنظمات ومؤسسات مصرية الهجوم ووصفته بـ"الارهابي". وقال المفتي شوقي علام، إن "الجماعات الإرهابية متعطشة دائمًا لسفك الدماء، ولا تراعي في مؤمن ذمة، فأصبحوا بذلك مفسدين في الأرض يستحقون لعنة الله تعالى في الدنيا والآخرة".

ودعا المفتى المصريين جميعًا إلى أن "يتكاتفوا ويتحدوا سويًا من أجل مواجهة جماعات الإجرام المتطرفة، وإلى أن يدعموا مؤسسات الدولة دعمًا كاملًا في حربها ضد التطرف والإرهاب، مطالبا في الوقت نفسه بالضرب بيد من حديد على أيدي هذه الجماعات الإرهابية التي تسعى إلى نشر الخراب والدمار".

وقالت الكنيسة المصرية في بيان لها: "ننعي شهداء الوطن الأبرار من رجال مصر البواسل الذين قدموا أرواحهم الطاهرة ليدرأوا عن الوطن الهجمة الشرسة للإرهاب الغاشم مصلين إلى الله أن يهب العزاء لأسر الشهداء والشفاء للمصابين".

وأضافت: "ستبقى مصر حصنا منيعا تنكسر على أسواره كل مؤامرات الأعداء، وسيبقى شعب مصر بكل طوائفه نسيجا واحدا تقوى خيوطه وتلتحم عناصره في مواجهة كل من يتجاسر على الاقتراب من تراب هذا الوطن".