إيلاف من أبوظبي: أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الاماراتية، أنور محمد قرقاش، أن أحداث الأسبوع الماضي، وما جرى في نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية اثبتت أن السياسة غير قابلة للتوقع، فالانتخابات عززت اتجاه التكهن بالمستقبل دولياً، وأثارت العديد من نقاط التعجب، والتخوف، والتوجس في دول العالم حول مستقبل السياسة الأميركية، قائلا "نحن نواجه نظاماً دولياً متغيراً، يحتاج إلى قيادة حكيمة ومستقرة، فالعالم الذي نعيش فيه تزداد الشكوك فيه، والتغيرات، وهناك شعور شعبوي دللته نتائج التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والانتخابات الأميركية."

ضعف أميركي

وأشار خلال كلمته في ملتقى ابوظبي الاستراتيجي الثالث إلى أن "الدور الأميركي يظل مهماً في المنطقة، وبعد 8 أعوام من الدور الأميركي الضعيف في المنطقة، يبدو أننا سننتظر أكثر لتحديد أفق الدور الأميركي المستقبلي"، لافتاً إلى أن العالم اليوم لا يرتكز فقط على الدور السياسي لواشنطن، بل توجد أطراف أخرى كروسيا، والصين، والهند، والاتحاد الأوروبي، كما أن حل مشاكل الشرق الأوسط يحتاج إلى دور أكبر من منظمة الأمم المتحدة، والسعي لتمكين الأمين العام الجديد لأداء دور نشط وفاعل.

وذكر ان المجتمع لا يمكن أن يبحث في إدارة الأزمات، بل أن يتحول باتجاه حلها، فإدارة الأزمات أدت إلى أزمات فرعية أخرى، ومن دلائل ذلك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والذي يعد مصدر عدم استقرار في المنطقة، كما أثر على النظام الدولي، وبالتالي يجب أن نعمل بفاعلية في الأزمات لحلها.

اليمن وليبيا

وأضاف قرقاش "في اليمن تمثل خريطة الطريق للأمم المتحدة مخرجاً للأزمة، وعلى المجتمع الدولي أن يتأكد من قبول، وتنفيذ الأطراف اليمنية لهذا القرار، فالمستقبل ليس سهلاً، ولكنه أفضل من المواجهة، أما في ليبيا فالاتفاق الذي تم توقيعه في الصخيرات، والحوار بين الأطراف يمثل حلاً للأزمة، بينما في سوريا، فالعالم لا يمكن أن يدير ظهره للأزمة، مع تمزيق الأزمة للأرض السورية، كما أن اعتقاد النظام السوري بإمكانية الحل العسكري للأزمة يعيق الحل."

وشدد على التزام دولة الإمارات بمحاربة الإرهاب والتشدد، فالإمارات ترى رابطاً مشتركاً بين الإرهاب كفعل، والأيدولوجية المتشددة الداعية له، فتحدي الإرهاب، والتشدد طويل الأمد، والكثير من الأدوات مطلوبة في مواجهة الأيدولوجيا، وخطاب المتشددين.

وتابع ان الإمارات عضو فاعل، ونشط في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، ومعركة تحرير الموصل تعد إحدى النقاط الأساسية، ونحن نعرب عن تخوفنا من العنف الطائفي ضد المواطنين الأبرياء، ولذلك لأجل حرمان المتشددين من استقطاب الأهالي بأيدولوجيتهم المتطرفة، فينبغي بذل جهد سياسي أكبر لإعادة المصالحة بين السياسيين، وتمكين السنة في العراق، وستواصل الإمارات مساهمتها في جهود تسوية النزاعات، وأن نواجه قضية بروز الطائفية.

الاستثمار في الشعب

ومضى قرقاش قائلا "إننا في دولة الإمارات نشعر بالفخر بما حققناه من منجزات، تمثلت في الاقتصاد المفتوح الذي جعل الدولة مركزاً عالمياً للتجارة والاقتصاد، إضافة إلى الاستثمار في الشعب، وتمكين الشباب، ونحن لا نريد أن نكون النموذج التنموي الناجح الوحيد في المنطقة، بل إن منطقة الشرق الأوسط قادرة على النجاح، ولتمكين ذلك ستستمر الإمارات في بث رسالة التسامح للعالم، وتمكين المرأة والشباب، وستواصل النظر للخارج نحو رؤية عالم عربي مزدهر، وسنكون الأمل للمنطقة نحو الازدهار، والإعمار في العالم العربي، وهي رسائل نبيلة سنوصلها بالشراكة مع أصدقائنا."

وأكد أن دولة الإمارات تؤمن بأهمية التعاون والعمل مع الشركاء الاستراتيجيين لأجل تحقيق السلام والاستقرار في دول العالم، مشيرا إلى أهمية أن تعمل الدول على تعزيز الحلول الإقليمية، خاصة في الأوقات الاستثنائية والصعبة التي تمزق النسيج الهش لبعض المجتمعات، وذلك يعود إلى السياسات الدولية الضعيفة، ومن هنا ينطلق إيماننا بضرورة دعم دول الإقليم لحل أزمات المنطقة التي تحيط بنا.

وصفة الفوضى.. وترويج الطائفية

وأوضح قرقاش أن التركيز على الشأن الداخلي هو «وصفة للفوضى»، فقد شهدت المنطقة أزمات في مختلف أماكنها، ولا يمكن تجاهلها فلا بديل لمواجهتها لتجنب انتشارها وتحقيق الاستقرار وهو ما يتطلب القرارات الصعبة، والعمل المشترك، والسعي نحو تحقيق الحلول البناءة.
وأشار إلى أن المنطقة تدفع ثمناً باهظاً بسبب ترويج الطائفية من قبل بعض الأطراف الإقليمية والجماعات المقاتلة والميليشيات، ولذلك فعلى إيران أن توقف التدخل في الشؤون العربية، وسياستها العدوانية لدول المنطقة، وبرغم أن الاتفاق النووي كان يشكل فرصاً لها للاتجاه بعمل بناء تجاه جيرانها فإنها اختارت أن تواصل التوسع عبر نشر الطائفية وإثارة القلق في المنطقة.

وتابع قرقاش "نحن لا نرفض اقتراح الحوار مع إيران، ولكن يجب أن يكون الحوار بناء وحقيقياً، وأن تحترم إيران سيادة الدول العربية، وأن توقف جهودها لتصدير الثورة، وترويج فكرة المظلومية، وأن تتصرف كدولة لا ثورة."

وأكد أننا بحاجة لبناء منظومة عربية معاصرة، وهذه المنظومة تتطلب دوراً محورياً للمملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر، فالعالم بحاجة لهاتين الدولتين، ولدورهما الحاسم، لبناء محور إقليمي وثيق، ويجب التفكير بطرق مبتكرة، وجديدة، لبحث هذه المنظومة وأفقها.

تعاون أمني

وكانت الجلسة الثالثة للملتقى تحت عنوان التعاون الأمني في المنطقة برئاسة الدكتور محمد ولد محمدو، ومشاركة ضيوف الجلسة، وهم عبدالرحمن الراشد عضو مجلس إدارة مجموعة «إم بي سي»، والكاتب في صحيفة الشرق الأوسط، والدكتور حسين موسويان المتخصص في الشؤون الأمنية بمنطقة الشرق الأوسط وبالسياسات النووية، والدكتور مايكل سينغ، والدكتور سلطان النعيمي خبير في الشؤون الإيرانية.

وذكر عبدالرحمن الراشد أن المنظومة العسكرية في مجلس التعاون الخليجي «درع الجزيرة» منذ تأسيسها امتحنت فقط في ظروف محدودة، في غزو الكويت وحالياً في اليمن، وأضاف أن المشاهد العامة في المنطقة توحي بوجود خطر عسكري وقلق من تمدد إيراني في المنطقة.

وأشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي كانت تعتمد بشكل أساسي على العلاقات العسكرية مع الغرب بالتحديد أميركا، ولكن بعد عام 2009 انعدم التفاهم الخليجي الأميركي، وساد قلق كبير من الانسحاب الأميركي من المنطقة بوقت حرج، وقال ان دول الخليج دول تنموية وتهتم كثيراً بالنهضة والتنمية كذلك تهتم بالجانب العسكري ،أما إيران فقد صبت كل اهتمامها على التسليح.

وأكد على أن دول الخليج العربي لم تخطئ في استعانتها بالولايات المتحدة الأميركية من الناحية العسكرية، كذلك كوريا التي تعد من أكثر الدول تطوراً في العالم هي الأخرى تستعين بشكل كامل بالولايات المتحدة.

انطباعات الإيرانيين ضد الخليجيين

وقال حسين موسويان "كل السياسات بعد الثورة بما في ذلك العقوبات هي انطباعات الإيرانيين ضد الخليجيين، يعتقدون أن دول الخليج تحاول الهيمنة على المنطقة، إذا أراد أي طرف الدخول إلى المفاوضات عليه أن يدخل بلا شروط.

وأشاد مايكل سينغ بالتعاون الخليجي في المجال السياسي والعسكري والذي بدأ يتصرف بشكل مشترك وجماعي والدليل التعاون العسكري في اليمن، وقال " الجيد أن نرى أجندة تساعد على التعاطي مع الأزمات الأخرى ،لا اعتقد أن التعاون الخليجي يعتمد على أميركا ولكن هناك شراكة".

تصادم خليجي إيراني

وأشار الدكتور سلطان النعيمي إلى أن التصادم بين دول الخليج العربي وبين إيران لا علاقة له بالشعب الإيراني، وقال: يجب الفصل بين سياسة النظام الإيراني وبين شعبه، فـنحن نواجه النظام الإيراني وسلوكه، وأضاف أن هناك قوات مشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي لتحقيق السلم والاستقرار في المنطقة في ظل وجود التهديدات الإيرانية، وأكد على أن وجود العناصر المشتركة هي بحد ذاتها نجاح. وأضاف: إذا كانت العراق في زمن صدام قد شكلت تهديداً على الخليج، هي الآن أيضاً تشكل تهديداً عليه.

وقال إن إيران يجب عليها أن تركز على نقاط مهمة في سياستها وهي السيادة واحترام الدول وعدم التدخل في شؤونها.