تفاجأ دونالد ترامب بفوزه كما تفاجأ الآخرون، إذ كان يعمل على الاستفادة المادية من خسارته في الانتخابات الرئاسية. وهو في هذا، كما في كل قراراته الأخرى، يُقلق العالم أجمع.


لندن: قال ديفيد ريمنك، رئيس تحرير مجلة نيويوركر، إن ما يثير القلق في انتخاب دونالد ترامب هو "عدم احترامه الدستور وازدراؤه الصحافة ودعوته إلى معاقبة المحتجين أو من يحرقون العلم، ومنع فئات إثنية من المهاجرين، وهلم جرّا". 

حديث المصالح

اضاف ريمنك أن لدى ترامب تضاربات لا تُحصى في المصالح، "فهو يعيّن اشخاصًا أقل ما يُقال فيهم أنهم من نوعية متدنية، ويكذب بكثرة مدهشة وبقدر مذهل، وطبعه وشخصيته هما على وجه التحديد ما تكره أن تراه في اطفالك، ناهيك عن رؤيته في رئيسك، وهناك حقًا ما يدعو إلى القلق".

اعتبر ريمنك في حديث مع مجلة شبيغل الالمانية أن انتخاب ترامب يأتي في اطار "اتجاه دولي لا يقل مدعاة للقلق في بريطانيا وفرنسا والمانيا والنمسا، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان يريد أن يرى هذه النتيجة بقدر ما يريد أن يرى فوز القوميين والمعادين للاتحاد الأوروبي في فرنسا". 

ويرى ريمنك أن الرئيس الروسي يريد أن يقود اتجاهًا غير ليبرالي معاديًا للأجانب وقوميًا متطرفًا في السياسة الدولية، ويريد انهاء العقوبات الاقتصادية لكنه يريد قدرًا اكبر من السيطرة في اوروبا، وعلى الاتجاهات الأيديولوجية عمومًا في العالم. ولهذا السبب، يثير صعود ترامب القلق، لا على المستوى الاميركي وحده بل على المستوى الدولي ايضًا. 

العالم الحقيقي

تابع ريمنك واصفًا ترامب بأنه "صاحب شركة عقارية ونجم برنامج في التلفزيون الواقعي صُدم بقدر ما صُدم جميع الآخرين بدخوله معترك السياسة الكبرى وخروجه منتصرًا، وستكون بيده الآن قوة هائلة" مؤكدًا أن ترامب خاض الانتخابات وهو يتوقع أن يحقق مكاسب في المال والسمعة من خسارته "لكنه فاز الآن". 

اعرب ريمنك عن الأمل بأن المسؤوليات والحقائق ستلقي بثقلها على ترامب، ولن يكون الرئيس الذي نخشاه، بل شيئًا أكثر استقرارًا. وقال إن الرئيس الجديد سيتعين عليه أن يتعامل مع "العالم الحقيقي، حيث فلاديمير بوتين كما يقدم نفسه تمامًا، وبوتين ماهر للغاية ولن يجعل الأمر سهلًا على الولايات المتحدة أو المانيا وهو سيختبر ترامب".

ولاحظت شبيغل أن ترامب نفسه اطلق مئات الأكاذيب من دون أن تترتب عواقب على ذلك، وأن الأخبار الكاذبة كانت تنتشر كالفيروس لصالح ترامب. وفي هذا الشأن، قال رئيس تحرير مجلة نيويوركر أن ترامب "لم يتعين عليه أن يأتي بها بل كانت توفرها له منافذ للأخبار الكاذبة من كل صنف، مناشئها احيانًا في أماكن مثل مقدونيا أو جورجيا أو غيرهما".

معرفة ضعيفة

اضاف ريمنك: "هذا يضعف معرفتنا الجماعية بالواقع، ويجعل الديمقراطية أكثر تعقيدا". ونوّه بدور الانترنت، التي قال انها تشيع الديمقراطية من بعض النواحي ولكن لها آثارها الأخرى ايضًا، "حتى أن الكذبة على فايسبوك قد تبدو مقنعة كما تبدو مادة من مجلة شبيغل أو صحيفة واشنطن بوست. وهذه مشكلة. فهي يمكن أن تعجبين وتعجبني مرة أخرى وابدأ ببناء عالمي الاعلامي الخاص، لي ولأصدقائي، وهكذا نصبح أكثر عزلة بعضنا عن البعض، ونشرع في العيش في عوالم ذهنية متعارضة نادرًا ما تلتقي، ذات صلة بالايديولوجيا والحقيقة واللاحقيقة والأخبار واللااخبار. ورأينا هذه الاتجاهات في انتخابات سابقة ولكنها الآن اتجاه في منتهى القوة". 

شدد ريمنك على أن في ذلك دروسًا للصحافة: "علينا كصحافيين أن نجد كل قناة لتوزيع عملنا ونحاول أن نتقن ما نعمله بحيث نصبح أشد تأثيرًا بكثير من ذي قبل. ويجب أن نمارس الضغط على السلطة ونكتب الحقيقة ونكتب بلا هوادة وبلا خوف. هذه هي المهمة". 

أعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن مجلة "شبيغل". الأصل منشور على الرابط الآتي:
http://www.spiegel.de/international/world/interview-with-david-remnick-about-donald-trump-a-1124151-druck.html