واشنطن: رأى المسؤول الأميركي المكلف تقييم فاعلية جهود واشنطن لإرساء الاستقرار في أفغانستان الأربعاء أن هذا البلد ما زال يعاني من تفشي الفساد فيما لا تزال قواته عاجزة عن احتواء حركة طالبان بالرغم من دعم الولايات المتحدة.

وقال المفتش العام لإعادة إعمار أفغانستان جون سوبكو الاربعاء في واشنطن "حتى مع الكثير من الإرادة الطيبة، لا يسعني القول إن الأمور تحسنت كثيرا في أفغانستان في السنوات الأخيرة".

وفيما يستعد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب لتسلم السلطة في 20 كانون الثاني/يناير، اصدر مكتب سوبكو تقريرا فصل فيه كل العوامل التي تصطدم بها جهود الأميركيين وحلفائهم لإعادة إعمار افغانستان.

وعدد المفتش ثمانية عوامل، في مقدمها ضعف قوات الأمن الأفغانية وتفشي الفساد والغموض الذي يلف الميزانية الوطنية الأفغانية وازدهار زراعة الأفيون أكثر من أي وقت مضى.

وأنفقت الولايات المتحدة منذ 15 عاما حوالى ألف مليار دولار من أموال المكلفين في افغانستان بما في ذلك نفقات الحرب، وأكثر من 115 مليار دولار إذا لم يتم احتساب نفقات إعادة الإعمار.

لعبة القط والفأر

وقال سوبكو خلال مؤتمر صحافي عقده في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن إنه بالرغم من هذه الجهود، لا تزال قوات الجيش والشرطة الأفغانية عاجزة عن التصدي لحركة طالبان وتكتفي بلعب "لعبة القط والفأر" مع المقاتلين الإسلاميين.

وذكر بأن الشرطة والجيش الأفغانيين خسرا الاف العناصر في المعارك ضد حركة طالبان منذ أن أنهى الحلف الأطلسي مهمته القتالية في هذا البلد في أواخر العام 2014.

كما أشار الى تزايد عدد المجموعات المسلحة التي تعارض حكومة كابول فيما تتقلص سيطرة السلطات المركزية جغرافيا.

ويقدر الجيش الأميركي أن 63,4% من الولايات الأفغانية كانت تحت سيطرة أو نفوذ الحكومة المركزية في نهاية آب/أغسطس، مقابل 70,5% في مطلع 2016.

وعلق سوبكو "أقل ما يمكن قوله أن الجيش الأفغاني يكتفي بخط دفاعي ولا يهاجم بنفسه طالبان".

ورأى المفتش العام أن القادة العسكريين الأفغان ما زالوا يكذبون بشأن الحجم الفعلي لقواتهم، فيتقاضون أجور عشرات الاف الجنود الوهميين الذين لا وجود لهم سوى على الورق.

وقال إن الفساد متفش في صفوف القوات الأفغانية إلى حد أن قادة طالبان يوصون قواتهم بشراء الأسلحة والوقود والذخائر التي يحتاجون إليها مباشرة من الجنود.

وأوضح أنها بالنسبة لطالبان الوسيلة "الاسهل والأقل كلفة" للتزود.

حرب استنزاف

لا تزال القوات الأميركية تنشر 8400 عسكري في افغانستان اذ لم تتمكن إدارة باراك أوباما من تحقيق انسحاب عسكري تام كان الرئيس المنتهية ولايته وعد به، وستواجه الإدارة الجديدة خيارات معقدة برأي سوبكو.

وأوضح "إذا انسحبنا، فقد تنهار الحكومة الأفغانية بالكامل. وإذا بقينا وواصلنا ما نقوم به الآن، فقد يستمر الطريق المسدود" عسكريا الذي تحدث عنه قائد القوات الأميركية الجنرال جوزف دانفورد مؤخرا.

وتأكيدا على تقييم سوبكو، قال الخبير في معهد الدراسات الدولية والاستراتيجية انتوني كوردسمان إنه "أكثر من المرجح" أن تجد القوات الأفغانية نفسها في "حرب استنزاف" مع طالبان وأن تتكبد "هزيمة كبرى" عام 2017.

لكن سوبكو أفاد عن بعض المؤشرات المشجعة، ولفت بهذا الصدد إلى أن الرئيس أشرف غني ونائبه عبد الله عبد الله تعاونا مع الجهود الأميركية للحد من عمليات الاختلاس والهدر المالي.

وأضاف أن السلطات الأفغانية شكلت هيئة قضائية لمكافحة الفساد باشرت ملاحقات في مسائل تقاضي رشاوى.