دخلت مصر صباح الجمعة حيز حالة الطوارئ الجديدة التي فرضت بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي.

وكلّف القرار القوات المسلحة والشرطة بـ"اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد وحماية الممتلكات العامة والخاصة وحفظ أرواح المواطنين".

وصدر القرار بعد يوم واحد من انقضاء حالة الطوارئ التي فرضت منذ العاشر من أبريل/نيسان الماضي واستمرت 6 أشهر، عقب هجومين استهدفا كنيستين بمدينتي طنطا والإسكندرية وأسفرا عن مقتل 45 قبطيا وإصابة العشرات.

جدل

ومُدِّدت حالة الطوارئ لثلاثة أشهر أخرى بدءا من العاشر من يوليو/ تموز. ولا يسمح الدستور المصري بتمديد حالة الطوارئ إلا مرة واحدة فقطمما أثار جدلا بشأن مدى دستورية القرار الجديد، الذي اعتبره البعض تمديدا لحالة الطوارئ بينما يرى آخرون أنه إعلانا جديدا لحالة الطوارئ.

ومن المنتظر أن يُعرض القرار على البرلمان المصري خلال سبعة أيام، حيث يتطلب إقراره موافقة غالبية أعضاء المجلس، وفقا للدستور.

وقال مصطفى بكري عضو مجلس النواب في تصريحات على وسائل التواصل الاجتماعي "تم اتباع الإجراءات التي نظمها الدستور في هذه الحالة فقد وافق مجلس الوزراء على قرار الرئيس، ويجب أن يعرض مشروع القانون على مجلس النواب للموافقة عليه خلال سبعة أيام من تاريخه بأغلبية عدد أعضاء المجلس ولمدة ثلاثة أشهر قابلة للتمديد".

صلاحيات واسعة

ويمنح القانون المنظم لحالة الطوارئ صلاحيات واسعة للسلطة التنفيذية منها وضع قيود على حرية الاجتماع والانتقال ومراقبة والصحف، والاستيلاء على أي منقول أو عقار والأمر بفرض الحراسة وإخلاء بعض المناطق أو عزلها.

لكن بكري لجأ إلى طمأنة متابعيه على موقع فيسبوك قائلا "غير صحيح أن هناك اتجاها لفرض حظر التجوال أو غيره، ما كان ساريا حتى أول أمس هو نفسه الذي يسري خلال فترة التطبيق".

ولم تشاهَد في شوارع القاهرة أو غيرها المدن الكبرى أي نقاط تفتيش غير معتادة لقوات الأمن أو القوات المسلحة حتى ظهر الجمعة.

ويستثنى من ذلك بعض المناطق في شمال شبه جزيرة سيناء التي يفرض فيها حظر تجوال ليلي منذ عام 2015 في إطار مساعي السلطات لكبح جماح العنف هناك.

إبطال نص الاعتقال

ومن الناحية العملية، استخدمت الصلاحيات التي يمنحها القانون للسلطة التنفيذية، خلال الفترة الماضية في منع الوصول إلى عدد من المواقع على الإنترنت وإحالة متهمين إلى محكمة أمن الدولة العليا لاختصار درجات التقاضي.

الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري شدد على أن المواطن العادي لم يتضرر من حالة الطوارئ موضحا "كان من صلاحيات الجهة الإدارية إصدار قرارات اعتقال وتفتيش دون التقيد بقانون الإجراءات الجنائية لكن عام 2013 لم يعد هذا ممكنا بعد إبطال المحكمة الدستورية هذه المادة".

وأضاف "في الواقع أصبحت صلاحيات السلطة تتمثل في بعض الأمور مثل فرض حظر التجوال كما هو الحال في بعض مناطق شمال سيناء وسحب تراخيص الأسلحة وإغلاق المحال العمومية وهذه كلها لا تطال حريات المواطن".

"تقييد الحريات"

ويرى الدكتور عصام الإسلامبولي المحامي بالنقض في القرار "تحايلا على الحالة الدستورية"، وأوضح "إن ترك يوم واحد بعد انقضاء حالة الطوارئ ثم إعادة إعلانها مرة أخرى يعد نوعا من التحايل، وربما يستمر هذا الوضع ويكون سيفا مسلطا على الحقوق والحريات ".

وأضاف الإسلامبولي "المشرع الدستوري عندما أراد تحديد سقف زمني للطوارئ مدته ثلاثة أشهر يمكن مدها لثلاثة أخرى كان يستهدف عدم الإبقاء على الأوضاع التي سبقت الثورة حينما تواصل فرض حالة الطوارئ لمدة ناهزت الأعوام الثلاثين".

لكن الدكتور صلاح فوزي الذي كان عضوا باللجنة التي وضعت نصوص الدستور الحالي أوضح "أن انقضاء مدة الطوارئ لا يعني انتهاء الأسباب التي أدت إلى إعلانها".

وجاء في مقدمة القرار الصادر أمس الخميس مبرر فرض حالة الطوارئ بأنه جاء نظرا للحالة الأمنية "الخطيرة" التي تمر بها البلاد وهو ذات السبب الذي ورد في نص قرار أبريل / نيسان الماضي.

ويوضح فوزي "إذا انقضت المدة واستمر السبب ألا تعلن حالة الطوارئ مجددا؟ الإجابة بالإيجاب، لأن حماية الدولة وحماية المواطنين ونظامها العام مصلحة عليا، حتى لو كان الفاصل الزمني بين حالة طوارئ وأخرى ثوان معدودات".

وذهب فوزي إلى أبعد من ذلك باقتراح تعديل النص الذي يحدد مدة الطوارئ في الدستور "صياغة نص حالة الطوارئ في الدستور الفرنسي أكثر إحكاما وتعتبر أسباب فرض حالة الطوارئ قوة قاهرة وحالة الطوارئ مفروضة هناك منذ سنة ونصف ولم يتطلب الأمر وجود فاصل زمني كما هو الأمر في الدستور المصري".