نصر المجالي: أعلن الأمين العام لحزب التيار الوطني في الأردن عبد الهادي المجالي حلّ الحزب، مؤكدًا أن سبب حل الحزب، هو عدم وجود إرادة سياسية للعمل الحزبي، واصفًا العمل الحزبي بأنه مجرد "عمل ديكوري".

وقال عبدالهادي المجالي وهو سياسي وبرلماني أردني مخضرم، فضلاً عن تاريخه العسكري، إن الأحزاب غير مناسبة للحياة السياسية في الأردن، موضحًا أن الدولة إذا كانت تريد تغيير نهجها في التعامل مع الأحزاب فعليها أن تقدم إشارات على ذلك.

وأوضح المجالي الذي ترأس مجلس النواب لعديد من السنين، كما حمل حقائب وزارية عديدة، أن الموروث الحزبي في الاْردن مؤلم جدًا، حيث أن الشعب الأردني لديه قدرة هائلة على العمل الحزبي وأن الأحزاب لها دور وطني مثل الأمن العام والقوات المسلحة.

واعلن المجالي مساء امس الأحد عن حل الحزب، وعقد اجتماع السبت المقبل للمجلس المركزي للمصادقة على القرار، وبعدها الدعوة لاجتماع للهيئة العامة بحسب ما ينص عليه النظام الداخلي للحزب.

حاولنا وفشلنا 

كما قال المجالي في مؤتمر صحفي عقده الحزب امس الأحد، إن الحزب لم يستطع مع إمكانياته وعلاقاته مع السلطة التشريعية تشريع بعض المواد في القانون الانتخابي والحزبي للارتقاء بالعمل الحزبي في البلاد.

وأضاف قائلا: "حاولنا أن نكون حزباً وطنياً يخدم الوطن والعمل الحزبي"، متسائلاً عمن يتحمّل المسؤولية عن تعطيل الأوراق النقاشية الملكية التي من شأن تطبيقها تعزيز الحياة الحزبية في البلاد.

وكان الحزب اعلن الاسبوع الماضي مباشرته ببحث حل نفسه، واضعًا هذا التوجه بالحل في إطار ما اعتبره المجالي "تغييب العمل الحزبي وعدم اتخاذ إجراءات تشريعية تعمل على تعميق الحياة الحزبية وتقويتها' في البلاد".

وقال المجلس المركزي للحزب بأنه بعد "جلسة عصف ذهني ونقاش مستفيض لحل الحزب" عقدها برئاسة المجالي، ستعقد جلسة رسمية لمناقشة قرار حل الحزب، في وقت عبر عدد من قيادات المجلس المركزي عن اعتراضه على مبدأ الحل، مطالبًا قيادة الحزب بالتروي ودراسة كل السبل الممكنة لتعزيز التجربة. 

عدم وضوح الرؤيا

وحسب البيان، قال المجالي في الجلسة "نعيش مرحلة من عدم الوضوح في الرؤيا السياسية تقوم على التهميش"، مستعرضًا المراحل التي مرت بها التجربة الحزبية في البلاد منذ العام 1989، والتي قال انها "قامت على التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية وصولاً الى تجربة الميثاق الوطني".

وبعد ان استعرض المجالي، الذي سبق أن أسس وترأس الحزب الوطني الدستوري منتصف التسعينيات الماضية، تجربة ترخيص الاحزاب منذ 1989، ليخلص الى تساؤل "نحن الان نتساءل هل هناك فائدة من العمل الحزبي؟ وهل تقدمنا خطوة للأمام في ظل غياب الأمل؟ في ظل تغييب العمل الحزبي وعدم اتخاذ اجراءات تشريعية تعمل على تعميق الحياة الحزبية وتقويتها".

اغلاق تجربة سياسية 

وإلى ذلك، اعتبر الكاتب السياسي الأردني عمر كلاّب أن اغلاق حزب التيار الوطني هو اغلاق لتجربة سياسية ستضع الحياة السياسية الاردنية امام مواجهة صعبة عن البدائل المدنية لمواجهة تغول السلطة وستجعل الامل ينحسر في الوصول الى دولة مدنية والى بدائل جمعية مما يعزز البناء الفردي والأنانية السياسية.

وأضاف كلاب قائلا: تجربة حزب التيار الوطني التي بدأت بالعهد ثم الحزب الدستوري، تجربة مغايرة نسبيًا، فرغم خضوعها لكل الاسباب السابقة الا انها تطورت بفعل انحياز رئيس الحزب الى التجربة الحزبية وقناعته الشخصية بضرورتها. 

توريط

وقال: وأكاد اجزم أن عبد الهادي المجالي آمن فعلاً بالتجربة الحزبية وضرورتها وتطورت ذهنية الرجل على هذا المسار، ولذلك دفع اثمانًا باهظة، من الاحزاب المنافسة او الموجودة وجرى توريط الرجل في وعودات كثيرة وجرى استخدام حزبه في حروب خاسرة ولعل قبوله مبدأ الاستخدام السياسي قد وضعه في مأزق افضى في النهاية الى قراره اغلاق الحزب. 

ونوه كلاّب إلى أن المجالي كان يسعى من خلال الحزب الى توفير بديل موضوعي للاحزاب الشمولية او العابرة للجغرافيا وكذلك تظهير اللون الغائب عن الحياة الحزبية الاردنية – الاحزاب البرامجية – والتي كانت مشدودة بين وترين، الدينية من جهة والقومية اليسارية من جهة اخرى.

صرخة مدوية 

ومن جهته، قال المحللي السياسي جمال العلوي إن حل التيار الوطني يجب ان لا يكون حدثاً عابرًا في الحياة الاردنية، بل صرخة مدوية في سماء الحياة السياسية على اصحاب القرار الاستماع لمدلولاتها وقراءتها بشكل صحيح وخاصة انها خطوة جاءت قبل اشهر قليلة من المؤتمر العام للحزب الذي سيعقد في مايو المقبل.

وأضاف: هناك من يظن أن التفكير بحل حزب التيار الوطني كان وليد لحظة عاجلة جاءت خلال اجتماع عصف فكري للمجلس المركزي، وبدون دراسة وربما كان مرتبطا بتغيير المسميات القيادية في الحزب. وهذا التوجه داخل الحزب بدأ ينمو منذ اكثر من عام في ظل شعور عام داخل صفوف الكوادر المتقدمة في الحزب بحالة غير مفهومة في التعامل مع ملف الاصلاح السياسي.

وقال العلوي: وللتاريخ نذكر ان الحزب تعرض لمسلسل طويل من حالة الاقصاء والتهميش بدأت منذ عام 2010 وحتى الان وتحديدا الضربة الموجعة التي مر بها الحزب في عام 2013 وتنامي الشعور بدفع بعض الشخصيات نحو الاستقالة.

حتمية التغيير

ونبّه العلوي إلى أن قيادات الحزب تؤمن بحتمية المشاركة وحتمية التغيير وان النهج الاساسي في البلاد يجب ان يقوم على تنمية الحياة السياسية وتعزيز مبدأ تداول السلطة وصولا للحكومات البرلمانية. وهو ما طرحته الاوراق الملكية النقاشية السبع التي صدرت تباعًا.

وقال: ومرات عديدة وجهنا دعوات لشخصيات عربية ودولية حاضرت في مجال تعزيز المشاركة الديمقراطية وتحديدًا في التجربة المغربية التي نشعر، انها قريبة لتجربتنا ولظروف بلدنا.

وخلص العلوي إلى القول: لابد من التفكير بصوت عالٍ بضرورة ان يكون الترشيح للبرلمان عبر بوابة الاحزاب فقط، اذا اردنا تعميق الاصلاح وتجذيره. ولا مناص من التعامل مع حياة حزبية حقيقية لتجاوز البنية الانشطارية في مجتمعنا وتحصين المجتمع ولابد من فتح الافاق لنمو حياة حزبية عميقة وقادرة على تمثيل الناس.