أعلن وزير دفاع روسيا سيرغي شويغو خلال زيارة له إلى إسرائيل، عن قرب انتهاء الحرب المندلعة في سوريا، وقرب إيقاف العملية الروسية في البلد الذي يشهد نزاعًا داميًا منذ العام 2011.

إيلاف من موسكو: التصريحات التي صدرت أخيرًا عن سيرغي شويغو، وزير الدفاع الروسي، حول قرب إنهاء بلاده العملية العسكرية في سوريا، المتواصلة منذ سبتمبر 2015، تشي بتحوّل نوعي في سياسات روسيا في المنطقة، وتعكس ما قد تكون نتيجة مباشرة للمباحثات الأخيرة التي جرت في الكرملين بين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مطلع أكتوبر الجاري. 

إلى نهايتها

كان الجانبان قد أعلنا في ختام هذه المباحثات عن أنهما بحثا الأوضاع في المنطقة، وخلصا إلى الاتفاق في الرأي حول ضرورة العمل من أجل سرعة تسوية الأزمة السورية إنطلاقًا مما سبق التوصل إليه من اتفاقات في موسكو وأستانة وجنيف، وما يتفق مع القرار الأممي رقم 2254.

الرئيس الروسي مستقبلا عاهل السعودية في موسكو

غير أن ما قاله شويغو، وعلى الرغم من أهميته القصوى من حيث توقيت الإعلان عنه، فإنه يثير قدرًا من الدهشة ، إذ أن اختيار الوزير الروسي لقاءه مع نظيره الإسرائيلي اليهودي الروسي الأصل أفيغدور ليبرمان، مناسبة للإعلان عن قرب انتهاء العملية العسكرية الروسية في سوريا. 

كان شويغو استهل ذلك اللقاء بقوله: "أود أن أناقش معكم على نحو مستقلّ كل ما يتعلق بسوريا. العملية هناك في سبيلها إلى نهايتها"، بحسب ما أشارت وزارة الدفاع الروسية في بيانها الصادر في هذا الصدد. 

قرارات عاجلة

أضاف الوزير الروسي: "هناك بعض اللحظات التي تتطلب قرارًا عاجلًا، وتدعو إلى مناقشة آفاق التطورات اللاحقة للأوضاع في سوريا".

وإذا أضفنا إلى ذلك ما سبق وأعلنته وزارة الدفاع الروسية حول تحرير ما يزيد على 92 في المئة من الأراضي السورية من داعش، وما سبق أن قاله شويغو في نهاية أغسطس الماضي حول إنتهاء الحرب الأهلية في سوريا، وما تحقق بسبب توصل الأطراف السورية المعنية تحت رعاية أممية إلى اتفاق حول إقامة مناطق خفض التصعيد في سوريا، فسوريا ستكون أمام صورة مغايرة لما كانت عليه الأوضاع في السابق، من حيث التحول إلى مرحلة نوعية جديدة لتطور الأوضاع في سوريا والمنطقة، على ضوء نتائج مباحثات الملك السعودي مع القيادة الروسية في موسكو، في إطار التحول من المواجهة إلى التعاون بموجب الإعلان عن تغيّر الأولويات والتوقف عن الاستمرار في الدعم العسكري لبعض فصائل المعارضة السورية.

هذا ما سبق أن تداولته وكالات الأنباء المحلية والعالمية في معرض ما نشرته حول سقوط الكثير من الأسلحة المخصصة لدعم تسليح المعارضة السورية في أيدي داعش والنصرة، فضلًا عن تكرار العمليات العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت بعض مواقع القوات الحكومية السورية والفصائل التابعة لإيران وحزب الله.

وحسب متابعين، ثمة شواهد تقول إن المباحثات بين شويغو وليبرمان تطرقت إلى ما تضمنته مباحثات ملك السعودية في موسكو، ما يعني ضمنًا إطلاع الجانب الإسرائيلي على نتائج هذه المباحثات.

أهمية خاصة

كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قد كشف في تصريحات أدلى بها في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره السعودي عادل الجبير في ختام المباحثات الرسمية في الكرملين عن أن هذه المباحثات "تركزت بالدرجة الأولى حول مناقشة الأوضاع في سوريا وليبيا واليمن ومنطقة الخليج والتسوية الفلسطينية الإسرائيلية".

أضاف: "الملك سلمان والرئيس بوتين أعارا أهمية خاصة وتفهمًا كاملًا لضرورة الحوار البناء بين كل الأطراف المعنية لحل هذه القضايا وغيرها، مع التأكيد على ضرورة سرعة تجاوز الأزمات عبر الطرق السياسية السلمية استنادًا إلى الحوار الوطني الواسع على أساس ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي".

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز

انطلق الجانبان مما سبق أن تداولته المصادر الرسمية في موسكو حول اعتراف الجانبين بضرورة الانصراف إلى التعاون في مجال مكافحة الإرهاب الدولي انطلاقًا من رفض أيديولوجيات التطرف، والاتفاق حول وقف الدعم المسلح للمعارضة السورية، والتحول نحو دعم المشاورات بين فصائل المعارضة من أجل تشكيل وفد موحد، بما يسمح باستئناف مفاوضات جنيف في نهاية أكتوبر الجاري في جنيف.

قضايا الأمن

من اللافت أن موسكو أبدت الاهتمام والإشادة بالزيارة التي قام بها شويغو إلى مقر إقامة الملك سلمان في موسكو، وما صدر من هذه الزيارة من بيانات تقول إنهما بحثا وسائل التعاون بين البلدين في المجالات العسكرية.

وكشفت المصادر الروسية عن أن الوزير الروسي "طرح على خادم الحرمين الشريفين مناقشة قضايا الأمن في الشرق الأوسط"، وأشار إلى "يقينه بأن مباحثات العاهل السعودي مع بوتين تعطي دفعة كبيرة إلى تطوير العلاقات الروسية السعودية في مختلف المجالات، وأن المؤسسة العسكرية الروسية تولي اهتمامًا فائقًا لتطوير التعاون الثنائي في المجالات العسكرية، والعسكرية - التقنية".

كان شويغو أعرب أيضًا عن أمله في أن يسفر لقاؤه مع العاهل السعودي عن دعم تطور العلاقات الودية بين القوات المسلحة الروسية والسعودية.

تلك كلها مقدمات تفسّر ما وراء إعلان شويغو عن "قرب انتهاء العملية العسكرية الروسية في سوريا"، وهو إعلان يقترب في أهميته ومعانيه ودلالاته من الإعلان الذي صدر من المملكة ومن الولايات المتحدة بشأن وقف دعم فصائل المعارضة السورية، فضلًا عن كونه حافزًا مهمًا للأطراف السورية المعنية في المباحثات المرتقبة في نهاية أكتوبر الجاري تحت رعاية المبعوث الأممي للأمم المتحدة في جنيف.