«إيلاف» من القاهرة: ردًا على مقتل 16 شرطيًا من قوات الأمن المصرية في الحادث الإرهابي على طريق الواحات يوم الجمعة الماضي، أصدرت المؤسسة الدينية ممثلة في الأزهر ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، العديد من الفتاوى المساندة للدولة في حربها ضد الإرهاب. ودعت المصريين إلى ضرورة التفتيش عن الخلايا النائمة بينهم، والإبلاغ عن أعضائها للجهات الأمنية، معتبرة أن ذلك "واجب شرعي".

بعد مقتل 16 شرطيًا بينهم قيادات رفيعة المستوى في وزارة الداخلية، اتجهت المؤسسة الدينية في مصر إلى حشد المواطنين، ضد ما يعرف بـ"الخلايا النائمة"، وطالب وزير الأوقاف، الدكتور محمد مختار جمعة، جميع المصريين بـ"ضرورة التفتيش عن الخلايا النائمة والدفينة التي توفر حواضن فكرية ومجتمعية للإرهابيين"، معتبرًا ذلك "أولى الخطوات الجادة في المواجهة الحقيقية والفعالة لمنع تسلل الإرهاب إلى داخل المجتمع المصري".

 وقال الوزير في تصريحات له: "إن الرسالة الأولى التي أوجهها لكل مواطن ووطني شريف أن الإبلاغ عن الإرهابيين والخونة والعملاء وحملة السلاح والقتلة والمخربين والمفسدين ومن يستهدفون أمن الوطن وقواته في الجيش والشرطة أو تخريب المؤسسات واجب ديني وشرعي ووطني، حتى وإن كلفك ذلك نفسك كونك ستموت شهيدًا لأنك تؤدي واجب ديني".

وأضاف أن دعوته هذه لا تخص المواطنين فقط بل يجب على جميع مؤسسات الدولة الإبلاغ عن الخونة وعملاء الإخوان بداخلها، في إشارة إلى الموظفين بالدولة، مشيرًا إلى أن "وزارة الأوقاف أكثر وزارات الدولة التي طالتها عناصر الإخوان الإرهابية، وزرعوا بها مندسين لهم من خلال تعيين شخصيات لا علاقة لهم بالدين أو الدعوة أو من خريجي الأزهر؛ ولذلك بذلت مجهودًا كبيرًا في تطهير الوزارة من هذه العناصر منذ توليتي المنصب".

وشدد وزير الأوقاف على أنه أعلن صراحة عن عدم السماح لأي شخص ينتمي لجماعة أو فكر أن يتولى منصبًا قياديًا بالوزارة، وتابع: "جميع القيادات العليا بالوزارة لا تنتمي لأي جماعة الآن، ولم أتوقف عند هذا الحد بل أعمل إلى الآن على تطهير الوزارة من الخلايا النائمة والميتة والتي تتمثل في الوظائف الصغيرة أو الأئمة الموجودين بالمساجد".

كما أصدرت هيئة كبار علماء الأزهر فتوى جديدة، طالبت المصريين كافة أن يحشدوا جهودهم من أجل دعم مؤسسات الدولة في حربها الشاملة ضد هذه العصابات الإرهابية، التي لم يعد يخفى على أحد أن وراءها جهات خارجية لا تريد الخير والاستقرار لمصر وشعبها". على حد تعبيرها.

 وأفتت هيئة كبار العلماء بأن "كل مواطن يساعد الدولة في حربها ضد الإرهاب هو نوع من الجهاد في سبيل الله"، مشيرًة إلى أن "الجهاد يعني بذل الجهد في مجاهدة النفس فيما يضر بها أو بالآخرين أو أي شيء من مكونات الكون حولنا، وكذلك مجاهدة الشيطان وهو العدو المبين للإنسان– الجهاد الأكبر– أو بذل الجهد في رد كيد المعتدي، ولا أدل على ذلك من قول الله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم، ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} إذن فالجهاد هو وسيلة رد العدوان، ولا يمكن أن يكون الجهادُ وسيلةً للعدوان أبدًا"، حسبما ورد في الفتوى.

من جانبه، قال الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر: " إن مصر في حالة حرب الجميع مشارك فيها، وليست الحرب على الإرهاب مقتصرة فقط على الجيش والشرطة وأجهزة الدولة المعنية، فالشعب قوة أساسية في تلك الحرب".

 وأضاف في تصريح له: "الشريعة الإسلامية أوجبت على كل مسلم أن يشارك إخوانه في دفع أي اعتداء يقع على وطنه، وفُرض على مواطني هذه البلد فَرض عين أن يجاهدوا ويقاتلوا لدفع هذا العدوان، وكل من قصر في أداء هذا الواجب يعتبر خائنًا لدينه ولوطنه".

وطالب جميع الشعب المصري العمل على مساعدة الدولة في حربها ضد الإرهاب، وذلك بالإبلاغ فورًا عن أي إرهابي يدعو إلي تخريب البلاد، وتخريب اقتصادها وقتل الأبرياء وتخويف أمن أصحاب الديانات الأخرى. حسب تعبيره.

كما دعا الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، "الشعب المصري بضرورة التكاتف مع القوات المسلحة والشرطة في حربهم الباسل ضد الخونة والعملاء وحاملي السلاح من الإرهابيين والدول المساندة لهم، مطالبًا "كل مواطن شريف لديه معلومة يقوم فورًا بتوصيلها للأجهزة المعنية، فهذا واجب وطني، فالشريعة الإسلامية اعتبرت كل من يموت دفاعًا عن وطنه شهيدًا، والدفاع هنا قد يكون بالجهاد أو بالكلمة".

وتبنى نواب في البرلمان، الدعوات للإبلاغ عن الإرهابيين المندسين داخل المجتمع. وطالب يحيي كدواني، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، "المواطن المصري بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، بالإبلاغ عن التحركات المشبوهة التي تخطوها الجماعات الإرهابية"، مشيرًا إلى أن "الإرهاب يستهدف المنطقة العربية بشكل خاص، لتقسيمها وتدمير الجيوش العربية".

كما أهابت نقابة الصحفيين، بـ"كل المواطنين الإبلاغ عن أي تجمعات أو مظاهر لأي تحركات تثير الريبة، وذلك للجهات الأمنية المسئولة، أو لأقرب نقطة شرطية أو عسكرية".

وكان 16 شرطيًا قتلوا مساء الجمعة الماضية، في منطقة صحراوية بطريق الواحات في محافظة الجيزة.