في أولى تداعيات الزلزال السياسي الذي ورد في خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس لدى افتتاحه أخيرًا السنة التشريعية الجديدة، قرر الملك محمد السادس إعفاء عدد من الوزراء في حكومة الدكتور سعد الدين العثماني، ومدير مؤسسة عمومية، وأمر رئيس الحكومة بتقديم مقترحات لشغل المناصب الوزارية الشاغرة.

إيلاف من الرباط: شمل القرار كلًا من محمد حصاد، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، بصفته وزير الداخلية في الحكومة السابقة؛ ومحمد نبيل بنعبد الله، وزير إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، بصفته وزير السكنى وسياسة المدينة في الحكومة السابقة؛ والحسين الوردي، وزير الصحة، بصفته وزيرًا للصحة في الحكومة السابقة؛ والعربي بن الشيخ، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، المكلف التكوين المهني، بصفته مديرًا عامًا لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل سابقًا.

كما قرر العاهل المغربي إعفاء علي الفاسي الفهري من مهامه كمدير عام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب. تأتي هذه الإعفاءات والقرارات غير المسبوقة في تاريخ البلاد، بناء على نتائج التحقيق التي عرضها الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، إدريس جطو، على الملك اليوم الثلاثاء في القصر الملكي في الرباط، بحضور كل من رئيس الحكومة ووزيري الداخلية والاقتصاد والمالية، حول برنامج "الحسيمة.. منارة المتوسط".

العاهل المغربي لدى تسلمه تقرير المجلس الأعلى للحسابات من رئيسه ادريس جطو 

وحسب بيان للديوان الملكي، نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية، هذا المساء، فإن تقرير المجلس الأعلى للحسابات أكد أن التحريات والتحقيقات التي قام بها أثبتت وجود "مجموعة من الاختلالات تم تسجيلها في عهد الحكومة السابقة"، التي كان يقودها عبد الإله ابن كيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية.

وأشار البيان عينه إلى أن قرارات الملك جاءت "تطبيقًا لأحكام الفصل 47 من الدستور، ولاسيما الفقرة الثالثة منه، وبعد استشارة رئيس الحكومة".

ولفت بيان الديوان الملكي إلى أن الملك محمد السادس استند في اتخاذ قراراته إلى مختلف التقارير التي أعدتها المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية، والمجلس الأعلى للحسابات، مبرزًا أنه "بعد تحديد المسؤوليات، بشكل واضح ودقيق، يأخذ في الاعتبار درجة التقصير في القيام بالمسؤولية، قرر جلالة الملك، أعزه الله، اتخاذ مجموعة من التدابير والعقوبات".

وبخصوص المسؤولين في الحكومة السابقة المعنيين كذلك بهذه الاختلالات، قرر العاهل المغربي "تبليغهم عدم رضاه عنهم، لإخلالهم بالثقة التي وضعها فيهم، ولعدم تحملهم لمسؤولياتهم"، مؤكدًا أنه "لن يتم إسناد أي مهمة رسمية لهم مستقبلًا". ويتعلق الأمر بكل من رشيد بلمختار بنعبد الله، بصفته وزير التربية الوطنية والتكوين المهني سابقًا؛ ولحسن حداد بصفته وزير السياحة سابقًا؛ ولحسن السكوري، بصفته وزير الشباب والرياضة سابقًا؛ ومحمد أمين الصبيحي، بصفته وزير الثقافة سابقًا؛ وحكيمة الحيطي، كاتبة الدولة (وزيرة دولة) لدى وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، المكلفة البيئة سابقًا، الأمر الذي يعني أن المستقبل السياسي لهؤلاء قد انتهى.

بالنسبة إلى المسؤولين الإداريين، الذين أثبتت التقارير في حقهم تقصيرًا واختلالات في القيام بمهامهم، وعددهم 14، فقد أصدر الملك تعليماته لرئيس الحكومة، قصد "اتخاذ التدابير اللازمة في حقهم، ورفع تقرير في هذا الشأن لجلالته"، وهو ما يؤكد أن الزلزال السياسي سيستمر في الإطاحة بعدد من المسؤولين عن التأخير الحاصل في إنجاز مشروع "الحسيمة.. منارة المتوسط".

بدت لافتة في البيان عينه، إشادة العاهل المغربي بالجهود التي "تبذلها الحكومة الحالية، للإسراع في تنفيذ المشاريع المبرمجة"، ودعا في توجيهاته إلى "أخذ العبرة من المشاكل التي عرفها البرنامج التنموي "الحسيمة.. منارة المتوسط"، لتفادي الاختلالات والعوائق التي قد تعرقل إنجاز الأوراش التنموية في مختلف جهات المملكة".

وجدد الملك الدعوة إلى اتخاذ "كل الإجراءات التنظيمية والقانونية، لتحسين الحكامة الإدارية والترابية، والتفاعل الإيجابي مع المطالب المشروعة للمواطنين، في إطار الاحترام التام للضوابط القانونية، في ظل دولة الحق والقانون".

يذكر أن القرارات الملكية المعلنة تندرج في إطار "سياسة جديدة، لا تقتصر على منطقة الحسيمة فقط، وإنما تشمل جميع مناطق المغرب، وتهم كل المسؤولين على اختلاف مستوياتهم، في نطاق إعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وتحفيز المبادرات البناءة، وإشاعة قيم الوطنية الحقة والمواطنة الملتزمة بخدمة المصلحة العامة".
.....