إيلاف - متابعة: أعادت الحملة في السعودية التي تستهدف الفساد ورموزه إلى واجهة الأحداث، قضية "سيول جدة" التي لم تكن مجرد كارثة طبيعية، بل قضية فساد ضخمة وسوء تسيير وإدارة.

ونصّ الأمر الملكي السعودي الخاص بإنشاء اللجنة العليا لمكافحة الفساد، برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، على إعادة التحقيق في ملف فساد كارثة سيول جدة بأثر رجعي.

كارثة السيول

تعود القضية إلى نوفمبر 2009، عندما اجتاحت السيول مدينة جدة، وأدت إلى مصرع 116 شخصًا وأكثر من 350 اعتبروا في عداد المفقودين.

وكانت هذه واحدة من أكبر الكوارث الطبيعية التي ضربت المملكة، ففي يوم الخميس 26 نوفمبر من عام 2009 امتلأت بعض الطرق بالمياه ووصل ارتفاعها إلى متر وأكثر وغرق العديد من الضحايا داخل سياراتهم، وبحسب التقديرات السعودية الرسمية، فإن حوالي 3000 سيارة تضررت من هذه السيول، بالإضافة إلى خسائر في البنية التحتية السعودية، قدرت بملايين الريالات.

وما زاد هذه الكارثة سوءًا أنها كانت بالتزامن مع موسم الحج، حيث جاءت الفيضانات قبل يومين من الاحتفال بعيد الأضحى المبارك وقبل يوم واحد من وقفة جبل عرفة. 

ووجهت انتقادات واسعة للإدارة المحلية بسبب سوء إعداد البنية التحتية وعدم جاهزية مصارف السيول، واتهم المسؤولون بعدم الاستجابة السريعة للتعامل مع الكارثة الطبيعية.

ورغم قيام الحكومة السعودية وقتها بإعداد محاكمة لبعض المسؤولين وتوجيه اتهامات لهم بالتقصير، غير أنه مع الأمر الملكي الجديد يبدو أن هناك أدلة جديدة تكشف عن متورطين لم يحاكموا بعد، وهو ما ستكشف عنه لجنة مكافحة الفساد، التي وفقًا للأمر الملكي الصادر السبت يترأسها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان شخصيًا.

عشرات المتهمين

تعود التهم التي وجهها الادعاء العام سابقًا للمتهمين في سيول جدة، الذين زاد عددهم على 320 متهمًا، إلى الواجهة من جديد، ولكنها هذه المرة قد توجه أيضاً إلى كل من تستر على قضاياهم وأسهم في تأخير البت فيها، أو أرجأ تنفيذ الأحكام القضائية النهائية الصادرة ضد المُدانين فيها.

ومن التهم الموجهة حسب الاعلام المحلي السعودي، استغلال النفوذ الوظيفي، والتكسب من الوظيفة العامة، والاشتغال بالتجارة، وإزهاق الأرواح، وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة، وتبديد المال العام، والرشوة والتزوير.

وبرأ القضاء سابقاً البعض من تهم محددة، وأدانهم في أخرى، وأدان آخرين بجملة اتهامات، وانتهى عدد كبير من القضايا بأحكام نهائية سواء بالبراءة، أو الإدانة، إلا أن أحكام الإدانة القاضية بالسجن والغرامة لم يعلن عن تنفيذ أي منها.

وتقول تقارير صحافية إنّ المتهمين في قضية سيول جدة، من بينهم وزراء، وأمناء سابقون لجدة، ووكلاء أمناء، ومديرو عموم إدارات بأمانة جدة، اضافة إلى مديري عموم في قطاع المياه والصرف الصحي، وكتاب عدل، ومقاولين، ورجال أعمال ورياضيي. كما اتهم مهندسون في أمانة جدة وشركات مقاولات، وموظفون ومراسلون ومكاتب هندسية واستشارية.