إيلاف من القاهرة: جدد أزهريون وتيارات سياسية وشعبية مطالبة مؤسسة الأزهر بضرورة إعادة النظر في قراره الرافض بتكفير التنظيمات الإرهابية، جاء ذلك كرد فعل على الاعتداء الذي استهدفت مسجد الروضة، في مركز بئر العبد بشمال سيناء.

وأكد المطالبون بتكفير "داعش" وغيرها من التنظيمات المتطرفة، أن "جرائم الجماعات الإرهابية تخطت الخطوط الحمراء، فالتعدي على بيوت الله يمثل جريمة كبرى، ويجب على مشيخة الأزهر الرد القوي على الهجمات الأخيرة بإصدار فتوى تؤكد خروجهم من ملة الإسلام".

ويأتي ذلك بعد أن قتل متشددون أكثر من 230 شخصا في مسجد بمحافظة شمال سيناء يوم الجمعة عندما فجروا عبوة ناسفة وأطلقوا النار على المصلين المتدافعين إلى خارج المسجد في أكبر هجوم دموي من نوعه في تاريخ مصر الحديث.

الأزهر و"داعش"

مطالبة الأزهر بتكفير "داعش" أثيرت في العام 2014، وخرج الأزهر ردًا على تلك المطالب ببيان أكد فيه "أنه لا يمكن تكفير مسلم مهما بلغت ذنوبه"، موضحًا، أن أفعال هؤلاء "ليست أفعال أهل الإسلام، بل هي أفعال لا تصدر من مسلمين، والمتطرفون وداعش بُغاةٌ من حيث ادعائهم الخلافة الإسلامية، وهم محاربون، فقاموا بإشاعة الفساد، وهتك الأعراض، وقتل الأنفس، ثم انتهوا إلى تكفير الأمة فتحقق فيهم الحرابة والبَغي، فهم أشد من بدعة الخوارج، وقتال المسلم كفر، وقد قتلوا المسلمين، فقد حكموا على أنفسهم بالكفر بأفعالهم".

وقال الأزهر حينها: "علماء الأمة يعلمون يقينًا أنهم لا يستطيعون أن يحكموا على مؤمن بالكفر مهما بلغت سيئاته، بل من المقرر في أصول العقيدة الإسلامية أنه لا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحد ما أدخله فيه، وهو الشهادة بالوحدانية ونبوة سيدنا (محمد صلى الله عليه وسلم)، وأن الذنوب مهما بلغت لا يخرج ارتكابها العبد من الإسلام".

وأشار إلى أنه "لو حكمنا بكفرهم لصرنا مثلهم ووقعنا في فتنة التكفير، وهو ما لا يمكن لمنهج الأزهر الوسطي المعتدل أن يقبله بحال".

حملة دينية

في سياق متصل، أعلنت عدد من الطرق الصوفية والتيارات الدينية تنظيم أكبر حملة دينية؛ لمطالبة شيخ الأزهر، أحمد الطيب، بإعادة النظر في قراره برفض تكفير "داعش" وغيرها من التنظيمات المتشددة، خاصة بعد تكرار التعدي على بيوت الله، ومن المتوقع أن تنضم شخصيات دينية عامة لتلك الحملات وتقديم الأدلة على جواز تكفير تلك التنظيمات، باعتبار تلك القضية من الأمور القابلة للاجتهاد، على حدّ تعبيرهم.

أرجع الشيخ علاء أبو العزائم، رئيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية وشيخ الطريقة العزمية، سبب الهجوم على مسجد الروضة ببئر العبد بالعريش؛ "لكون المسجد تابع لإحدى الطرق الصوفية، والجماعات الإرهابية تؤمن بأن الصوفيين كفرة يجوز قتلهم".

وأكد أن "داعش" وغيرها من التنظيمات الإرهابية تحمل أفكارًا هدامة، تؤكد خروجهم من ملة الإسلام".

وتساءل: "هل يصح أن نقول عن داعش أنهم مسلمون، بعد تورطهم في التفجيرات بجوار الحرم النبوي ثم قتل المصلين أثناء صلاة الجمعة؟"

وبات الأزهر اليوم مطالبا بعقد اجتماع عاجل لهيئة كبار العلماء لمناقشة فتوى تكفير التنظيمات المتطرفة، خاصة أن صدور مثل هذه الفتوى الهامة سوف تحول كثيرًا نحو انضمام الشباب لتلك الجماعات، لأن الأمر يتعلق بخروج الشباب من ملة الدين، حسب أصحاب الدعوة.

وأشار أبو العزائم، إلى أن الإمام عليًا "قاتل الخوارج، كما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حقهم: "ليست صلاتكم إلى صلاتهم بشيء".

يضيف: "فما بالنا بهذا التنظيم الداعشي، وقد كشفت الأحداث والحقائق بأنهم مرتزقة وخونة لا دين لهم ولا وطن لهم، فكيف نقول عنهم أنهم مسلمون؟"

دلائل شرعية

يرى علماء من الأزهر، أن أفعال "داعش" والمنتسبين إليه تستوجب الخروج من ملة الإسلام وتكفيرهم.

ويقول عبد الرحيم محمد وهو عضو رابطة الأزهر إنّ "هناك دلائلًا من القرآن والسنة النبوية الشريفة تؤكد كفر تلك الجماعة الإرهابية، إذ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حقهم :"إنه سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يقرءون القرآن، لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرًا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة".

يضيف: "وذكر الله تعالى في سورة النحل: "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون، متاع قليل ولهم عذاب أليم".

وأكد أن الأزهر "مطالب الآن بمراجعة قراره، والنظر في تلك الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد كفر تلك الجماعات، خاصة وبعد وصول فُجرهم للمقدسات الإسلامية في جميع دول العالم".

وأشار إلى أن "تمسك الأزهر برفض تكفير "داعش" يعطي لتلك التنظيمات الصبغة الدينية وصلتهم بالشريعة الإسلامية، وهذا أدى إلى تراجع تجديد الخطاب الديني على مدار السنوات الثلاثة الماضية"، على حد تعبيره.