جنيف: يُتهم موفد الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا بأنه يفتقد إلى الوضوح حين يدلي بتصريحاته، لكن عندما يتعلق الأمر بالمواضيع المدرجة على جدول أعمال محادثات السلام التي يقوم بدور وسيط فيها، فإن محور تركيزه واضح ويتمحور حول ما بات يعرف بـ"العناوين الأربعة". 

طرحت ثلاثة من العناوين في قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الذي صدر عام 2015، فيما أُضيف الرابع المرتبط بالإرهاب بعد إصرار النظام السوري عليه. 

وتفتتح الجولة الثامنة من المفاوضات السورية برعاية الأمم المتحدة في جنيف الثلاثاء. 

وفي ما يأتي مضامين العناوين الاربعة المدرجة على جدول الأعمال: 

الحكم 
نص القرار 2254 على إقامة "حكم ذي مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية" في سوريا. 

وتصر الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطراف واسعة من المعارضة السورية على أن الحكم يعني "الانتقال السياسي" وتحديدًا إزاحة الرئيس بشار الأسد من السلطة. 

ورفض مفاوضو النظام التطرق إلى مسألة مصير الأسد خلال جولات سابقة. 

دستور جديد 

تؤكد الأمم المتحدة أن الجولة المقبلة من المفاوضات ستركز بشكل أساسي على مسألة وضع دستور سوري جديد. 

ولم يعلن أي من النظام أو المعارضة عن تصوراته المرتبطة بالدستور، إلا أنهما ناقشا عدة أفكار في هذا السياق مع دي ميستورا.

انتخابات تحت إشراف أممي 

دعا مجلس الأمن الدولي في البداية إلى اجراء انتخابات "بأعلى المعايير الدولية في الشفافية والمساءلة (...) تحت إشراف الأمم المتحدة" بحلول منتصف العام 2017. 

ورغم مرور هذا الموعد، اشارت الأمم المتحدة الى أن تحقيقاً تقدم بشأن خطط إجراء انتخابات في سوريا سيكون نقطة تركيز أساسية أخرى خلال المحادثات المقبلة. 

الإرهاب 

لم تُذكر هذه المسألة في القرار 2254 إلا أن دمشق أصرت في وقت سابق من العام الجاري على ضرورة إضافتها إلى جدول الأعمال الرسمي للمحادثات.

وعادة ما يصف بشار الجعفري، كبير مفاوضي النظام السوري، ممثلي المعارضة بـ"الإرهابيين".

من جهتها، تؤكد المعارضة أن إدراج بند الإرهاب ليس أكثر من وسيلة يستخدمها النظام لتجنب التطرق الى مصير الأسد والانتخابات. 

وبدأ النزاع السوري في منتصف مارس 2011 بحركة احتجاج سلمية ضد نظام الرئيس بشار الاسد، سرعان ما تحولت بعد قمعها بالقوة الى نزاع مسلح دام تشعب وتعددت أطرافه مع مرور الوقت، وتسبب بمقتل اكثر من 340 ألف شخص.

معارضة وقمع

في 15 مارس 2011: بدأت احتجاجات غير مسبوقة في البلاد ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، الذي وصل إلى سدة الرئاسة في العام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد. 

خرجت تظاهرات محدودة في العاصمة دمشق سرعات ما قمعتها الأجهزة الأمنية، إلا أن مدينة درعا جنوباً شكلت فعلياً مهد حركة الاحتجاجات المطالبة بالاصلاحات، خصوصاً بعدما اقدمت السلطات على اعتقال وتعذيب فتية إثر اشتباهها بكتابتهم شعارات مناهضة للنظام على الجدران.

وفي ابريل، وفي مواجهة حملة قمعية واسعة، توسعت دائرة الاحتجاجات وتصاعدت لهجتها لتطالب باسقاط النظام.

وسرعان ما تحولت حركة الاحتجاج إلى نزاع مسلح. وفي يوليو، أعلن ضابط منشق عن الجيش السوري من تركيا انشاء "الجيش السوري الحر" من جنود وضباط منشقين عن قوات النظام ومدنيين حملوا السلاح.

لكن لم ينجح هذا الجيش في تنظيم نفسه وتأسيس هيكليته الخاصة. وكانت النتيجة أن تعددت الفصائل المقاتلة بتسميات لها غالباً طابع اسلامي مع تنوع مصادر تمويلها.

الطيران السلاح الاهم بيد النظام 

في الاول من مارس 2012 وبعد شهر من القصف العنيف، سيطر الجيش السوري على حي باب عمرو في مدينة حمص، الذي كان يشكل رمزًا لـ"الثورة السورية". 

في 17 يوليو 2012، أطلقت فصائل مقاتلة معركة دمشق. وتمكن المقاتلون المعارضون وقتها من السيطرة على أحياء عدة في العاصمة، إلا أن القوات الحكومية تمكنت من إستعادتها بعد أسبوعين. وانكفأت الفصائل المعارضة الى أحياء في الاطراف وقرى وبلدات الغوطة الشرقية.

وباتت الغوطة الشرقية مذاك معقل الفصائل المعارضة الأبرز قرب دمشق.

واعتبارا من العام 2013، بدأت مروحيات وطائرات السلاح الجوي بالقاء البراميل المتفجرة على المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة في مختلف انحاء البلاد.

حزب الله

في ابريل 2013، تحدث الامين العام لحزب الله حسن نصرالله للمرة الاولى عن مشاركة عناصره في القتال الى جانب قوات النظام في سوريا.

شارك حزب الله في معارك على جبهات عدة، وساهم بشكل كبير في قلب موازين القوى لصالح قوات النظام.

اسلحة كيميائية

في 21 اغسطس 2013، وقع هجوم بغاز السارين على مناطق تسيطر عليها الفصائل المعارضة قرب دمشق ما تسبب بمقتل حوالى 1400 شخص.

اتهمت الولايات المتحدة دمشق بالوقوف وراء الهجوم، ولوحت بالتدخل عسكرياً عبر توجيه ضربات ضد مواقع حكومية، قبل ان تتوصل في سبتمبر إلى اتفاق مع روسيا يقضي بتفكيك الترسانة الكيميائية السورية. 

في ابريل العام 2017، وقع هجوم كيميائي آخر بغاز السارين في مدينة خان شيخون (شمال غرب) ما أسفر عن مقتل 87 شخصاً.

اتهمت الولايات المتحدة النظام بتنفيذ الهجوم، وقصفت لاحقاً قاعدة عسكرية سورية.

وفي تقرير في اكتوبر، أكّد تقرير لجنة تابعة للأمم المتحدة مسؤولية النظام السوري، الذي ينفي الاتهامات مشددًا على انه دمر ترسانته الكيميائية.

بروز الجهاديين 

في نهاية 2013، بدأت المجموعات الجهادية بالبروز تدريجياً على الساحة السورية، وأبرزها جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة، وتنظيم داعش.

خاض تنظيم داعش معارك مع أطراف عدة حتى استولى على أراضٍ واسعة في سوريا كما في العراق المجاور، ليعلن في صيف العام 2014 "الخلافة الإسلامية"، ويتخذ من مدينة الرقة السورية معقلاً أساسياً له.

خسر تنظيم داعش مدى العامين الماضيين غالبية مناطق سيطرته.

أما جبهة النصرة فتحالفت مع فصائل معارضة مختلفة وسيطرت معها على مناطق واسعة، أبرزها محافظة ادلب في 2015. لكنها ما لبثت أن فكت ارتباطها بتنظيم القاعدة واتخذت اسم جبهة فتح الشام ثم هيئة تحرير الشام.

ضربات التحالف الدولي 

في سبتمبر 2014، شكلت واشنطن تحالفًا دوليًا لمحاربة تنظيم داعش، وشنّ التحالف اولى غاراته في سوريا في الـ23 من الشهر ذاته.

يدعم التحالف الدولي وحدات حماية الشعب الكردية منذ معركة كوباني الشهيرة ضد الجهاديين التي دامت أربعة أشهر وانتهت في بداية 2015 بطرد الجهاديين.

ومنذ اكتوبر 2015، يدعم التحالف الدولي بالغارات والمستشارين والسلاح قوات سوريا الديموقراطية، التي تشكلت من فصائل عربية وكردية طردت التنظيم المتطرف من الرقة في اكتوبر 2017.

التدخل الروسي 

في 30 سبتمبر 2015، بدأت روسيا حملة جوية دعماً لقوات النظام قالت انها تستهدف تنظيم داعش ومجموعات "ارهابية" اخرى.

ساهم التدخل الجوي الروسي بقلب ميزان القوى على الأرض لصالح قوات النظام التي تمكنت من استعادة مناطق واسعة، أبرزها كامل مدينة حلب (نهاية 2016) في مواجهة الفصائل المعارضة، ومدن دير الزور والبوكمال والميادين (2017) في مواجهة تنظيم داعش.

التدخل التركي 

منذ بدء النزاع في سوريا، تقدم تركيا الدعم للمعارضة السياسية والمسلحة. وقد تدخلت عسكرياً في سوريا للمرة الأولى في اغسطس 2016، اذ شنت عملية بمشاركة فصائل معارضة في شمال البلاد ضد الاكراد وتنظيم داعش.

مناطق خفض توتر

وبعد سنوات طويلة من الخلاف حول النزاع السوري، نشط حراك دبلوماسي بين تركيا الداعمة للمعارضة وروسيا وايران، أبرز داعمي النظام.

وترعى الدول الثلاث منذ يناير2017 محادثات في أستانة بين الحكومة السورية والفصائل المعارضة، وتم التوصل في مايو إلى اتفاق لخفض التوتر يسري حالياً في أربع مناطق سورية.

وخلال لقاء قمة جمع رؤساء الدول الثلاث، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا وايران وتركيا تمكنت من "تجنيب سوريا الانهيار".