غزة: يفترض أن تسلم حركة حماس الاسلامية قطاع غزة بشكل كامل للسلطة الفلسطينية يوم الجمعة، ولكن الاحباط والشكوك تكاد تطغى على الامل بحياة أفضل الذي كان شعر به سكان القطاع في الايام الاولى بعد توقيع المصالحة الفلسطينية.

فبعد عشر سنوات على الانقسام، وقعت حماس وفتح اتفاق مصالحة في العاصمة المصرية في 12 تشرين الاول/اكتوبر، وتسلمت السلطة الفلسطينية بموجبه الوزارات والمعابر في القطاع.

ومع اقتراب موعد الاول من كانون الاول/ديسمبر، التاريخ المحدد لاستعادة السلطة الفلسطينية كامل السيطرة على القطاع، يحلّ الاحباط والخوف من فشل جديد، مكان الامل والفرح الذي دفع سكان القطاع الى الاحتفال في الشوارع عقب الاتفاق.

ويقول ابو العبد ابو سلطان (53 عاما) الذي كان يعمل خياطا في مصنع يقوم بالتصدير الى اسرائيل قبل ان تفرض الدولة العبرية حصارا بريا وجويا وبحريا على القطاع، "كل ما نرغب به هو تحسن في الوضع الاقتصادي وفتح المعابر. لا نطلب الكثير. كل ما نريد فقط ان نعيش كباقي العالم".

وبسبب تردي الوضع الاقتصادي وانتشار البطالة، يعمل ابو سلطان حاليا في بيع القهوة والشاي على عربة وسط مدينة غزة لاعالته عائلته المكونة من سبعة أفراد.

ويقول لوكالة فرانس برس "خائف ان تفشل هذه المصالحة كالمرات السابقة".

وسيطرت حماس على قطاع غزة منتصف العام 2007 بعد ان طردت عناصر فتح الموالين للرئيس الفلسطيني محمود عباس إثر اشتباكات دامية. 

ووقعت حركتا فتح وحماس اتفاق مصالحة في نيسان/ابريل 2014 تلاه تشكيل حكومة وفاق وطني. الا ان الحركتين أخفقتا في تسوية خلافاتهما، ولم تنضم حماس عمليا الى الحكومة.

ويفترض ان يؤدي تسلم السلطة لادارة القطاع الى انتقال السلطة في القطاع المحاصر من اسرائيل منذ سيطرة حماس عليه، من حركة يرفض جزء من الاسرة الدولية التعامل معها، إلى سلطة معترف بها دوليا. ويأمل سكان غزة البالغ عددهم مليونان والذين أنهكتهم الحروب والفقر والحصار، في تحسن وضعهم.

وبالاضافة الى الحصار الاسرائيلي، تقفل مصر معبر رفح، منفذ القطاع الوحيد الى الخارج لمنع تهريب السلاح والرجال، بحسب السلطات المصرية، لكن ذلك يزيد من خنق القطاع.

- تمكين السلطة وسلاح حماس -

وعقد ممثلون عن كل الفصائل الفلسطينية اجتماعا في القاهرة الاسبوع الماضي للبحث في نقاط اخرى في الاتفاق بينها تنظيم انتخابات وتشكيل حكومة، من دون أن يخرجوا بقرارات ملموسة.

وتجنبت الفصائل الفلسطينية الخوض في القضايا الشائكة مثل الامن في القطاع ومصير الجناح العسكري لحماس وسلاحها، علما ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس كان اعلن أنه سيرفض تكرار "تجربة حزب الله" في غزة، بمعنى تواجد قوة عسكرية لجهة غير شرعية الى جانب القوة المسلحة للسلطة.

وينص الاتفاق الذي تم توقيعه في القاهرة على تشكيل حكومة وفاق، الا ان اسرائيل ترفض مشاركة حماس في اي حكومة اذا لم تعترف باسرائيل وتتخلى عن سلاحها.

لكن حماس جددت الاثنين انها لن تسمح بأي نقاش حول سلاحها.

وقال نائب رئيس حماس في قطاع غزة خليل الحية إن "سلاح المقاومة خط أحمر وغير قابل للنقاش، هذا السلاح سينتقل للضفة الغربية لمقارعة الاحتلال، من حقنا ان نقاوم الاحتلال حتى ينتهي".

ولم يتضمن الاتفاق تفاصيل في شأن الامسك بالامن.

ويشكل الانقسام الفلسطيني واحدة من العقبات الرئيسية في طريق السلام مع اسرائيل. ويمكن لعودة السلطة الفلسطينية، الجهة المحاورة لاسرائيل، الى غزة، أن يفتح آفاق تسوية.

وأنجزت حماس في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر خطوة مهمة عبر تسليم السلطة مسؤولية المعابر مع اسرائيل ومصر. لكن مسؤولين فلسطينيين لا يزالون يتحدثون عن عدم استكمال السيطرة فعليا.

وقال رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ في حديث لتلفزيون "فلسطين" أخيرا "نحن متأخرون في مسألة التمكين، وحتى هذه اللحظة لم نتجاوز 5% من نسبة تمكين حكومة الوفاق الوطني" في قطاع غزة.

واعتبر أن ادعاء حركة حماس أنها قامت بتمكين حكومة الوفاق الوطني "مناورة غير مقبولة".

- صراع مدمر آخر-

في المقابل، لم ترفع السلطة الفلسطينية حتى الآن العقوبات التي فرضتها في الأشهر الماضية بهدف الضغط على حماس، على الرغم من الوعود في هذا الاطار التي ترافقت مع توقيع المصالحة.

وبين هذه التدابير التي ينتظر سكان قطاع غزة بفارغ الصبر إلغاءها، خفض رواتب موظفي السلطة في القطاع، والتوقف عن دفع فاتورة الكهرباء التي تزود بها اسرائيل القطاع.

وكان المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط نيكولاي ملادينوف حذر من انه لا يجب "السماح بفشل" جهود المصالحة، محذرا من اندلاع مواجهة مسلحة اخرى مع اسرائيل.

وأضاف "في حال (فشلها)، فإن هذا سيؤدي على الارجح الى صراع مدمر آخر".

وشهد قطاع غزة ثلاث حروب مع اسرائيل منذ عام 2008.

ولم تنظم انتخابات تشريعية منذ عام 2006 في الاراضي الفلسطينية. وهي الانتخابات التي حققت فيها حركة حماس المصنفة "إرهابية" بالنسبة الى اسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، فوزا ساحقا أثار صدمة كبيرة.

ورفض المجتمع الدولي قبول حكومة حماس، وطالبها أولا بنبذ العنف والاعتراف باسرائيل واحترام الاتفاقات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.