إيلاف من لندن: قالت مصادر يمنية إن الرئيس السابق علي عبدالله صالح اغتالته ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، اليوم الإثنين، بـ"دم بارد" بعدما اشتبكت مع موكب صالح وأنزلته من سيارته وقتلته مع عدد من مرافقيه. ومع مقتل صالح تفتح صفحة جديدة من شلالات الدم في اليمن.

وقال قيادي بارز في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق القتيل، إن الحوثيين أعدموا علي عبد الله صالح، رميًا بالرصاص، إثر توقيف موكبه قرب صنعاء، حيث تمت مطاردته من قبل 20 سيارة مسلحة تابعة للحوثيين.

وأضاف المصدر، أن "صالح، يدعو أبناء اليمن، إلى عدم تصديق أكاذيب الكهنة"، في إشارة للحوثيين. واليوم سقط الرئيس الذي دأب على القول: "إن حكم اليمن يشبه الرقص على رؤوس الثعابين"، فجعل من نفسه "ساحرًا" لتحقيق ذلك، فأحكم قبضته على اليمن حتى بعد خلعه من الحكم بعد اندلاع الثورة اليمنية، حيث لا يزال لاعبًا رئيسًا في أحداث اليمن.

بعض متعلقات صالح بعد اغتياله

بيان الحوثي

وإلى ذلك، من جهتها، أعلنت وزارة الداخلية اليمنية، التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، الاثنين، مقتل الرئيس اليمني السابق، وذلك في بيان نشرته وكالة الأنباء اليمنية سبأ، بنسختها الخاضعة للحوثي.

وقالت الوزارة في بيانها: "تعلن وزارة الداخلية انتهاء أزمة ميليشيا الخيانة بإحكام السيطرة الكاملة على أوكارها وبسط الأمن في ربوع العاصمة صنعاء وضواحيها وجميع المحافظات الأخرى ومقتل زعيم الخيانة وعدد من عناصره، وذلك بعد قيامهم بقتل المواطنين وقطع الطرقات وإثارة الفوضى وإقلاق السكينة العامة والتواطؤ المباشر والعلني مع دول العدوان، ومحاولة قطع مداخل المدن بالتزامن مع قصف مكثف لطيران العدوان الذي كثف من غاراته لتمرير مخطط الفتنة والاقتتال الداخلي، وهو ما أوجب على وزارة الداخلية سرعة التحرك وحسم الموقف".

مطاردة مسلحة 

وفي رواية ثانية، نقل مراسل "سكاي نيوز عربية" عن مصادر في صنعاء قولها إن الرئيس اليمني السابق كان برفقة الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر عارف الزوكا والقيادي ياسر العواضي واللواء عبدالله محمد القوسي ونجل صالح العقيد خالد علي عبدالله.

وأضافت المصادر أنه "فور اتجاه موكب من الستين اتجاه سنحان تمت ملاحقته من قبل أطقم حوثية تقدر بـ20 مركبة عسكرية وعند وصوله قرب قرية الجحشي تم إطلاق النيران نحو السيارات التي كان يستقلها صالح وقيادات حزبه، مما أدى إلى مقتل صالح وإصابة نجله".

وبحسب مصادر عسكرية، فإن عارف الزوكا قتل هو الآخر في الحادث. وأكدت المصادر أن نجل صالح، وهو العقيد خالد علي صالح، تم أسره، فيما مازال الغموض يلف حول مصير العميد طارق علي عبدالله صالح.

أطول فترة حكم 

يشار إلى أن علي عبدالله صالح المولود العام 1942 كان الرئيس السادس للجمهورية العربية اليمنية من 1978 حتى 1990 وأول رئيس للجمهورية اليمنية (بعد وحدة الشمال مع الجنوب) وتعد فترة حكمه أطول فترة حكم لرئيس في اليمن منذ العام 1978 وحتى خُلع من الحكم في 25 فبراير 2012، بعد ثورة 11 من فبراير 2011، وهو يحمل رتبة المشير العسكرية، وهو صاحب ثاني أطول فترة حكم من بين الحكام العرب - الذين هم على قيد الحياة حاليا.

وصل علي عبدالله صالح إلى رأس السلطة في البلاد عقب مقتل الرئيس أحمد الغشمي بفترة قصيرة إذ تنحى عبد الكريم العرشي واستلم صالح رئاسة البلاد في فترة صعبة. 

احتجاجات 

وكانت احتجاجات قامت ضد حكمه عام 2011 (ثورة الشباب اليمنية)، وسلم صالح السلطة بعد سنة كاملة من الاحتجاجات بموجب "المبادرة الخليجية" الموقعة بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك، والتي أقرت ضمن بنودها تسليم صالح للسلطة بعد إجراء انتخابات عامة كما أقرت لصالح حصانة من الملاحقة القانونية، وتم إقرار قانون الحصانة في مجلس النواب اليمني واعتباره قانونًا سياديًا لا يجوز الطعن فيه، وتولى نائبه عبد ربه منصور هادي رئاسة المرحلة الانتقالية.

الحرب الأهلية

وقبل اندلاع موجة الاحتجاجات في اليمن، كانت أخطر أزمة واجهت صالح، هي الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1994. وكان صالح قد اختير رئيسًا لليمن الموحد عام 1990 في حين أصبح رئيس اليمن الديمقراطية (الجنوبية) علي سالم البيض نائبًا للرئيس. وأعيد انتخابه رئيسًا لمجلس الرئاسة في أكتوبر 1993.

لكن سرعان ما اندلع خلاف بين الرئيس ونائبه البيض، مما أدى إلى اعتكاف الأخير في عدن قبل اندلاع حرب ضارية بين قوات الشطرين الشمالي والجنوبي في صيف عام 1994، انتهت بانتصار قوات الشمال بقيادة الرئيس صالح على قوات الجنوب بقيادة نائبه.

وفي عام 1999 انتخب رئيسًا لليمن في الاقتراع الرئاسي الذي جرى في سبتمبر من ذلك العام. لكن هذا لا يعني أن الأمر استتب له، طيلة مدة حكمه، وذلك لأن اليمن "الموحد" كان منذ سنوات ميدانًا لجذب عدة قوى أهمها المعارضة الحوثية في الشمال، والجنوبيون الذين يعتبرون أن الوحدة تمت على حسابهم، إضافة الى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ونشاطه في اليمن.

تهديد القاعدة

ولمواجهة الخطرين ( الجنوبيين في جنوب اليمن والحوثيين في الشمال) استغل صالح تهديد القاعدة منصة للظهور بمظهر الدرع الواقي في الحرب على الإرهاب، بعد 1998 عندما تعرضت سفارتا الولايات المتحدة في تنزانيا وكينيا إلى هجومين داميين، وخاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001.

يذكر أن علي عبدالله صالح الذي نشأ في قرية بيت الأحمر التابعة للعاصمة صنعاء لم يتلقَ تعليمًا نظاميًا. فقد بدأ دراسته في كتاب قريته. ولم يكد يتجاوز السادسة عشرة حتى انضم إلى القوات المسلحة، وذلك عام 1958، وقد واصل الدراسة أثناء الخدمة في الجيش.

انقلاب 1962 

وكان عبدالله صالح من بين العسكريين الشباب المسؤولين عن التخطيط لانقلاب السادس والعشرين من سبتمبر عام 1962 وتنفيذه. وجرت ترقيته في عام 1963 إلى رتبة ملازم ثانٍ ثم تدرج بالمناصب العسكرية.

وفي يونيو من عام 1978 عين عضوًا في المجلس الرئاسي الموقت ونائبًا للقائد العام للقوات المسلحة. ثم تدرج في المناصب العسكرية والسياسية.

وأصبح في عام 1982 أمينًا عامًا للمؤتمر الشعبي العام وهو الحزب الحاكم في اليمن.

ومن أهم ما تحقق في فترة حكمه تطبيع العلاقات مع جارة اليمن الشمالية، المملكة العربية السعودية، وتتوج ذلك باتفاق ترسيم الحدود بين البلدين بعد أن كادت تلك المشكلة أن تسبب أزمة حادة في العلاقة بين اليمن والسعودية، التي تحتضن عددًا غير قليل من العمالة اليمنية.