نصر المجالي: لاحظ مصدر دبلوماسي أمام (إيلاف) أن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن اعتراف إدارته رسميا بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل لم يتضمن تعبير "موحدة"، وهو التعبير الذي تصر عليه إسرائيل. 

وربط المصدر الدبلوماسي تجاوز تعبير "القدس الموحدة" كعاصمة لإسرائيل، وبين ما أكده الرئيس الأميركي من أن الولايات المتحدة تدعم "حل الدولتين" إذا أقره الإسرائيليون والفلسطينيون.

كما أن الرئيس ترمب بتجاوزه التعبير يترك الباب مفتوحًا أمام الفلسطينيين لاحتمالات قيام دولتهم كنتيجة لمفاوضات سلام ستسعى إدارته إلى إحيائها بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وتعد القدس "معضلة" في صميم الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، إذ يعتبر الفلسطينيون أن القدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية. وقال مسؤولون في البيت الأبيض إن قرار ترمب "اعتراف بواقع حالي وتاريخي" وليس موقفًا سياسيًا، وأنه لن يغير الحدود الفعلية أو السياسية للقدس.

صفقة القرن

ويأتي إعلان الرئيس الأميركي الذي اثار غضب العالم العربي واحتجاجا دوليا، بعد أيام عن تكشف تقارير عن خطة يزمع الرئيس ترمب طرحها ووصفت بـ"صفقة العصر"، وهي تتناول حل الصراع العربي الاسرائيلي على قاعدة أن أميركا تريد إعادة ترتيب إقليمي شامل وليست صفقة بين إسرائيل والفلسطينيين، وأن الإقتراح مفتوح للمفاوضات التي سوف تدور مع الإدارة الاميركية. 

وكانت القناة الثانية من التلفزيون الإسرائيلي كشفت أن الخطة تأتي بعد أشهر عديدة من عمل طاقم ترمب حول ملف الشرق الأوسط، وأن مبعوث ترمب جاريد كوشنر أعد خطة بعد أن جلس مع مسؤوليين أميركيين وإسرائيليين. 

وتشمل الخطة الاميركية حلاً إقليميًا شاملاً وليس حل صراع فلسطيني - إسرائيلي من خلال مفاوضات تقود إلى التطبيع مع إسرائيل من جميع الدول العربية، وقالت التقارير إن هذا الحل الإقليمي يكون مختلفاً تماماً عن كل الخطط التي طرحت في السابق والتي طرحها جون كيري وكلنتون وجورج بوش الأب والإبن.

والإقتراح مفتوح للمفاوضات من الطرفين ولا يوجد لدى واشنطن أن تقول للطرفين إما أن تقبلها أو ترفضها، وهذا ليس الأسلوب القادم مع الرئيس ترمب وفق التقارير.

قانون 1995 

يذكر أن اعلان ترمب يستند إلى قانون كان صدق عليه الكونغرس الأميركي في 23 أكتوبر 1995 يسمح بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأعطى الحرية للرئيس بالتوقيع عليه لإقراره.

وقد أعطى القانون الرئيس الأميركي سلطة تأجيل تنفيذه لمدة 6 أشهر، وإحاطة الكونغرس بهذا التأجيل، وهو ما دأب عليه الرؤساء الأميركيون المتعاقبون منذ العام 1998.

قانون اورشليم القدس

ويستند قرار الكونغرس المذكور إلى قانون القدس أو "قانون أساس: أورشليم القدس عاصمة إسرائيل" الذي كان أقره الكنيست الإسرائيلي في 30 يوليو 1980. وجعل هذا القانون الإعلانات الحكومية الإسرائيلية عن مكانة القدس كعاصمة إسرائيل وضم شرقي القدس إلى إسرائيل قانونا أساسيا، أي مبدأ دستوريًا. 

وفي الآتي أبرز نقاط مضمون القانون: 

- أورشليم القدس الكاملة الموحدة هي عاصمة إسرائيل.

- القدس هي مقر الرئاسة، الكنيست، الحكومة والمحكمة العليا.

- تحمى الأماكن المقدسة في القدس من أية محاولة لانتهاكها أو منع الوصول الحر إليها.

- تتمتع القدس بأولوية في مشاريع الحكومة التطويرية.

- تمنح الحكومة لبلدية أورشليم القدس ميزانية سنوية خاصة لتطوير المدينة.

وفي 2001 أضاف الكنيست بندًا للقانون يقول إن حدود مدينة القدس هي الحدود الواردة في الأمر الحكومي من يونيو 1967 وإنه من الممنوع نقل صلاحيات السلطات الإسرائيلية في القدس لأي عنصر سياسي أجنبي.

مجلس الأمن 

يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي كان رفض على الفور و لايزال قانون القدس الإسرائيلي من خلال القرار الرقم 478 الذي أصدره المجلس يوم 20 أغسطس 1980 حيث قال إن تطبيقه يعتبر خرقًا للقانون الدولي. 

كذلك أعلن مجلس الأمن قانون القدس باطلاً من الناحية الدولية، ودعت إسرائيل إلى إلغائه من جانبها. ودعا مجلس الأمن الدول التي أنشأت سفاراتها لدى إسرائيل في القدس إلى إخراج السفارات من المدينة.

ونتيجة لقرار مجلس الأمن حينذاك، فقد نقلت جميع الدول سفاراتها خارج مدينة القدس، إذ نقلت بوليفيا وبارغواي سفارتيهما إلى "ميفاسيرت تسيون" المجاورة للقدس الغربية، والباقي إلى تل أبيب أو المدن المجاورة لها. ولكن في 1984 أعادت كوستا ريكا وألسلفادور سفارتيهما إلى القدس، ولكنهما نقلتاهما ثانية إلى تل أبيب في العام 2006.

احتلال 1967

يذكر أن إسرائيل احتلت القدس الشرقية في حرب يونيو العام 1967، وهي تعتبر المدينة بكاملها عاصمة لها، في مخالفة صريحة لمقررات الأمم المتحدة التي لا تعترف بسيادة إسرائيل على القدس بشكل كامل، والتي تضم مواقع إسلامية ومسيحية مقدسة.

وبقيت قضية القدس من القضايا المستعصية على الحل ضمن اتفاقية أوسلو عام 1993، التي نصت على أن وضع المدينة سيتم التفاوض بشأنه في مراحل لاحقة خلال عملية السلام مع الفلسطينيين.

إلا أن إسرائيل، ومنذ عام 1967، أقامت عشرات المستوطنات غير الشرعية وفق القانون الدولي في القدس الشرقية، لآلاف المستوطنين اليهود، في محاولة لتغيير ديموغرافية المدينة.