رام الله: عمّ الاضراب الشامل الاراضي الفلسطينية المحتلة الخميس واندلعت مواجهات مع الجيش الاسرائيلي في الضفة الغربية احتجاجا على اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لاسرائيل، ودعت حركة حماس الاسلامية الى انتفاضة جديدة ما يزيد المخاوف من تدهور امني على الارض. 

وأجمعت غالبية دول العالم على انتقاد قرار ترمب، وكان آخرها تحذيرات من تركيا والاتحاد الاوروبي وروسيا.

غير ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو اغدق المديح على ترمب، وقال ان اسمه سيدخل الان في تاريخ القدس، وحث دولا اخرى على ان تحذو حذوه.

ونشر الجيش الاسرائيلي تعزيزات بمئات الجنود في الضفة الغربية المحتلة وسط حالة من عدم اليقين إزاء التبعات، فيما اندلعت اشتباكات بين الفلسطينيين وقوات الامن الاسرائيلية في مناطق مختلفة.

وفي غزة دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية الى "انتفاضة جديدة".

وذكرت تقارير ان صاروخين على الاقل اطلقا من قطاع غزة باتجاه اسرائيل لكن الجيش الاسرائيلي قال انهما سقطا في القطاع.

ويتوقع خروج مزيد من التظاهرات بعد صلاة الجمعة غدا، فيما دعت حماس الى "يوم غضب".

وخرجت تظاهرات في كافة المدن الفلسطينية في مدن الضفة الغربية ومنها في رام الله والخليل ونابلس وبيت لحم والقدس الشرقية المحتلة وكذلك في قطاع غزة.

وفرقت قوات الامن الاسرائيلية مئات المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع عند حاجز على مدخل رام الله، فيما أعلن الهلال الاحمر الفلسطيني ان 22 شخصا اصيبوا بجروح بالرصاص الحي او الطلقات المطاطية في الضفة الغربية.

وجرح خمس فلسطينيين بنيران اسرائيلية في قطاع غزة عندما تظاهر العشرات قرب حاجز بين القطاع واسرائيل، بحسب سلطات غزة.

وقرار ترمب الذي يأتي تنفيذا لاحد وعود حملته الانتخابية في 2016، يضع نهاية لسبعة عقود من الغموض الاميركي على وضع المدينة المقدسة التي تطالب بها اسرائيل والفلسطينيون.

وقال ترمب ان القرار يؤذن ببداية "مقاربة جديدة" لحل النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.

وقال ترمب في كلمة ألقاها من البيت الابيض مساء الاربعاء "آن اوان للاعتراف رسميا بالقدس عاصمة لاسرائيل" ودعا "لكي تعلو اصوات التسامح على اصوات الكراهية".

وقال وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون خلال زيارة الى فيينا الخميس ان قرار ترمب بشأن القدس هو "تنفيذ لرغبة الاميركيين".

أيام أكثر ظلمة 

لكن خروج ترمب عن الاجماع الدولي حول مسألة بهذه الحساسية لقي تحذيرات متزايدة من كافة انحاء العالم.

حذرت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني الخميس من ان قرار الرئيس الاميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل يمكن ان يعيد المنطقة الى "أوقات اكثر ظلمة". 

وقالت روسيا انها "قلقة جدا" فيما اعتبرته المملكة العربية السعودية "غير مبرر وغير مسؤول".

ومن ناحيته قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ان القرار يضع المنطقة في "دائرة نار".

وقال "أي نوع من المقاربة هذه؟ القادة السياسيون لا يثيرون المشكلات، بل يسعون لصنع السلام".

وأثار القرار غضب القادة الفلسطينيين، وقال الرئيس محمود عباس ان موقف ترمب يمثل "إعلاناً بانسحاب الولايات المتحدة من ممارسة الدور الذي كانت تلعبه خلال العقود الماضية في رعاية عملية السلام".

وزار الرئيس عباس عمان الخميس لمناقشة المسألة مع الملك عبد الله الثاني.

وفي بيان مشترك قال الزعيمان ان "أي إجراءات تستهدف المساس بالوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس تعتبر باطلة، وستفضي إلى مزيد من التوتر والعنف في المنطقة والعالم أجمع".

وخرجت تظاهرات غاضبة في عمان وتونس.

واغلقت المحلات الفلسطينية في القدس الشرقية ومنا المدينة القديمة، وفي الضفة الغربية، كما اغلقت المدارس استجابة لدعوة لاضراب عام.

وقال صلاح زحيكة (55 عاما) في شارع صلاح الدين، المركز التجاري للشطر الفلسطيني من القدس، لوكالة فرانس برس "اميركا نزلت من اكبر دولة الى اصغر دولة في العالم. من اميركا العظمى الى مستوى دولة صغرى مثل ميكرونيزيا".

ودعا الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله الى "تظاهرة كبرى" الاثنين تنديدا بقرار الرئيس الاميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل.

واثار قرار ترمب غضب العديد من حلفاء الولايات المتحدة وتركهم يبحثون عن رد دبلوماسي.

ووصفت بريطانيا القرار بأنه "غير مفيد" فيما وصفته فرنسا "بالمؤسف". وقالت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل "نحن ... لا نوافق على القرار الذي اتخذ مساء امس".

ودعت ثماني دول بينها بريطانيا وفرنسا وايطاليا الى اجتماع عاجل لمجلس الامن ردا على القرار الاميركي، ومن المقرر ان ينعقد الجمعة.

سياسيات يمينية 

أعلن ترمب ايضا بدء التحضير لنقل السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس.

ويأتي ذلك تنفيذا لوعود في حملته الانتخابية لمسيحيي الولايات المتحدة الانجيليين والناخبين اليهود اليمينيين وكذلك الى المانحين.

والرؤساء الذين سبقوا ترمب من بيل كلينتون الى جورج بوش قدموا نفس الوعد، لكن سرعان ما تراجعوا عنه لدى توليهم المنصب.

واحتلت اسرائيل القدس الشرقية في عام 1967، واعلنتها عاصمتها الابدية والموحدة في 1980 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة.

ويطالب الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية.

وحاولت العديد من خطط السلام في العقود الماضية حل مسألة تقسيم السيادة او الاشراف على المواقع المقدسة في القدس.

ولا يعترف المجتمع الدولي بالمدينة القديمة عاصمة لاسرائيل، ويقول ان المسألة لا يمكن ان تحل الا في مفاوضات -- وهو ما كرره الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش في اعقاب قرار ترمب.

وانتقد غوتيريش ترمب صراحة وأكد معارضته لاي "اجراء من طرف واحد من شأنه تعريض افق السلام للخطر".

وشدد ترمب على ان القرار لا يحكم مسبقا على المحادثات النهائية، قائلا انه يعكس حقيقة ان القدس الغربية هي جزء من اسرائيل وستبقى كذلك ضمن اي تسوية. 

وقال "إن الولايات المتحدة تؤيد حلا الدولتين اذا وافق الطرفان على ذلك" معلنا ان نائبه مايك بنس سيتوجه الى المنطقة في الايام القادمة.