بعد أن انتقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ظاهرة زواج القاصرات، بدأ البرلمان مناقشة مشروع قانون لتجريمها، وإنزال عقوبات مشددة بالمأذونين تصل لحد السجن، وسحب الولاية من الأب في حال إكراه ابنته على الزواج قبل بلوغها السن القانونية، وهي "18 سنة".

إيلاف من القاهرة: بدأ البرلمان في مصر مناقشة مشروع قانون يجرم زواج القاصرات دون سن الثامنة عشرة، وينزل المقترح الذي تجري مناقشته في لجنة مشتركة بالبرلمان مكونة من نواب في لجنتي "التضامن الاجتماعي" و"الدستورية والتشريعية"، عقوبات السجن والغرامة بحق المأذون أو ما تقع عليه مسؤولية توثيق الزواج وسحب الولاية من الأب أو ولي أمر الطفلة.

وفي ما يخص انتشار الزواج الشفوي في محافظات الصعيد بمصر، ولاسيما محافظة أسوان، والمعروف بـ"زواج السنة"، الذي يعتمد على عقد الزواج بدون توثيق مستندي في سجلات الدولة، يقترح مشروع القانون إنزال عقوبة الغرامة بمبلغ يتراوح ما بين 10 و20 ألف جنيه، أي ما يتراوح بين 564 و1129 دولارًا أميركيًا، والسجن مدد تتراوح ما بين ستة أشهر وسنة، على المأذون الذي عقد الزواج، والأب أو وكيل العروس.

وتقدمت النائبة عبلة الهواري بمشروع قانون لتجريم زواج القاصرات، كما تقدم نواب آخرون والجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، بمشروعات قوانين مماثلة.

وقالت الهواري، عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان، إن نائبات مصر يتبنين إعداد مشروع قانون لمواجهة ظاهرة زواج القاصرات، وذلك بعد تصريحات الرئيس السيسي في أحد خطاباته عن انتشار هذه الظاهرة الخطيرة في المجتمع المصري وإعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء عن وصول حالات زواج القاصرات إلى 40 ألف حالة.

وأضافت لـ"إيلاف" أن نائبات مصر سيتعاونَّ في إجراءات مشروع قانون مواجهة ظاهرة زواج القاصرات حتى يخرجه البرلمان إلى النور، مشيرة إلى أن مشروع القانون سيتم فيه تعديل المواد الخاصة بتشديد العقوبة فة قانون الطفل وقانون الإجراءات الجنائية وقانون الأحوال المدنية وقانون العقوبات.

وأشارت عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان إلى أن مشروع قانون مواجهة ظاهرة زواج القاصرات ينص على توقيع غرامة تتراوح من 10 إلى 20 ألف جنيه وتشديد العقوبة، لتصل إلى السجن المشدد إذا كان الزواج موثقاً رسميًا بموجب طرق انتحالية أو مستندات مزورة.

وأعلنت الجمعية المصرية لمساعـدة الأحداث وحقوق الإنسان، أنها انتهت من اعداد مشروع قانون لتجريم الظاهرة، وقال محمود البدوي، رئيس الجمعية، إن زواج القاصرات بات ظاهرة مجتمعية ذات خطورة مرتفعة تهدد فئة الأطفال بمصر.

وأضاف لـ"إيلاف" أن التعداد السكاني المصري الأخير أعلن أن نسبة المتزوجين ضمن الفئة العمرية من 18 و 16 عامًا بلغت 18.3 مليون نسمة، وهو عدد صادم في ظل ما تم النص عليه بالدستور المصري بالمادة رقم 80 من أن سن الطفولة هو سن 18 عاما.

ولفت إلى أن المادة رقم 2 من القانون 12 لسنة 1996 المعدل بالقانون 126 لسنة 2008، وكذا في ظل ما صادقت عليه مصر من مواثيق دولية كالاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، والميثاق الإفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته لسنة 1990، وبخاصة الفقرة الثانية من المادة 21 من الميثاق، والتي تنص على (حظر زواج الأطفال أو خطوبة البنات والبنين، ويجب اتخاذ تدابير فعالة بما فيها القوانين لتحديد السن الأدنى اللازم للزواج، وهو 18 سنة ويجعل قيد الزواج إلزامياً في سجل رسمي)، وهي المادة التي سبق وتحفظت مصر عليها، ثم تم سحب التحفظ بالقرار الجمهوري ، رقم 75 لسنة 2015، وصدر في 11 فبراير 2015 .

وأشار إلى إن كافة الدراسات التي ظهرت حول هذه الظاهرة، جاءت لتؤكد حالة الفراغ التشريعي التي تواجه تلك الظاهرة وما تمثله من خطورة علي مستقبل أطفال مصر، وبخاصة في ظل نتائج المسح الديموغرافي الصحي في مصر لعام 2014، والتي أظهرت أن نسبة الإناث المتزوجات من 15 حتى 19 عامًا تصل إلى 14.4%، وبالمخالفة لما صادقت عليه الدولة المصرية من مواثيق دولية نصت صراحة على تحريم وتجريم الزواج المبكر للأطفال دون سن ال18 عامًا.

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، انتقد علانية ظاهرة زواج القاصرات، أثناء حضوره الإعلان عن انتهاء تعداد السكان 2017. وقال السيسي: "فوجئت بأن عدد المتزوجات في سن 12 عاما ليس بسيطًا.. بنت عندها 12 عاما، كيف نحملها مسؤولية زواج وبيت؟"

وأضاف: "انتبهوا لأولادكم وبناتكم لأن ذلك يؤلمني ويؤلم أي إنسان عنده ضمير حقيقي واهتمام حقيقي بأبنائه وبناته".

وشدد على ضرورة استفادة المجتمع من بيانات المركزي للإحصاء، مشيرًا إلى أن زواج القاصرات يتطلب جهدًا كبيرًا.