إيلاف من نيويورك: لم تعد الأراضي الليبية تتسع لصراع الافرقاء المتحاربين، فقرروا الانتقال الى العاصمة الأميركية واشنطن حيث تأخذ المعركة هناك بعدا آخر.

وإذا كانت لغة السلاح تطغى على كل ما عداها في ليبيا، فإن واشنطن تحتضن معركة ببعد آخر يتمثل في توظيف جماعات الضغط لتمثيل الافرقاء ونقل وجهات نظرهم الى المؤسسات الأميركية والتأثير على قرارات واشنطن حيال الملف الليبي.

حصيلة 2017

ميدانيا يمكن القول ان عام 2017 اثمر بعض النجاحات لقائد الجيش الليبي، خليفة حفتر الذي يستمد شرعيته من برلمان طبرق. على الأرض نجح ابن مدينة اجدابيا في التوسع عسكريا بحيث بات يمتلك أوراقا مهمة في شرق ووسط البلاد، وكذلك اعلن رسميا وقف العمل باتفاق الصخيرات بحجة انتهاء مدة صلاحيته، بينما لا يزال فايز السراج يعاني في طرابلس وجاءت قضية الاتجار بالبشر لتزيد الطين بلة بالنسبة الى حكومته.

خرق العزلة

أما فيما يتعلق بوضعه السياسي فقد تمكن الرجل القوي في الشرق من خرق عزلته الأوروبية، فطار الى فرنسا منتصف العام الحالي للقاء فرنسوا ماكارون، فتكرر سيناريو دبي ولكن في باريس هذه المرة فالتقى برئيس الحكومة فايز السراج برعاية سيد الأليزيه، ووصل أيضا الى إيطاليا في أيلول الماضي، ولعل زيارة روما مثلت إنجازا له بفعل موقفها الذي يميل لصالح خصومه في غرب البلاد.

قرع ابواب واشنطن

وكما يطمح للتوسع ميدانيا والسيطرة على اكبر قدر ممكن من مساحات البلاد، اختار حفتر التوجه غربا وتحديدا نحو الولايات المتحدة لرفع أسهمه وتسويق نفسه كشخصية قادرة على محاربة الإرهاب وتوحيد ليبيا بظل عدم صدور موقف واضح عن سياسة الإدارة الجديدة بما يخص ليبيا والاكتفاء بالسير خلف الأمم المتحدة.

الاستعانة بجماعات الضغط

قائد الجيش الليبي الذي امضى حوالي عقدين على الأراضي الأميركية، استعان بخدمات شركة (غراس روتس) التي تعمل في مجال الضغط والتأثير في واشنطن، فأوكلت مهمة نقل صورة حفتر الى المؤسسات الأميركية وخصوصا الكونغرس الى مديرها دانيال فراتشي.

فراتشي يقول في حديث مع صحيفة إيلاف،" انه يمثل حفتر وعائلته في اميركا ويعمل جاهدا لنقل الصورة الصحيحة عما يجري في ليبيا الى الكونغرس الأميركي تمهيدا للدفع باتجاه سياسة جديدة تقوم على دعم الجيش الليبي لمساعدته في حربه على الإرهاب وتهيئة الأجواء امام نشوء نظام ديمقراطي يطوي صفحة مآسي الليبيين".

دور الجيش الليبي

العلاقات الجيدة بين البرلمان الليبي والجيش من جهة، ومصر والامارات من جهة ثانية تساعد فراتشي الذي يشير في هذا السياق،" الى ان الدولتين ومعهما المملكة العربية السعودية ترتبطان بعلاقات مميزة مع الإدارة الأميركية الحالية، وكذلك تعمل هذه الدول على محاربة الإرهاب، وبالتالي فإن الجيش الليبي يعد من القوى التي تعمل على الارض بمواجهة هذه التنظيمات".

الاتجار بالرقيق

خلال جلسة استماع في الكونغرس تناولت أوضاع منطقة شمال افريقيا وليبيا على وجه الخصوص، وجهت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب أسئلة حول تجارة الرقيق وإمكانية دعم الحكومة الحالية، والأطراف الساعية الى استمرار الاضطرابات، فراتشي يشبه عملية تجارة الرقيق بعمليات تهريب المهاجرين من اميركا الوسطى والجنوبية الى الولايات المتحدة حيث تحدث عن وجود عصابات محلية تقوم بارسال المهاجرين الى ليبيا بداية حيث تستقبلهم عصابات أخرى تقوم بتوصيلهم الى السواحل تمهيدا لانتقالهم الى أوروبا، ويعتبر ان الجيش الليبي يحارب هذه الظاهرة في مناطق تواجده.

دعم اميركا 

الدعم الأميركي يشكل النقطة الأساسية لاستعانة حفتر بخدمات شركة فراتشي حيث يؤكد الأخير ان غسان سلامة، المبعوث الاممي الحالي لم يغير شيئا من طريقة التعاطي التي كانت قائمة ابان زمن سلفه مارتن كوبلر، ويعتبر ان رئيس الحكومة ومجلسه الرئاسي فشلا حتى في تطبيق اتفاق الصخيرات"، مصرا "على ان جماعة الاخوان المسلمين تتلاعب برئيس الحكومة في ليبيا فتارة تعرب عن دعمها له وطورا تخرج المجموعات المتحالفة معها لضربه".

لماذا يجب على اميركا دعم حفتر والتغاضي عن رغبة الأمم المتحدة بدعم حكومة السراج الشرعية، سؤال يرد عليه فراتشي قائلا،" الجنرال حفتر اقام في الولايات المتحدة لمدة عشرين عاما وتمكن من التعرف عن قرب الى الأجواء الأميركية وطريقة إدارة الحكم وانشاء المؤسسات الدستورية التي تحفظ حق البلاد والمواطن، وبالتالي هو مؤهل اكثر من غيره لقيادة ليبيا نحو الديمقراطية، ويعد من اشرس المناهضين للحركات الإرهابية التي تقاتلها اميركا. اذن المسألة بسيطة هناك رجل قوي يقف في نفس الخندق مع واشنطن ولا يريد منها ان تقاتل عنه بل دعمه بالسلاح اللازم للقضاء على الإرهاب، فهل يعقل ان نغض الطرف عنه ونذهب للبحث عن شخص اخر لتنفيذ المشروع، وكأننا نبحث عن ابرة في كومة قش ".