«إيلاف» من القاهرة: بعد أيام قليلة من تخلي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن "حل الدولتين"، خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض، زعمت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، أن اجتماعًا سريًا ضمّ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري في العقبة العام الماضي، وكشفت أن اللقاء كان من أجل التنسيق لوضع مبادرة جديدة لحل القضية الفلسطينية.

وتباينت ردود الفعل الرسمية حول التسريبات الإسرائيلية، وأصدرت الرئاسة المصرية بيانًا، لم تنفِ فيه أو تؤكد مشاركة السيسي في الاجتماع الرباعي السري، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن التقرير الصحفي الذي نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية "مليء بالمغالطات".

وقال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، السفير علاء يوسف، "إن مصر لا تدخر وسعاً في سبيل التوصل إلى حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية استناداً إلى حل الدولتين وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على أساس حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، دون أية مواءمات أو مزايدات، وهو الموقف الذي يتنافى مع ما تضمنه التقرير من معلومات مغلوطة".

وأكد المتحدث الرسمي أن "مصر تقوم بجهود متواصلة لتهيئة المناخ أمام التوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية يستند إلى الثوابت القومية والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني"، مضيفًا "وفي هذا الإطار، سعت مصر إلى تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف المعنية، ودعم أية مبادرات أو لقاءات تهدف إلى مناقشة الأفكار العملية التي تساعد على إحياء عملية السلام من أجل التوصل إلى حل عادل وشامل يساهم في إعادة الاستقرار إلى منطقة الشرق الأوسط".

إيمان مصر بالقضية الفلسطينية

وذكر المتحدث الرئاسي، أن "إيمان مصر بأن القضية الفلسطينية كانت وستظل هي القضية المحورية في الشرق الأوسط، وأن التوصل إلى حل نهائي لها، سيسفر عن واقع جديد يضمن توفير الأمن والأمان للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وسيعطي الأمل لكل شعوب المنطقة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تتطلع إليها، فضلاً عن القضاء على إحدى أهم الذرائع التي تستند إليها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة لتبرير أفعالها".

وفي الوقت نفسه، التزمت الحكومة الإسرائيلية الصمت رسميًا، لكن هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، قالت في سياق تقرير لها عن الاجتماع، إن "نتنياهو أقر بعقد لقاء سري مع العاهل الأردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بمبادرة خاصة منه لدفع عملية السلام مع الفلسطينيين، في العقبة بالأردن، مارس الماضي".

وأضاف نتنياهو أنه "أبلغ جون كيري وزير الخارجية الأميركي آنذاك، الذي حضر الاجتماع أيضًا، رفضه المبادرة الأميركية نظرًا لصعوبة إقناع حكومته بالاقتراحات العربية حينها".

كانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية زعمت أنها حصلت على معلومات عن عقد لقاء سري جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري&في مدينة العقبة الأردنية.

وقالت الصحيفة إن عرض مبادرة صاغها وزير الخارجية الأميركي السابق، لعقد سلام إقليمي "يتضمن الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية واستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بدعم عربي، وإقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح"، مشيرة إلى أن "نتنياهو رفض المبادرة بدعوى عجزه عن حشد أغلبية لصالحها في ائتلافه الحكومي".

وقالت الصحيفة الإسرائيلية إنها حصلت على تفاصيل هذا اللقاء من مسؤولين أميركيين في إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

مبادرة كيري

وأضافت أن "وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، هو من بادر إلى عقد هذه القمة، في إطار نشاطه في الملف الفلسطيني الإسرائيلي على خلفية التصعيد حول الحرم القدسي الشريف وموجة من العنف في القدس الشرقية والضفة الغربية"، لافتة إلى أن "كيري نجح في نهاية شهر أكتوبر من العام 2015 في تحقيق نوع من التفاهمات بين الفلسطينيين والأردن وإسرائيل حول الوضع الراهن في الحرم القدسي. وكجزء من تلك التفاهمات أيضًا، بدأت المحادثات بين الأردن وإسرائيل حول تركيب كاميرات مراقبة في الحرم القدسي، وهي الفكرة التي لم تخرج في نهاية المطاف إلى حيز التنفيذ".

وتابعت الصحيفة: في 10 نوفمبر، عقد نتنياهو لقاء مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وتشاجر الاثنان بشكل غير مسبوق حول إبرام الاتفاق النووي مع إيران. وقال نتنياهو إن لديه أفكاراً لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، وأوباما، الذي لم يصدق جدية نوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي، طلب منه مناقشة الأمر مع كيري".

واستطردت الصحيفة الإسرائيلية في سرد تفاصيل اللقاء: "في اليوم التالي، التقى نتنياهو مع وزير الخارجية الأميركي، وعرض القيام بسلسلة من المبادرات المهمة تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، بما في ذلك الموافقة على توسعات هائلة في بناء وحدات سكنية للفلسطينيين في المنطقة (ج) بالضفة الغربية، التي تفرض عليها اسرائيل السيطرة المدنية والأمنية. وطلب نتنياهو في المقابل أن تعترف الإدارة الأميركية بحق إسرائيل في البناء بالكتل الاستيطانية، لكنه لم يحدد ما إذا كان ذلك يعني من وجهة نظره تجميداً للبناء خارج الكتل الاستيطانية أم لا".

وحسب مزاعم هآرتس، فإن " كيري صاغ وثيقة، مع مستشاريه المقربين، تضمنت مبادئ لاستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل كجزء من مبادرة سلام إقليمي بالتعاون مع الدول العربية. وكانت المبادرة التي بلورها كيري في بداية عام 2016 تشبه لما عرضه في كلمته التي ألقاها في نهاية العام، قبل 3 أسابيع من دخول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض".

مبادئ الخطة

وتضمنت خطة كيري 6 مبادئ هي:

• حدود دولية آمنة ومعترف بها بين اسرائيل والدولة فلسطينية قابلة للوجود والبقاء على أساس حدود عام 1967، مع تبادل متفق عليه للأراضي.

• تحقيق رؤية قرار الأمم المتحدة رقم 181 (قرار التقسيم) بإقامة دولتين لشعبين - إحداهما يهودية والأخرى عربية – تعترف كل منهما بالأخرى، وتمنح المساواة والحقوق الكاملة لمواطنيها.

• حل عادل متفق عليه وواقعي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، بما يتفق مع حل الدولتين لشعبين، ولا يؤثر على الطابع الأساسي لإسرائيل

• حل متفق عليه للقدس كعاصمة للدولتين يعترف بها المجتمع الدولي، مع ضمان حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة وفقًا للوضع الراهن.

• الاستجابة لاحتياجات إسرائيل الأمنية، وضمان قدرة اسرائيل على الدفاع عن نفسها بشكل فعال، وضمان قدرة فلسطين على توفير الأمن لمواطنيها، في دولة ذات سيادة ومنزوعة السلاح.

• إنهاء الصراع وانتهاء المطالب، بما يسمح بتطبيع العلاقات وتعزيز الأمن الإقليمي للجميع وفقًا لرؤية مبادرة السلام العربية.

وأضافت الصحيفة: “في 21 يناير، التقى كيري نتنياهو في مدينة دافوس السويسرية، وعرض عليه وثيقة المبادئ التي وضعها وتفاصيل المبادرة الإقليمية، واقترح عقد أول قمة من نوعها مع الرئيس عبد الفتاح السيسي وملك الأردن لبحث سبل دفع المبادرة”.

وتابعت: “في 31 يناير، تحدث كيري مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) هاتفيًا، وأطلعه على تفاصيل محادثته مع نتنياهو في دافوس. وبعد أن وافق نتنياهو على عقد الاجتماع، بدأ كيري ورجاله الترتيب لهذه القمة، خاصة مستشاره المقرب فرانك لونشتاين، الذي شغل منصب المبعوث الخاص لعملية السلام”.

وزعمت الصحيفة إنه بعد محادثات سرية جرت مع الإسرائيليين، والأردنيين والمصريين، تقرر عقد القمة في 21 فبراير في مدينة العقبة بالأردن. وتم الاتفاق على أن تكون القمة سرية وألا يكشف أي طرف عن تفاصيلها.

وأضافت: "لم يشارك أبو مازن في القمة، لكنه كان على علم بعقدها، والتقى كيري في عمان في صباح 21 فبراير. وفي البيانات التي أصدرها الجانبان بعد اللقاء لا يمكن العثور على أية إشارة لما كان سيعقد بعد ساعات قليلة. وبعد أن أنهى كيري لقائه مع عباس، صعد إلى طائرة صغيرة تابعة للقوات الجوية الأردنية مع عدد قليل من مستشاريه ووزير الخارجية الأردني ناصر جودة. وبعد 45 دقيقة تقريبًا، هبطت الطائرة في العقبة".

ووفقًا للصحيفة الإسرائيلية: "قبل القمة الرباعية، التقى كيري كل واحد على حدة. وأشار مسؤول أميركي سابق إلى أن كيري طلب من الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله دعم مبادرته، وإقناع دول عربية أخرى بدعمها كذلك. وأراد وزير الخارجية الأميركي أن تشارك هذه الدول في العملية السياسية الإقليمية، التي سيكون استئناف المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل جزءًا منها"، مشيرة إلى أن "كيري طلب من الملك الأردني أن يضغط على الرئيس الفلسطيني، للموافقة على استئناف المفاوضات على أساس الخطة الأميركية، وأن يفعل السيسي نفس الشيء مع نتنياهو".

ولفتت إلى أن "رئيس الوزراء الإسرائيلي تهرب من تقديم إجابة واضحة على العرض المقترح والخطة. وقالوا إن نتنياهو قدم سلسلة من التحفظات، مدعيًا أن المبادئ مفصلة بشكل أكثر من اللازم، وأنه سيكون من الصعب عليه حشد الدعم السياسي اللازم لها في ائتلافه الحكومي، وبدا أن نتنياهو كان مترددًا، وبدلاً من تركيزه فقط على مبادرة كيري، قدم في هذا اللقاء اقتراحًا سماه "خطة النقاط الخمس". وكجزء من هذه الخطة، أعرب نتنياهو عن استعداده لتنفيذ خطوات إيجابية تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة".

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول: "بعد محادثات استمرت عدة ساعات، عاد كل زعيم إلى بلاده، بعد أن اتفقوا على أنهم سيواصلون دراسة مختلف الاقتراحات".&

&