بيروت: قتل اكثر من 40 مدنيا في غارات جوية نفذتها خلال الساعات الـ48 الاخيرة طائرات يرجح انها تابعة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، واستهدفت مركزا لايواء النازحين وحيًا سكنيًا في شمال سوريا.

وفي اطار جهود محاربة تنظيم داعش، اعلن البنتاغون ان قوات التحالف تدعم قوات سوريا الديموقراطية بالاسناد الجوي والناري في هجومها للسيطرة على سد الفرات (سد الطبقة) في ريف الرقة (شمال) الغربي.

وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاربعاء عن مقتل 33 مدنيا على الاقل فجر الثلاثاء في قصف للتحالف الدولي استهدف مدرسة تستخدم لايواء النازحين في بلدة المنصورة في ريف الرقة الغربي. واشار عبد الرحمن الى انه خلال خمس ساعات من عمليات الانقاذ لم يتم انتشال سوى ناجيين اثنين من تحت الانقاض.

وافادت حملة "الرقة تذبح بصمت"، التي توثق انتهاكات وممارسات تنظيم داعش، ان المدرسة المستهدفة "كانت تؤوي ما يقارب 50 عائلة من النازحين". وقال المتحدث العسكري الكولونيل جوزف اي سكروكا ان التحالف الدولي شن غارات "في هذه المنطقة" في اشارة الى المنصورة، وان تحقيقا يجري لكشف صحة المعلومات عن سقوط قتلى مدنيين. واعلن التحالف الدولي الاربعاء عن شنه 18 غارة قرب الرقة الثلاثاء.

ومساء الاربعاء اعلن المرصد انه "علم من مصادر موثوقة أن ضربات التحالف الدولي التي استهدفت مدينة الطبقة في ريف الرقة الغربي عصر اليوم، أسفرت عن أكثر من 40 شهيدا وجريحا ومفقودا"، بينهم ثمانية قتلى و15 جريحا على الاقل. وأضاف إن "ضربات التحالف استهدفت فرنا ومحال عدة مجاورة له في الحي الثاني من مدينة الطبقة".

وأقر التحالف الدولي، الذي يستهدف ايضا تنظيم داعش في العراق ويدعم حاليا العملية العسكرية المستمرة للقوات العراقية لطرد الجهاديين من الموصل، بمقتل 220 مدنيا على الاقل منذ العام 2014 في البلدين. الا ان المراقبين يؤكدون ان الحصيلة أعلى من ذلك بكثير. وبدأ بعد ظهر الاربعاء اجتماع للدول الـ68 في التحالف الدولي لبحث جهود محاربة الجهاديين. 

وقال وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون خلال الاجتماع "قتل تقريبا كل معاوني ابو بكر البغدادي بمن فيهم العقل المدبر لاعتداءات بروكسل وباريس. وان يلقى البغدادي المصير نفسه مسألة وقت". وكان الرئيس الاميركي دونالد ترامب طلب من وزارة الدفاع وضع استراتيجية جديدة تسرع في "القضاء" على تنظيم داعش.

إنزال اميركي ودعم ناري
ويدعم التحالف الدولي بقيادة واشنطن "حملة غضب الفرات" التي تخوضها قوات سوريا الديموقراطية، تحالف فصائل كردية وعربية، منذ اشهر لطرد الجهاديين من مدينة الرقة، معقلهم الابرز في سوريا.

وفي اطار معركة الرقة، قال المتحدث باسم البنتاغون الميجور ادريان رانكين-غالواي لفرانس برس ان "قوات التحالف تقدم دعما ناريا واسنادا جويا لقوات سوريا الديموقراطية في عملية السيطرة على سد الطبقة" (سد الفرات) غرب الرقة. الا ان مسؤولا اميركيا في الدفاع رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس قال ان القوات الاميركية استخدمت المدفعية في هذه العملية.

وتعتمد محافظات شمال وشرق سوريا بشكل رئيس على السد لتأمين مياه الشفة لملايين المدنيين ولري مساحات كبيرة من الاراضي الزراعية. ويقع السد على بعد 500 متر من مدينة الطبقة، التي تعد معقلًا لتنظيم داعش ومقرا لابرز قياداته.

على الجبهة نفسها، نفذت قوات اميركية يرافقها عناصر من قوات سوريا الديموقراطية الاربعاء عملية إنزال بري على بعد كيلومترات من مدينة الطبقة.

وقال قيادي في قوات سوريا الديموقراطية لفرانس برس "نفذت قوات مشاة البحرية الاميركية (المارينز) مع عناصر من قوات سوريا الديموقراطية انزالا جويا في ثلاث قرى جنوب نهر الفرات (...) بهدف التقدم باتجاه مدينة الطبقة". وتبعد تلك القرى حوالى 15 كيلومترا غرب مدينة الطبقة.

واعلنت "حملة غضب الفرات" تمكن تلك القوات بعد الانزال من قطع "الطريق الدولي حلب - رقة - دير الزور"، الذي يعد طريق امدادات اساسي لتنظيم داعش بين مناطق سيطرته في المحافظات الثلاث. 

معارك دمشق وحماه
بعيدا عن جبهات تنظيم داعش، دارت معارك عنيفة لليوم الرابع على التوالي في شرق دمشق بين هيئة تحرير الشام (فصائل اسلامية وجهادية أبرزها جبهة فتح الشام) وفصائل مقاتلة متحالفة معها من جهة وقوات النظام من جهة ثانية. وتتركز المعارك بين حي جوبر (شرق) والقابون (شمال شرق)، وتعد هذه المعارك الاكثر عنفا في دمشق منذ عامين. 

وتهدف الفصائل، بحسب عبد الرحمن، الى "الربط بين مناطق سيطرتها في حيي جوبر والقابون". وفي وسط البلاد، شنت فصائل جهادية ومقاتلة، بينها ايضا هيئة تحرير الشام، مساء الثلاثاء هجوما ضد قوات النظام في ريف حماة الشمالي، وتمكنت من التقدم والسيطرة على عدد من القرى والبلدات. وتبعد الفصائل حاليا "اربعة كيلومترات" عن مدينة حماة، وفق عبد الرحمن.

وشاهد مراسل فرانس برس قرب بلدة صوران، التي سيطرت عليها الفصائل أخيرا، مقاتلين على متن سيارات عسكرية يتنقلون على طرقات ترابية بين اشجار زيتون، ومدنيين يفرون على متن شاحنات صغيرة حاملين معهم حاجياتهم.

في هذا الاطار أعلنت منظمة "انقذوا الاطفال" ان ما لا يقل عن عشرة الاف شخص اجبروا على الهرب من منازلهم في منطقة حماه تخوفا من امتداد المعارك الى مناطق جديدة.

قلق يسبق المفاوضات
تأتي هذه التطورات الميدانية عشية بدء الجولة الخامسة من المفاوضات بين الحكومة والمعارضة السوريتين في جنيف. وقال مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا "هناك تطورات على الارض تثير القلق". اضاف بعد لقائه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في موسكو "يجب التوصل الى عملية سياسية باسرع وقت ممكن".

ووصل وفد الهيئة العليا للمفاوضات، الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة السورية، ووفد منصة القاهرة المعارض بعد ظهر الاربعاء الى جنيف. وقال الناطق باسم الهيئة العليا للمفاوضات سالم المسلط للصحافيين بعيد وصوله الى جنيف ليل الاربعاء "سنلتقي عند الثانية عشرة ظهرا مع فريق السيد دي ميستورا في الفندق ودي ميستورا يصل الى جنيف مساء" الخميس.

واضاف "جئنا بكل جدية لننخرط في هذه المفاوضات ولكن نريد طرفاً اخراً جدياً، وننتظر لنرى ماذا سيحدث"، مشددا على أن "الأولوية والاهم مناقشة الانتقال السياسي، والذي يبدأ ببحث هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة".

وشدد المسلط على أن "الأولوية والاهم مناقشة الانتقال السياسي والذي يبدأ ببحث هيئة حكم انتقالي بصلاحيات كاملة"، مؤكدا ان الغاية من هجمات دمشق وحماة "ليست تحقيق مكاسب سياسية بقدر حماية الشعب السوري والمحاصرين. هناك قصف يستهدف مدنيين وتهجير قسري (..) إذا كان النظام يصعد في مناطق ليكسب هنا فهذا ليس مكسبا سياسيا بل استكمال للجريمة".

وانتهت جولة المفاوضات الاخيرة في الثالث من الشهر الحالي باعلان الامم المتحدة الاتفاق على جدول اعمال "طموح" من أربعة عناوين رئيسة على أن يجري بحثها "في شكل متواز"، هي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الارهاب.