«إيلاف» من القاهرة: يتعرض الأزهر في مصر إلى هجمة إعلامية وسياسية شديدة، على خلفية ما يعرف بـ"تطوير الخطاب الديني الإسلامي"، وانتشار التطرف ونجاح الجماعات الإرهابية في استقطاب الشباب، ويتهم إعلاميون وسياسيون مصريون الأزهر وشيخه بالفشل في مواجهة التطرف.

وبدا الغضب والاستياء واضحين في بيان هيئة كبار العلماء في الأزهر، الذي وصفت فيه الهجوم على الأزهر، بأنه "عبث بحاضر مصر وتاريخها وريادتها، وخيانة لضمير شعبها وضمير الأمة كلها".

وقالت الهيئة وهي أعلى جهة علمية إسلامية في مصر، بعد اجتماع لها مساء أمس، برئاسة شيخ الأزهر، أحمد الطيب: "الحقيقة التي يَتنكر لها أعداء الأزهر بل أعداء الإسلام، هي أن مناهج الأزهر اليوم هي نفسها مناهج الأمس التي أخرجت رواد النهضة المصرية، ونهضة العالم الإسلامي بدءا من حسن العطار ومرورا بمحمد عبده والمراغي والشعراوي والغزالي، ووصولا إلى رجال الأزهر الشرفاء الأوفياء لدينهم وعلمهم وأزهرهم، والقائمين على رسالته في هذا الزمان".

وقالت: "هؤلاء المنكرين لضوء الشمس في وضح النهار، أن يلتفتوا إلى المنتشرين في جميع أنحاء العالم من أبناء الأزهر، ومنهم رؤساء دول وحُكومات ووزراء وعلماء ومفتون ومُفكرون وأدباء وقادة للرأي العام، ويتدبرون بعقولهم كيف كان هؤلاء صمام أمن وأمان لشعوبهم وأوطانهم، وكيف كان الأزهر بركةً على مصر وشعبها حسن جعل منها قائدا للعالم الإسلامي بأسرِه، وقبلة علمية لأبناء المسلمين في الشرق والغرب".

وتقدمت الهيئة بـ"خالص التعازي للأخوة الأعزاء الأقباطِ، والشعب المصري أجمع في ضحايا التفجيرين الإرهابيين اللذين استهدفا وحدة المصريين وتماسكهم قبل أن يستهدفا كنيستي مار جرجس في طنطا والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، سائلة المولى - عز وجل - أن يلهم أهلَهم وذوِيهم الصبر والسلوان، وأن يمنّ على المصابين بالشفاء العاجل، وأن يمسح على قلوب المكلومين والمحزونين".

وقوف الأزهر الى جانب الكنيسة

وأعلنت وقوف "الأزهر إلى جانب الكنيسة، في وجهِ كل مَن يعتدي عليها أو يمسها بسوء"، مشيرة إلى أن "قوى التطرف والإرهاب فشلت كل مخططاتها الخبيثة في النيل من صمودها، ومن وحدة نسيجهم الوطني".

 وأكدت الهيئة، أن "ما وقَع من تفجيراتٍ آثمة استهدفت مواطِنين أبرياء ودورا للعبادة، أمر خارج عن كل تعاليم الإسلام وشريعته التي حرمت الاعتداء على النفس الإنسانية، أيا كانت ديانتها أو كان اعتقادها، وحرمت أشَد التحريم استهداف دور العبادةِ، وفرضت على المسلمين حمايتها، وأوجبت حسن معاملة غير المسلمين ومودتهم والبر بهم".

 وعلمت "إيلاف" أن حالة من الاستياء على شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وقيادات الأزهر جامعًا وجامعة، بسبب هذه الحملة، ووضعت المشيخة خطة للتصدي لتلك الحملة، تتضمن تكليف العاملين في المركز الإعلامي بتجميع وتوثيق المواد الإعلامية المنشورة في الصحف أو المواقع الإخبارية المصرية أو العربية أو الأجنبية، وكذلك المواد التي تبث في القنوات الفضائية، وتقديم الرد عليها وتفنيدها، ورفع تقارير بها أولًا بأول إلى وكيل الأزهر الدكتور عباس شومان.

وحسب المعلومات، فإن مسؤولي الأزهر كلفوا أعضاء المركز الإعلامي الذين يصل عددهم إلى نحو 25 فردًا بهذه المهمة، وعدم تحميلهم بمهام أخرى، مثل متابعة ونشر أخبار مجمع البحوث الإسلامية وفروع الأزهر ومكاتبه في المحافظات، أو متابعة أنشطة مختلف الهيئات الأخرى التابعة للأزهر.

كما صدرت تعليمات للأزهريين الذين يتصدرون المشهد الإعلامي، بضرورة عدم الوهن في الدفاع عن الأزهر في مختلف وسائل الإعلام، والتصدى لـ"الهجمة" التي تستهدف النيل منه.

ودعا المسؤولون الأزهريين من أعضاء البرلمان إلى الدفاع عن الأزهر في مجلس النواب، وتفنيد مشروعات القوانين التي تعمل على النيل من استقلاله.

ومن جانبه، اتهم المهندس محمد صلاح زايد رئيس حزب النصر الصوفي، "الغرب" بأنه وراء الهجمة الأخيرة على الأزهر، لإلصاق تهمة الإرهاب الذي يدعمه ويتبناه للنيل من الأزهر".

الأزهر قبلة الاسلام في مصر

وأضاف في تصريح لـ"إيلاف" أن الغرب يعلم أن الأزهر الشريف هو قبلة الاسلام في مصر والعالم العربي والإسلامي وخطورته على "مشروع الشرق الأوسط الجديد"، ويعلم دور الأزهر الشريف في التصدي للفتن في عهد المعز ابن عبد السلام وأيضا تصديه للحملات الفرنسية والانكليزية.

وأشار زايد إلى أن الأزهر منذ حوالى 1075 عاما وهو يحافظ على وسطية الإسلام ووقف ضد الشيعة والحملات الفرنسية والانكليزية، متسائلا: هل خرجت "القاعدة" و"داعش" من رحم الأزهر الشريف أم أن هناك شيوخا للفكر المتشدد هم جذور هذه الجماعات الإرهابية التي مولها الغرب وأحسن استغلالها في تدمير العراق وسوريا وليبيا وغيرها؟.

وأكد زايد أن الأزهر تصدّى للإرهاب وواجه أصحاب الفتاوى الشاذة والمتطرفة، من خلال التفسير الصحيح والوسطية المعتدلة التي تدحض كل أفكار التطرف واستحلال الدم.

ونوه بأن الأزهر يجتهد ليصلح ما أفسدته جماعات التطرف والإرهاب، منوها بأنه لا داعي لمن يحاولون تحجيمه وتقليص دوره، حتى يكون درعا لأية أفكار هدامة.

وتساءل: هل هناك صاحب فكر متطرف أو إرهابي واحد ثبت أنه تخرج من الأزهر، أو كان الأزهر بمثابة الدليل لهذه الأفكار المتطرفة؟ وهل هناك من علماء الأزهر من يدعو لحرق الكنائس في مصر أو تفجيرها؟ وهل هناك من الأزهر من يكفر الآخر؟، مؤكدا أن الأفكار المتطرفة تُصنع في الغرب وفي دول بعينها لتفتيت الشرق العربي وزعزعة استقراره وجعله في صراع مستمر.

وناشد زايد الرئيس السيسي دعم الأزهر الشريف الذي لا يوجد له منبر إعلامي واحد، وفي المقابل يمتلك الفكر المتطرف المكاتب والمواقع الالكترونية والفضائيات المتعددة، خصوصا مع هذا التقدم التكنولوجي الذي بات بيئة خصبة لجذب الشباب وتجنيدهم من خلال تلقينهم الأفكار المتطرفة وتفخيخ أنفسهم.

وكان النائب محمد أبو حامد، أعلن أنه انتهى من اعداد "مشروع قانون لتعديل قانون تنظيم الأزهر رقم ١٠٣ لسنة ١٩٦١، يهدف إلى وضع مجموعة من القواعد و الضوابط، تحكم تشكيل هيئات الأزهر، بهدف حوكمة اختيار أعضائها و تنظيم عملها".

 وأضاف أبو حامد أن تلك التعديلات تشمل، قواعد اختيار شيخ الأزهر عند خلو منصبه، وكذلك قواعد اختيار مفتى الديار المصرية، وتنظيم العلاقة بين مشيخة الأزهر وكل من جامعة الأزهر و المعاهد الأزهرية.