في ظل أجواء تتسم بالتوتر في منطقة الشرق الأوسط، واستهداف للمسيحيين زار البابا فرنسيس مصر يومي 28 و29 أبريل الماضي، في زيارة اتسمت بروح المحبة والسلام بين جميع الأديان، لكن قراء "إيلاف" انقسموا حول مدى تأثير الزيارة في تعزيز التقارب بين الإسلام والمسيحية.

إيلاف&من القاهرة: بينما يتعرض الأقباط في مصر للاستهداف من قبل التنظيمات الإرهابية، وبعد أيام قليلة من وقوع تفجيرين انتحاريين في كنيسة مارجرجس في مدينة طنطا والكنيسة المرقسية في الإسكندرية، أثناء الاحتفال بـ"أحد السعف"، ما أدى إلى سقوط نحو 47 قتيلًا و125 مصابًا، ورغم التحذيرات، زار البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، العاصمة المصرية القاهرة، واستغرقت الزيارة يومي 28 و29 أبريل الماضي، في رسالة طمأنة وسلام للمسيحيين في الشرق الأوسط، لكن هل تسهم تلك الزيارة في التقريب بين الإسلام والمسيحية؟

طرحت "إيلاف" السؤال التالي على القراء: هل تعزز زيارة البابا إلى مصر التقارب المسيحي المسلم؟ وخيرتهم بين "نعم" و"لا".

وشارك 1268 قارئًا في الاستفتاء، و انقسمت الآراء ما بين التفاؤل والتشاؤم، بمعدل 50 بالمائة للطرفين.

بابا السلام

رفعت مصر شعار "بابا السلام في مصر السلام"، أثناء زيارة البابا فرنسيس للقاهرة، والتي غلب عليها طابع المحبة والسلام، وشهدت لقاءً تاريخياً بين شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، والبابا فرنسيس.

زيارة البابا أسهمت في التقريب بين الإسلام والمسيحية وإعادة الحيوية للحوار بين الأديان. وقال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، ورئيس جامعة الأزهر الأسبق، إن الزيارة لها نتائج طيبة في مسألة الحوار بين الأديان، مشيرًا إلى أن التقارب والتناغم بين الأزهر والفاتيكان يساعد في التقريب بين الإسلام والمسيحية.

وأضاف لـ"إيلاف" أن بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر يدركان أن الإسلام والمسيحية دينان من أصل واحد، وكلاهما يدعو إلى التسامح والسلام والتعايش بين الجميع، مشيرًا إلى أن إشادة البابا فرنسيس بـ"التآخي والتعايش والتآلف في مصر"، يؤشر على أنه يعي جيدًا أن الأقباط في مصر لا يعانون من أي تمييز سلبي، وأن استهداف الجماعات الإرهابية لهم، لا يعني أنهم مستهدفون من إخوانهم المسلمين.

بناء الجسور

وعلى الجانب الآخر، قال الأنبا يوحنا قلته، نائب بطريرك الكاثوليك في مصر، إن زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان إلى مصر تعد الأولى منذ 17 عاما، مشيرًا إلى أن الزيارة تسهم بالطبع في التقريب بين المسلمين والمسيحيين في الشرق الأوسط وفي أرجاء العالم كله.

وأضاف في تصريحات لـ"إيلاف"، أن زيارة بابا الفاتيكان إلى مصر هي إعلان رسمي بأن مصر بلد السلام والأمان، لافتاً إلى أن زيارة البابا تهدف إلى تقوية الجسور بين الشعوب، وإعادة بناء الحوار بين الحضارات من جديد. ولفت إلى أن الزيارة تؤكد أنه ليس أمام الشعوب من خيارات سوى التعايش في سلام.

وألقى البابا فرنسيس كلمة في مؤتمر "الأزهر للسلام العالمي، انتقد فيها العنف، وقال: "العنف يؤدي إلى العنف والشر يؤدي إلى الشر هذه الحكمة، وكرامة الإنسان غالية وعزيزة على الله"، مشيرًا إلى أنه "لا سلام دون الشباب واحترام الآخر والانفتاح على الحوار البناء".

ودعا البابا إلى التآخي بين مختلف الشعوب ومعتنقي الأديان، وقال: "ندعو أن تشرق شمس أخوة جديدة على هذه الأرض التي تمثل مهد الحضارة والسلام"، وتابع:"هذا التآلف والتآخي أصبح ضرورة ملحة، وهناك جبل يرمز للتآخي في سيناء".

وأشاد بالتعايش والأخوة بين المسلمين والمسيحيين في مصر، وقال: "مصر أرض التآلف والتآخي، وفي مصر لم تشرق شمس المعرفة فقط، بل أشرقت شمس الدين أيضًا على هذه الأرض، فالأحداث الدينية أثرت تاريخ وحضارة هذا البلد".

ولفت إلى أن "مستقبل البشرية قائم على الحوار بين الثقافات، وقال: "بدون دين سنكون كالسماء بلا شمس، ولابد من السعي للوصول إلى الله، والدين ليس مشكلة، لكن الدين جزء من حل المشكلة، ولابد أن نتعلم كيف نبني حضارة الإنسان، والله يؤكد أنه لا مجال للعنف وهذا هو الهدف الرئيس لمؤتمر السلام".

ودعا شيخ الأزهر في كلمته على ضرورة البدء في التقريب بين مختلف الأديان من أجل سلام العالم، وقال: "فلنسع معًا من أجل المستضعفين والجائعين والأسرى والمعذبين في الأرض دون فرز أو تصنيف، ولنقف معًا ضد سياسات الهيمنة وصراع الحضارات ونهاية التاريخ ودعوات الإلحاد".

وأضاف: "الأرض الآن ممهدة لأخذ الأديان دورها لإبراز قيمة السلام واحترام الإنسان والمساواة".

وتابع: "ولا يزال الأزهر يسعى من أجل التعاون لترسيخ العيش المشترك واحترام عقائد الآخرين".

وشهدت مصر عمليات إرهابية تستهدف الأقباط، ففي يوم 11 ديسمبر الماضي، وقع تفجير انتحاري في الكنيسة البطرسية في القاهرة، ما أدى إلى مقتل 27 شخصًا وإصابة العشرات الآخرين.

وبينما يصلي الأقباط قداس "أحد السعف" يوم 9 أبريل الماضي، استهدف انتحاريان كنيستي مارجرجس في مدينة طنطا والمرقسية في الإسكندرية، ما أدى إلى مقتل نحو 47 شخصًا وإصابة نحو 125 آخرين، ووقع التفجير الأخير في الكنيسة المرقسية بالإسكندرية بينما كان البابا تواضروس الثاني يؤدي قداس "أحد السعف"، لكنه لم يصب بأذى.