لا تزال الصحف البريطانية تتناول في أعدادها تداعيات تفجير مانشتر الدامي، ففي تقرير نشرته صحيفة الفاينانشال تايمز، أعده أندي باوندس وروبرت رايت، نقرأ أن بعض المصلين في المسجد الذي كان يرتاده مفجر مانشستر قاتلوا في ليبيا، ويُعتقد أن الإمام مصطفى عبد الله غراف أيضا كان بينهم.

وقال ناطق باسم مسجد ديدزبري إن "بعض المصلين شاركوا في انتفاضة 2011 ضد نظام معمر القذافي"، لكنه رفض الحديث عن لقطات فيديو تُظهر إمام المسجد وهو يرتدي زيا عسكريا ويوزع الذخيرة على مقاتلين قبل الهجوم على مدينة بني وليد، بينما يقول لمراسل وكالة الأنباء الفرنسية: "هذه الذخيرة لللدبابات، وتلك للمدفعية، بحمد الله كل شيء على ما يرام".

وكان الإمام قد قال لقناة محلية في مانشستر إنه توجه إلى ليبيا عام 2011 لإحضار والدته، وقد اعتُقل هناك وعُذب ثم تمكن من الهرب إلى تونس بعد أن قصفت طائرات تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) السجن الذي كان يُحتجز فيه.

ولم يُذكر الإمام في تلك المقابلة شيئا عن مشاركته بالقتال,

وكان رمضان عبيدي والد المفجر سلمان وابنه إسماعيل يترددان على المسجد بانتظام، وكلاهما حارب في ليبيا، حسب أصدقاء العائلة.

وقد عاد رمضان وابنه الأصغر إلى ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، واعتقلا هناك الأسبوع الماضي.

لماذا يخشى الإسلاميون النساء المتحررات؟

وفي صحيفة التايمز تكتب جانيس تيرنر مقالا بعنوان: "لماذا يخشى الإسلاميون النساء المتحررات ؟"، وتقول فيه: "إنه لا يوجد ما هو أكثر خطورة في عيون الإسلاميين من امرأة متحررة".

وتعلق على ربط زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربين في خطابه الأخير أعمال الإرهاب، ومنها التفجير الأخير في مانشستر، بسياسة بريطانيا الخارجية و"حروبها غير المسؤولة".

وترى الكاتبة أن كوربين يتجاهل أن الحركة السلفية نشأت قبل الحروب البريطانية بوقت طويل، في القرن الثامن عشر، ثم انتشرت في أوساط المسلمين في السنوات السبعين الأخيرة، عبر المساجد والمدارس التي تمولها السعودية.

وتنسب الكاتبة إلى سيد قطب، المنظر الإسلامي وعضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، القول إن الفتاة الأمريكية واعية تماما لمواطن الإغراء في جسدها، وتظهرها في الرقصات الكنسية.

وقال إن حرية المرأة في غرفة النوم وفي العمل خارج البيت هي علامة تحلل المجتمع، بينما على الإسلام أن يبني نفسه على العائلة، ويستعيد ثقافة الطاعة والعفة للنساء، كما كان الحال في عصر النبي.

حين دخل مقاتلو طالبان أو القاعدة المدن كان أول ما فعلوه هو إجبار النساء على تغطية أجسادهن.

بالنسبة للرجال يبدو الإسلام المحافظ جذابا لأنه يكرس سلطة الرجل، في البيت كما خارجه.

"ليست السياسة الخارجية السبب"

وفي صحيفة الغارديان نطالع مقالا كتبه جوناثان فريدلاند بعنوان "إن الاعتقاد أن السياسة الخارجية وراء الإرهاب هو وهم".

يقول الكاتب "بالنسبة لمعظم الناس في معظم البلدان تعود المياه إلى مجاريها في العادة بعد حدث جلل، وربما كان بريطانيون يعدون لحفلة شواء في الهواء الطلق نهاية الأسبوع، أو مشاهدة مباريات الدوري ، لكني لا أقدر إلا أن أتساءل: كيف هي الحياة في تلك البيوت في مانشستر التي كانت أبعد ما تكون عن العادية يوم الإثنين ؟

بالنسبة لمعظمنا الأرض تدور والحياة تسير بوتيرتها المعهودة .

بعض الذين يحاولون البحث عن أسباب التفجيرات الإرهابية في أوروبا يرون أن كراهية الإسلاميين المتشددين للقيم الغربية هي السبب.

يذهب آخرون للقول إن السياسة الخارجية للدول هي السبب.

لكن ما هو تفسير أن معظم ضحايا العمليات الإرهابية هم مسلمون من دول الشرق الأوسط وإفريقيا؟ يتساءل الكاتب، ويقول إن الإرهابيين الذين يقتلون مئات الشيعة مثلا، لا يريدون بذلك معاقبة الدول الأوروبية بسبب سياساتها الخارجية.

كذلك هناك تناقضات في مواقف مسلمين من التدخل الغربي مثلا، فبعضها غاضب منه وبعضهم يغضب إذا لم يحدث،ويرون في ذلك عدم اكتراث الغرب لحياة بني قومهم.

سلمان عبيدي، مفجر مانشستر، نشأ في عائلة معارضة لنظام القذافي ، فهل غضب من التدخل الغربي في ليبيا حين كانت مدينة بنغازي مهددة بالمجازر عام 2011 ؟