«إيلاف» من الرباط: علمت "إيلاف المغرب" من مصادر رفيعة المستوى، أن الحراك الشعبي الذي تعيش على إيقاعه مدينة الحسيمة والمدن المجاورة لها بمنطقة الريف (شمال المغرب) دخل منعطفا جديدا وأن جهود الوساطة التي تشارك فيها مجموعة من الجهات والمؤسسات "يمكن أن تصل إلى حل للملف في غضون الأيام القليلة المقبلة "، من دون أن تفصح عن المزيد من المعطيات حول تفاصيل الحل. 

وأكدت ذات المصادر في حديث لـ"إيلاف المغرب" أن الوساطة بدأت مع الاحتجاجات الأولى لـ "حراك الريف"، الذي تفجر إثر وفاة بائع السمك محسن فكري، أواخر شهر أكتوبر الماضي، والذي قضى طحنا داخل شاحنة لتدوير النفايات، وما زالت مستمرة، مشددا على أن السرية التي تحيط بها ضرورية لإنجاحها. 

ورغم تفاؤلها بإمكانية الوصول إلى حل ينهي الاحتجاجات في الأيام القليلة المقبلة، سجلت المصادر القريبة من تدبير الملف الذي يحظى باهتمام كبير من طرف الدولة ومؤسساتها العليا، أن أكبر مشكل تعاني منه جهود الوساطة هو "غياب مخاطب باسم الحراك".

وزادت المصادر ذاتها موضحة أنه بعد اعتقال متزعم "حراك الريف" ناصر الزفزافي، ومعه عدد من نشطاء الحراك، أصبحت مسألة إيجاد مخاطب باسم الحراك "مهمة صعبة ومعقدة"، معتبرة أن "نوال بن عيسى التي توصف بخليفة الزفزافي ينعتها مجموعة من نشطاء الحراك ب( الخائنة)"، على حد وصفها.

وفي سؤال حول عدم التوصل إلى اتفاق مع قادة الحراك الاجتماعي بالريف قبل أن يجري اعتقالهم، طيلة أشهر الاحتجاج الماضية، قالت مصادر "إيلاف المغرب"، إن الحوار والنقاش حول الملف شمل "كل الفاعلين بالمنطقة إلا قيادة الحراك الشعبي"، مبرزا أن هذا الاستثناء كان سببه "الشروط التي فرضها قادة الحراك والتي كان فيها إحساس بعدم الثقة في الحكومة والمؤسسات التي تقود الوساطة".

في موضوع ذي صلة، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى الخلفي، في مؤتمر صحافي أمس الخميس، عقب انعقاد المجلس الحكومي، أن قيام رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، بزيارة ميدانية لمدينة الحسيمة شمال البلاد "أمر مطروح"، وذلك في إطار المساعي التي تبذلها الحكومة لإيجاد حل لملف الاحتجاجات التي شارفت على إتمام شهرها الثامن.

وأكد الخلفي أن الزيارة المرتقبة، التي لم يعلن عن تاريخ محدد لإجراءها، تدخل ضمن جهود "الدفع بالمشاريع التنموية التي أعلنت عنها الحكومة في الإقليم استجابة لمطالب السكان"، مشددا على أن الملك محمد السادس أصدر تعليماته من أجل التحقيق في مزاعم تعرض معتقلي حراك الريف للتعذيب، حيث قال "هناك تعليمات ملكية صارمة للتحقيق في تعذيب معتقلي حراك الريف"، وزاد قائلا "المعتقلون الذين ادعوا تعرضهم للتعذيب، ستتم إحالتهم بشكل فوري على الخبرة الطبية، وفي حال ثبوت ادعاءاتهم سيتم تطبيق القانون، عبر المساطر التي سيتم متابعتها وفق المقتضيات القانونية".

وتأتي هذه الخطوات المتسارعة للحكومة في التعاطي مع احتجاجات الريف، استجابة للتوجيهات الملكية التي دعت إلى ضرورة إنهاء الملف في أقرب وقت ممكن، والذي مثل لقاء رئيس الحكومة مع برلمانيي ومنتخبي الجهة قبل أيام، واحدا منها، إذ يهدف حث الجميع على "وضع اليد في اليد لحل المعضلات الاقتصادية والتنموية بالإقليم".

وحسب الأرقام والمعطيات الرسمية المعلنة، فإن عدد المتابعين على خلفية مشاركتهم في الحراك الشعبي بالريف، بلغ 86 شخصا يوجدون رهن الاعتقال، فيما تتعالى الأصوات والدعوات لتنظيم مسيرة وطنية بالعاصمة الرباط، بعد غد الأحد، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين والاستجابة لمطالب السكان الاقتصادية والاجتماعية التي يعتبرونها مشروعة وعادلة.