الرباط: غادر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، العاصمة المغربية الرباط، بعدما حل ضيفا على العاهل المغربي الملك محمد السادس، في زيارة صداقة وعمل امتدت ليومين، أجريا خلالها مباحثات حول العلاقات الثنائية التي تجمع بين البلدين وعدد من القضايا الإقليمية والدولية التي تهم المغرب وفرنسا.

وتحمل زيارة الرئيس الفرنسي الجديد للمملكة المغربية، مجموعة من الرسائل والدلالات السياسية، خاصة وأن الرباط كانت الوجهة الأولى التي يزورها ماكرون، خارج بلدان القارة الأوروبية، وهو ما اعتبره مراقبون تأكيدا لقوة العلاقة الاستراتيجية التي تربط المغرب وفرنسا وحرص قيادة البلدين على استمرارها وتطويرها.

وعقد الرئيس الفرنسي مؤتمرا صحافيا عقب إجرائه مباحثات على انفراد مع العاهل المغربي، مساء الأربعاء، أكد فيه أن المغرب "بلد صديق وشريك استراتيجي لفرنسا"، معربا عن دعم ومواكبة بلاده "للإصلاحات الطموحة التي يقودها الملك محمد السادس لتحديث البلاد ودعم الإصلاحات الدستورية التي اقرتها المملكة سنة 2011".

وأضاف ماكرون أنه تحدث مع العاهل المغربي حول الاحتجاجات التي تعيشها منطقة الريف (شمال البلاد)، مؤكدا أن الملك محمد السادس أبلغه عن "رغبته وحرصه على تهدئة الأوضاع في المنطقة".وأضاف الرئيس الفرنسي، أن العاهل المغربي عبر له عن حبه لمنطقة الريف ، وأنه يقضي فيها دائما "عطلته الصيفية".

وزاد ماكرون موضحا أن الملك أبلغه بأن "الاحتجاج أمر مشروع ويقر به الدستور وأنه سيتم اقرار إصلاحات في المنطقة لكنها ستحتاج إلى بعض الوقت"، واستدرك الرئيس الفرنسي قائلا: "ليس عندي حق التدخل في الأمور الداخلية للمغرب، لكني طرحت الموضوع بشكل طبيعي ومباشر مع الملك"، مؤكدا أن ما قاله الملك "لا يدعوني إلى القلق"، على حد تعبيره.

وأفاد ماكرون بأنه تطرق في مباحثاته مع الملك محمد السادس إلى الأزمة التي تعيشها منطقة الخليج العربي، بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين من جهة، وقطر من جهة ثانية، وقال انه أجرى "العديد من المباحثات مع قادة الدول الرئيسة في هذه الأزمة لمحاولة نزع فتيل التوتر بهذه المنطقة، على غرار تلك التي أجراها جلالة الملك".

وأضاف الرئيس الفرنسي عن أمل في إيجاد حل للأزمة ، وكشف مصادر تمويل الإرهاب، حيث قال: "أملنا في التوصل إلى تسهيل الحوار وكشف كافة مصادر وروابط وتمويلات الجماعات الإرهابية".كما شدد ماكرون على أهمية الاستقرار في منطقة الخليج العربي، إذ اعتبر أن الخليج "يجب أن يظل مستقرا"، مبرزا أنه ستعقد قريبا من جديد "لقاءات مع مسؤولين من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر"، وذلك في إطار المساعي والجهود الدبلوماسية الرامية لنزع فتيل الأزمة بين الإخوة الأشقاء.

كما أكد ماكرون الذي انتخب رئيسا للجمهورية الفرنسية في 7 من مايو الماضي، أن زيارته للمغرب "ترتكز على رؤية مشتركة وإرادة لمواصلة الاهتمام بمصالحنا المشتركة، ليس فقط في المغرب، ولكن أيضا في المنطقة وفي أفريقيا"، وأعرب عن إشادته بعودة المغرب للاتحاد الإفريقي، وبانضمامه الوشيك إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (سيدياو).

وأثنى الرئيس الفرنسي على الدور "المتنامي" الذي يضطلع به المغرب في أفريقيا، مسجلا أن الرباط وباريس "لهما سياسة مشتركة يقودانها بالقارة"، معربا عن تطلع بلاده إلى العمل مع المغرب بطريقة تشاركية لترجمة سياستهما في أفريقيا، ولفت أن البلدين "تحركهما نفس الرغبة لتطوير ونمو القارة".كما اعتبر ماكرون أن انضمام المغرب إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا من شأنه أن يساهم في تنمية وتطوير القارة "بشكل كبير"، موضحا أن هذا الإسهام سيتجلى أساسا في تطوير "البنيات التحتية الطرقية والطاقية ودعم تطور المجتمع المدني".