لندن: يتركز نشاط أجهزة مكافحة التجسس في دولة لاتفيا على محاولة الكشف عن التدخلات الروسية في شؤونها ومنعها. ومنذ استقلال جمهوريات البلطيق بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1991 استخدمت روسيا جواسيس وانتهازيين لاتفيين ولجأت الى الابتزاز والرشوة والمراقبة وغيرها من الدسائس لإثارة المتاعب، كما قال نورموندس ميجفيتس المدير العام للشرطة الأمنية اللاتفية في مقابلة مع مجلة نيويوركر. وأشار الى أن روسيا استخدمت خلال السنوات العشر الماضية شبكة الانترنت لنشر معلومات كاذبة عن المجتمع اللاتفي "في محاولة لإضعاف تأييد المواطنين للوحدة الاوروبية وشكل الحكم الديمقراطي في بلدهم". &

وأصبح ميجفيتس وضباطه في مجرى المعركة اليومية ضد التضليل الاعلامي الروسي خبراء في عمل وسائل الاعلام.& بل ان ميجفيتس تعلم الكثير عن الاعلام حتى انه يتحدث احياناً وكأنه بروفيسور في الصحافة وليس مسؤولا استخباراتياً. &

دعا ميجفيتس مؤخرا برلمان لاتفيا الى اصدار قانون يشترط موافقة الحكومة على بيع الشركات الاعلامية الكبرى لكي لا تقع تحت سيطرة أعداء خارجيين.& وتملك رؤوس اموال أجنبية الآن شركات كبيرة للهاتف الخلوي وتلفزيون الكابل في لاتفيا.& وتنظر لاتفيا التي لايزيد عدد سكانها على1.9 مليون نسمة الى وقوع منافذ اعلامية تحت سيطرة اوليغارتشيين لهم ارتباطات بالكرملين مثلا على انه تهديد أمني كبير.& وقال مدير الشرطة الأمنية إن في لاتفيا ثلاث قنوات تلفزيونية فقط وإذا وقعت بأيدٍ صديقة لروسيا "فان ذلك يمكن ان يمارس تأثيراً حقيقياً". &

الاعلام لا يقل أهمية عن الطاقة

فالاعلام في لاتفيا لا يقل اهمية عن امداداتها من الطاقة وإذا عرقلت روسيا تدفق الغاز الطبيعي الى دول البلطيق ستنهار اقتصاداتها.& وعلى الغرار نفسه إذا تمكنت روسيا من عرقلة تدفق المعلومات بأخبار مفبركة فانها يمكن ان تحرّض مواطني لاتفيا ضد حكومتهم.& ويقول ميجفيتس "ان الاعلام رصيد استراتيجي مثل النفط والغاز".&

وفي كل بلد ينتقل فيه الحكم من شكل تشاركي الى شكل سلطوي تكون السيطرة على الاعلام من مستلزمات البقاء في الحكم. واشارت مجلة نيويوركر في هذا الشأن الى اعتقال عشرات الصحافيين في مصر عبد الفتاح السيسي والى تركيا رجب طيب إردوغان التي يرزح في سجونها الآن ثلثا الصحافيين المعتقلين في العالم اليوم. ونقلت مجلة نيويوركر عن مسؤول في السفارة التركية في واشنطن قوله "ان الأشخاص الذي يدَّعون انهم صحافيون موجودون ليس بسبب عملهم الصحافي وانما بسبب ارتباطاتهم بالارهاب". &

وفي اوروبا عموماً حيث تزاحم الأخبار الكاذبة والمواقع المشبوهة حركة المعلومات الموثوقة على الانترنت أكد قادة سياسيون علناً ثقتهم بالاعلام التقليدي السائد ودعوه الى تكثيف جهوده لفضح المحتالين.& وبمساعدة صحافيين وباحثين انشأ الاتحاد الاوروبي منذ سنتين فريق عمل خاص للاتصالات الاستراتيجية باسم "ايست سترات كوم" East Stratcom نشر آلاف الأمثلة على الاخبار الكاذبة أو المشوهة في مطبوعه الاسبوعي Disinformation Review الذي يصدر بثماني عشرة لغة.&

المواقع المزيفة

ويحتفظ صحافيون وباحثون في بريطانيا وفرنسا والمانيا والجمهورية التشيكية وهولندا وسويسرا وفنلندا والسويد واوكرانيا ولاتفيا وسلوفاكيا بقوائم بالمواقع المزيفة وهم يساعدون القراء على اقتفاء أثر المؤامرات خلال استخدامهم تويتر وفايسبوك.& وفي فرنسا بعد تسريب آلاف الوثائق من حملة ايمانويل ماكرون ناشدت المفوضية الانتخابية وسائل الاعلام والمواطنين "ان يتحلوا بروح المسؤولية وألا يتناقلوا محتويات هذه الوثائق لكي لا تتأثر نزاهة الانتخابات".& واستجابت الغالبية للنداء. &

وفي الولايات المتحدة ايضاً تعتبر الصحافة المهنية رصيداً استراتيجياً.& ولهذا السبب احاطها الأباء المؤسسون بحماية خاصة في الدستور الاميركي.& وفي عام 1971 ، بعد تسريب وثائق البنتاغون عن الحرب الفيتنامية ونشرها ، وقفت المحكمة العليا الى جانب الاعلام ضد الرقابة الحكومية حتى إذا كان هناك احتمال ان ينشر منفذ اعلامي معلومات تضر بالأمن القومي. &

ويقول روبرت غيزلر مدير العمليات الاعلامية والدراسات الاستراتيجية السابق في مكتب وزير الدفاع والباحث المخضرم في الحرب الاعلامية "ان أحداً لا بدّ ان يحمي الحقيقة الموضوعية وبصراحة تامة انها أهم وظيفة تؤديها الصحافة ولا يمكن ان ينهض بها سواها". &

واعرب غيزلر عن آراء مماثلة لآراء ميجفيتس رئيس الشرطة الأمنية في لاتفيا قائلا ان الاعلام الاميركي في الأجواء الاعلامية الساخنة حالياً يجب ان يكون أكثر احتراساً من أي وقت مضى للحفاظ على المعايير وتدقيق الانحيازات في بدايتها والعودة مرتين الى المصادر كي لا تكسب الهجمات على مصداقية الصحافيين تأييداً حتى أوسع منه الآن. &

تغريدات ترمب بشأن الإعلام

وفي هذا الشأن تناولت مجلة نيويوركر تغريدات الرئيس دونالد ترمب وخطاباته الكثيرة التي يشجب فيها الاعلام الاميركي على انه اعلام "اخبار كاذبة".& وقالت المجلة ان طاقم الرئيس يستطيع ان يقدم حجة قوية ضد منافذ اعلامية تنشر اخباراً غير دقيقة مليئة بعناصر الرأي والتعليق عن ادارته.& وهناك أمثلة على ذلك كل يوم وخاصة في برامج شبكات الكيبل.& كما يستطيع ترامب الاشارة الى مانشيتات تتسم بالمبالغة واساليب تُستخدم لإسكات مقدمي برامج معينين.& ويستطيع طاقم البيت الأبيض ان يعدد الأخطاء التي جرى تصويبها ويدفع صحيفتي نيويورك تايمز وواشنطن بوست الى وضع مراقبين يدققون موادهما قبل نشرها.& ولكن هذه ليست طريقة الادارة.& وبحسب مجلة نيويوركر فان ترامب بدلا من هذه الخطوات "يحتضن تلفيقات موقع انفو وورز" و"يصور شبكة كاملة من أكثر 150 صحافياً ومراسلا في سي ان ان ونحو 24 معلقاً على انهم "اخبار كاذبة" بدلا من التركيز على مقدمي البرامج الحوارية الذين يصبون الزيت على النار". &

وتمضي مجلة نيويوركر قائلة ان ترامب "على ما يبدو لا يعتقد ان الصحافة رصيد استراتيجي على الاطلاق أو ، إذا كان يعتقد ذلك فانه يحاول بوعي وعن سابق اصرار عرقلة وتقويض حركة المعلومات التي مهما كان عملها ناقصاً فانها ما زالت تحاول اطلاع المواطنين على ما يجري في بلدهم وحكومتهم".&

&

اعدت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "نيويوركر".& الأصل منشور على الرابط التالي& & & & &

https://www.newyorker.com/news/news-desk/lessons-from-europes-fight-against-russian-disinformation?mbid=nl_170724_Daily&CNDID=31115831&spMailingID=11544911&spUserID=MTMzMTgzMTU4MzUxS0&spJobID=1202167960&spReportId=MTIwMjE2Nzk2MAS2

&