الرباط: قالت ماركريت أكولو، منسقة برنامج العمل العالمي لمنع الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين ومواجهتهما، الذي يموله الاتحاد الأوروبي ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، إن القانون 14-27 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر الذي اعتمده المغرب في أغسطس 2016، يعكس حقيقة ما قام به البلد في هذا المجال ويجعله يحترم المعايير الدولية.

ودعت المسؤولة الأممية، في كلمة مسجلة أذيعت اليوم الأربعاء، في اليوم الدراسي الذي نظمته الوزارة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المكلفة المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة حقوق الإنسان وبدعم من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، (دعت) المغرب إلى تسريع إحداث اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، مؤكدة استعداد المنظمة ل"مواكبة المغرب والتعاون معه في هذا المجال".

وقال يونس بن مومن، المنسق الوطني لبرنامج العمل العالمي لمنع الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين ومواجهتهما بالمغرب" إن البرنامج اقترح استراتيجية لتقديم مستويات الخبرة لتكوين سيمكننا من الاشتغال لسنتين بتعاون مع الحكومة المغربية لتكوين المكونين".

وأضاف بن مومن، في تصريح خاص ل"إيلاف المغرب" ان برنامج تكوين المكونين في مجال مكافحة الاتجار بالبشر يستهدف تأهيل "مئات الأشخاص والموظفين في مجالات ومهن مختلفة، منها القضاء والشرطة والمساعدين الاجتماعيين"، وأكد المتحدث ذاته، أن "الرقم لم يحدد بعد بشكل نهائي والعمل ما زال جاريا حول تحديد الفئات المستهدفة".

وأفاد منسق البرنامج العالمي بالمغرب أن المبادرة تهدف الى وضع ميكانيزمات حماية الضحايا من هذه الظاهرة وتعزيز القدرات الكفيلة بردعها، مبرزا أن البرنامج سيشتغل خلال عليه خلال "6 أشهر والسنة المقبلة "، لافتا الى أنه يشمل 13 بلدا من القارات الأربع، من بينها المغرب.

 

 

 

أما فيليب ميكوس، وزير مستشار رئيس مديرية التعاون في مندوبية الاتحاد الأوروبي بالمغرب، فقال بدوره، إن المغرب يدخل ضمن الدول ذات الأولوية في هذا المجال، معتبرا أن "القانون 14-27 إجراء أولي مهم يحتاج دعامات مالية للتنفيذ"، مؤكدا أن تنفيذ هذا القانون "يجب أن ينخرط فيه الجميع وينبغي أن يرتكز على التوعية والحماية ومواجهة الظاهرة والقضاء عليها".

وسجل ميكوس، في كلمته، أن المملكة المغربية طورت ترسانتها القانونية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، معلنا أن الاتحاد الأوروبي "وضع ميزانيات خاصة لتنفيذ هذا القانون ودعم تنزيله".

ودعا المسؤول الأوروبي "المؤسسات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني من أجل الانخراط وتبني سياسة ناجعة لمكافحة الظاهرة"، مشددا في الآن ذاته على أهمية "الوقاية وتطبيق كل أشكال مواجهة الاتجار بالبشر من خلال القيام بحملات تحسيسية واسعة".

من جهته، قال عبد الكريم بنعتيق، الوزير المنتدب المكلف المغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، إن ظاهرة الاتجار بالبشر تعد من أخطر الظواهر الإجرامية التي تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان وإهدارا لكرامته، باعتبارها شكلا من أشكال الرق والعبودية التي تضرب أمن وسلامة واستقرار الأفراد والمجتمعات والدولة على حد سواء.

وأضاف بنعتيق أن المغرب "لم يعد في منأى عن تداعيات هذه الظاهرة، خاصة مع تزايد أفواج المهاجرين وتحوله من بلد عبور إلى استقبال وإقامة"، مؤكدا أن بلاده تمثل "هدفا للشبكات الإجرامية العابرة للحدود لا سيما ما يتعلق بالخدمة في المنازل والعمل القسري".

وأقر بنعتيق بأن المواطنين المغاربة "يقعون بدورهم بالخارج ضحايا للاتجار بالبشر، ويتم استقطابهم بكيفيات مختلفة للعمل ويسقطون في أسوأ أشكال الاستغلال".

وناشد المسؤول الحكومي المنتظم الدولي والإقليمي من أجل "الانخراط القوي في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر، لتفادي ما تسببه من كوارث إنسانية نتيجة للأوضاع الاجتماعية والأزمات السياسية والاقتصادية التي تعرفها بعض الدول".

بدوره، اعتبر محمد يتيم، وزير التشغيل والإدماج المهني، مكافحة الاتجار بالبشر "قضية كونية تهم جميع مناصري إنسانية الإنسان ولا يجوز بأي شكل من الأشكال استعبادهم"، لافتا الى أن التراث المغربي فيه ما "يجعلنا في مقدمة محاربي ظاهرة الاتجار بالبشر".

وأكد يتيم ان القطاع الحكومي الذي يشرف عليه معني بمكافحة هذه الظاهرة، مؤكدا عزم بلاده على تدعيم جهاز حماية شروط العمل اللائق وضمان حقوق، مشددا في الآن ذاته، على أن المغرب قطع "أشواطا كبيرة في الوفاء بالتزاماته الدولية وفي مجال إقرار حقوق العمال".

وزاد وزير التشغيل المغربي قائلا: "نريد تحصين العمال الذين يفدون إلى المغرب وتواكب وزارتنا كل الاتفاقيات التي تسعى للحفاظ على الكرامة المطلوبة"، مبرزا حرص المملكة على أن العمالة الأجنبية داخلها ينبغي أن تكون بطرق قانونية.

وعرف اليوم الدراسي، مشاركة ستيفاني مايلي، القائمة بأعمال سفارة الولايات المتحدة بالمغرب، التي قالت في كلمة بالمناسبة، إن بلادها "تثمن ما يقوم به المغرب في مجال مكافحة الاتجار بالبشر"، معتبرة أن هذه الآفة "نوع من أنواع الرق". 

وأشادت مايلي بالمقاربة الشمولية التي يعتمدها المغرب في هذا المجال، مسجلة أن القانون الذي تم اعتماده "يشهد على ذلك"، لكنها نبهت في الآن ذاته، إلى ضرورة حماية الضحايا في إطار من التنسيق بين مختلف القطاعات والمجتمع المدني.

 وقالت المتحدثة ذاتها، إنه "لا يكفي أن نحاكم القائمين بهذه الجريمة بل نحتاج إلى حماية الضحايا ومواكبتهم"، مشيرة إلى أن الطريق "ما زال طويلا وعلينا أن نعمل كثيرا لإيجاد الأليات الكفيلة بمواجهة هذه الآفة الخطير ومحاربتها".

بدورها ، قالت أمينة أفروخي، القاضية المغربية الحائزة على جائزة بطلة مكافحة الاتجار بالبشر الممنوحة من طرف وزارة الخارجية الأميركية برسم سنة 2017، إن التكريم الذي حظيت به "اعتراف بما أحرزه المغرب من تقدم في اتجاه الحد من ظاهرة الاتجار بالبشر وحماية النساء والأطفال من هذه الجريمة البشعة".

وأبرزت أفروخي التي حظيت بإعادة جميع المتدخلين، بأن خطورة جريمة الاتجار بالبشر تكمن في "جعل البشر في وضعيات شبيهة بالعبودية وخصوصا عندما تستهدف الفئات المستضعفة من الأطفال والنساء"، وأشارت الى ان المغرب "يعاني من هذه الجريمة مع تكاثر أفواج المهاجرين غير الشرعيين الذين يصبحون ضحايا لشبكات تستغلهم أسوأ استغلال".

وأوضحت المتحدثة ذاتهابأن التعامل مع ظاهرة الاتجار بالبشر "هو تعامل خاص يستدعي مجهودات أكبر من طرف الجميع للحد من الظاهرة وحماية الضحايا ومساعدتهم"، مشددة على أهمية إحداث "إطار ملائم للتعامل مع هذه الظاهرة بما يسمح بزجر أكبر المتاجرين في البشر".

يشار إلى أن نص الإطار القانوني الوطني الجديد لمكافحة الاتجار بالبشر، ينص على إنشاء لجنة وطنية مكلفة تنسيق أعمال الحكومة حول هذه القضية، بالإضافة إلى تسهيل وصول الضحايا إلى مختلف الخدمات العامة مثل المساعدة الإجتماعية والطبية وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.

وينتظر أن يخرج اليوم الدراسي الذي يعرف مشاركة عدد من الخبراء والفاعلين في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر من المغرب وتونس ولبنان وفرنسا والولايات المتحدة وعدد من الدول الإفريقية، بتوصيات ومقترحات عملية، تساعد الحكومة المغربية على تنزيل القانون الجديد وإنشاء اللجنة الوطنية التي تعنى بتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه وحماية الضحايا.