أسامة مهدي: تصدّى المرجع الشيعي الاعلى في العراق السيستاني اليوم للصراع الشيعي السني في البلاد وبما يحفظها من العنف القائم على الخلاف العقائدي والمذهبي والسياسي داعيا الى المحافظة على المواطنة الصالحة والتماسك الاجتماعي وعدم اثارة الخلافات بشكل يثير الفتن والصراعات المذهبية.

وقال معتمد المرجع السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) اليوم وتابعتها "إيلاف" ان الوطن العراقي يعيش فيه مواطنون متعددو الانتماءات المذهبية من شيعة وسنة وهو ما يتطلب وضع اسس للتعامل الاجتماعي والاخلاقي بما يحفظ الشعب العراقي من الصراع والعنف.

واشار الى ان التعدد الفكري والمذهبي والسياسي في العراق يتطلب تماسكا اجتماعيا لتعزيز الاستقرار ومواجهة المشاكل والتحديدات والازمات التي يواجهها العراق بمكوناته هذه.

وشدد على ضرورة عدم اثارة الخلافات بين المذاهب او طرحها بشكل يثير الحزازات والفتن ويفجر الصراعات المذهبية.

إحترام الخصوصيات

وشدد على ضرورة ان يكون الحوار بين المكونات مبنيا على احترام خصوصيات الاخر بشكل يحفظ العلاقة الوطنية المشتركة ويصون المصالح العليا للمسلمين قاطبة خصوصا اذا كانوا ضمن الوطن الواحد.

وطالب وسائل الاعلام ومنها الفضائيات ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي بعدم استخدام اساليب تستفز الاخرين وتثير الحساسية المذهبية بما قد يؤدي الى وقوع الفتنة والقلاقل والصراعات المذهبية في الوطن الواحد.

آية الله علي السيستاني

وأشار الى أن من حق صاحب كل فكر ان يدافع عنه ويحاول اقناع الاخرين به بإقامة الدليل واستخدام الاسلوب العلمي ولكن دون المساس بكرامة من يخالفه في الفكر وجرح مشاعره والمساس بمقدساته بما يؤدي الى الإخلال بالتعايش السلمي.

وأوضح ان مفهوم التعايش السلمي يعد من المفاهيم التي أولاها الاسلام الاهتمام والرعاية واهتم بوضع الاسس لها واعتبرها آلية ناجحة لمعالجة مخاطر التنوع في الانتماء المذهبي والديني على مختلف المستويات الثقافية والاجتماعية والعقدية، مبينا ان الاسلام لم يقتصر بوضع النظريات والمبادئ بل تعداها الى التطبيق الدقيق من قبل النبي محمد.

التعدد المذهبي أمر واقع

واضاف معتمد السيستاني ان المشتركات بين مختلف المذاهب الاسلامية تفرض مستوى من الانسجام الثقافي والحوار المبني على احترام خصوصيات الاخر بشكل يحفظ العلاقة الوطنية المشتركة بين المنتمين إلى هذا التعدد المذهبي ويصون المصالح العليا للمسلمين قاطبة خصوصا اذا كانوا ضمن الوطن الواحد.

واكد ضرورة فرض مساحة من التعاطف القلبي المثمر للتحرك الاجتماعي الايجابي نحو الاخر بما يحفظ قوة العلاقة المجتمعية وعدم تغلب مساحة التقاطع والتهاجر على مساحة التواصل والتقارب الاجتماعي الفاعل.

وقال ان الايمان بان التعدد الديني والمذهبي امر واقع وينبغي معرفة كيفية التعامل الايجابي البناء مع التعددية بما يصون المجتمع المتعدد الانتماءات من الصراع واستخدام العنف والمطلوب التعامل بعقلانية وواقعية وعدالة مع التعددية.

عدم الاساءة إلى مقدسات الشيعة والسنة

واوضح ان من حق صاحب كل فكر ان يدافع عنه ويحاول اقناع الاخرين به باقامة الدليل عليه واتباع الاسلوب العلمي في إثبات أحقيته من وجهة نظره ولكن من دون المساس بكرامة من يخالفه في الفكر وجرح مشاعره والاساءة الى مقدساته بما قد يؤدي الى الاخلال بالتعايش السلمي بين ابناء الوطن الواحد.

وحذر معتمد السيستاني من اثارة الكراهية والبغضاء بين المذاهب.

واكد ان من الامور الخطيرة التي اريقت بسببها الكثير من الدماء البريئة هو تكفير الاخر لمجرد المخالفة في بعض القضايا العقدية وما يتبع ذلك من تأويل للنصوص على غير ما هو المراد منها خصوصا التي حفظت وصانت المجتمع الاسلامي في دماء ابنائه واعراضهم واموالهم.

التعايش على قاعدة المبادئ والمصالح المشتركة

وبين معتمد السيتاني ان الوعي لما تفرضه المصالح العليا للمسلمين والمصالح الوطنية العامة التي هي اهم بكثير من المصالح الضيقة التي يتصورها البعض انها مصالح للمذهب والطائفة يستدعي مراعاة الحقوق الثقافية والاقتصادية والاجتماعية للجميع ضمن دائرة حقوق المواطنة التي يتساوى فيها الجميع والتعايش على قاعدة المبادئ والمصالح المشتركة ودرء مفاسد الاختلاف والشقاق المضرة للجميع.

ونبه الى ان ما يزعزع التعايش السلمي كثرة الجدال والمراء والانتقاد للاخر في الخطاب العام والابتعاد عن أسلوب الطرح العلمي ضمن دائرة اصحاب الاختصاص والمسؤولية الاسلامية في البلاغ وحسن البيان للمطالب الحقة.

يذكر ان العراق شهد بين عامي 2006 و2007 اقتتالا طائفيا شيعيا سنيا راح ضحيته الالاف من المواطنين ودفع مئات الالاف غيرهم الى هجرة البلد الى عدد من البلدان المجاورة وخاصة الاردن وسوريا وتركيا.