مراكش: شهادات حية قدمها زعماء سياسيون مغاربة، مساء السبت، إلى جانب باحثين في حق الزعيم عبد الله إبراهيم الذي يعد أول رئيس حكومة مغربية يسارية بعد الإستقلال، خلال تخليد الذكرى الـ12 لوفاته، والتي نظمتها مؤسسة عبد الله إبراهيم للدراسات والأبحاث والتنمية الإجتماعية بمراكش. 

واعتبر الباحث حسن أوريد، في تقديم قراءته لكتاب «صمود وسط الإعصار»، أن هذا المرجع يعد أحد أهم كتابين مغربيين في العلوم السياسية، إلى جانب كتاب النقد الذاتي للزعيم علال الفاسي. 

وأشار أوريد إلى أن هذا الكتاب يمكن اعتباره «ضحية لعنوانه» حيث يوحي عنوان «الصمود وسط الإعصار» أن الأمر يخص الكاتب و أنه يقصد صموده وسط إعصار تجاربه السياسية، و الحقيقة أن المقصود هو صمود المغاربة أمام أعاصير السياسة، معتبرا أن الكتاب يعد من أهم الإسهامات في فهم ما يعتمل شفي واقعنا. 

وتطرق الباحث للمفاهيم التي وظفها ابراهيم في كتابه، والتي قال عنها إن الكاتب وقف من خلالها على معيقات بنيوية حالت دون تحقيق التنمية، معتبرا أنه تطرق لدور المثقفين في القضايا البنيوية، حيث لا يمكن البناء من فراغ، ولا يمكن لجيل أن يدير ظهره لمن سبقه. 

 

عبد الاله ابن كيران في مقدمة الحضور 

 

من جهته، سرد وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربي أحمد التوفيق، في مداخلة عبارة عن قراءة كذلك في كتاب «صمود وسط الإعصار»، وهو المرجع الذي اعتبره من أهم ما كتب الزعيم عبد الله إبراهيم، تفاصيل عن أحداث عاشها الوزير أيام كان تلميذا بالمرحلة الإبتدائية و الثانوية (خلال الفترة ما بين 1955 و 1963) بمراكش، وهو يحضر خطب الزعيم عبد الله ابراهيم وسط حشود من عمال الإتحاد العام للشغالين، مستنتجًا تلك الهوة الواقعة بين خطاب زعيم سياسي يعد قارئًا جيدًا لعمالقة الأدب الروسي، وبين إدراك الطبقة العاملة، معتبرا أن الزعيم كان مثاليًا في حسه السياسي.

وقال التوفيق إن عبد الله ابراهيم كانت له الدراية الكافية بأعلام الثقافة الإسلامية وكذا عمالقة الفكر الغربي، كما أنه يعد من الدارسين الجيدين للتاريخ، حيث تناول ابراهيم مرجعية النظام الإجتماعي في الإسلام، مرورًا بإدارة عمر بن الخطاب للدولة الإسلامية، و أبي ذر الغفاري، في تناول نظام الصدقة و الربا.

وأكد التوفيق أن فكر عبد الله إبراهيم ما زالت له راهنيته بحكم الموقع الحضاري للمغرب، مشيرًا الى أن كونر ابراهيم نهل من الأدب الروسي ومن الفكر الإشتراكي ليحلق بأجنحة طوباوية مثالية.

وأشار الكاتب عبد الصمد بلكبير، ابن مدينة مراكش الذي كان قريبًا من عبد الله ابراهيم إن هذا الأخير تجمع فيه ما تفرق في غيره، مشيرًا الى كوّن الرجل كان رهانه السياسة و ليس الفكر، على الرغم من أنه يعد مفكرا من دون منازع. 

وأكد بلكبير أن عبد الله ابراهيم حارب، خلال مشواره السياسي و الفكري، التجريبية، عكس الزعيمين الإتحاديين عبد الرحيم بوعبيد و المهدي بن بركة، كما أنه يعد مدافعا شرسا عن المبادئ، محاربًا لمنطق الإنتهازية، حيث تقتضي السياسة المساومة، وهو ما يفرض التنازلات، لكن حين يتعلق الأمر بالمبادئ يرفض الزعيم المساومة بشأنها.

وقال طارق ابراهيم ابن الفقيد ورئيس المؤسسة، في كلمة ألقاها بالمناسبة، إنه ينبغي استرجاع الحيوية التي كان يتمتع بها فكر عبد الله ابراهيم الذي كان يردد دائما «لا حرية للجائع و لا وطن للعبيد»، معتبرًا أن الندوة العلمية ستكون "فرصة لتجديد الصلة مع أفكار ومواقف مازال المغرب والمغاربة في أمس الحاجة للاستفادة من دروسها في أفق إقلاع حقيقي للنهوض بالمغرب في مستوياته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والفكرية. 

ومن بين الشهادات الحيّة المتعددة التي قدمها رفاق الفقيد من أبناء مدينة مراكش وغيرهم، قال عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة السابق، و الأمين العام لحزب العدالة والتنمية إن الزعيم عبد الله ابراهيم كان مثالاً للفقيه المطلع على الفكر الإسلامي. 

واستحضر ابن كيران بعض اللحظات التي جمعته بالفقيد بالرباط، عندما كان يتوجه له رفقة بعض القياديين من حزب العدالة والتنمية من أبناء مراكش، لتدارس بعض القضايا السياسية وغيرها، مشيدًا بتجربة الرجل وعمق فكره ووطنيته الصادقة.