عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: لم يكن فرح وعناقات غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي (438 ضد 226 وامتناع 39 عن التصويت) بانتصارهم لصالح حقوق المؤلفين والفنانين وناشري الصحف ضد عمالقة الانترنت تشريعاً للعمل بالقانون الجديد لكنه انقاذ له من الموت الذي كان سيقرّه النواب الجدد الذين سيفرضون أغلبيتهم المشككة بجدوى الاتحاد الأوروبي ويرفضون حقوق المؤلف في انتخاباتهم البرلمانية بين 23 و26 مايو 2019.

الإقرار الجديد يمكن النواب الأوروبيين من&بدء مفاوضات مع مجلس الاتحاد الأوروبى، الذي يضم الدول الـ 28 الأعضاء، وتوصلت إلى تسوية فى 25 مايو والمفوضية الأوروبية&من أجل التفاهم على نص نهائي.

يستند القانون في الأساس الى حض المنصات الرقمية مثل يوتيوب التى تملكها مجموعة غوغل، على تحسين مكافأة مبتكري&محتوياتها. ويرى المشرعون الأوروبيون الداعمون للقانون الجديد انه "انتصار" لصالح القطاع الإبداعي، بوجه عمالقة العالم الرقمي، مثل "غوغل" و"فيسبوك" ومؤيديهما، الذين يصرّون على أن مراقبة المحتوى قد تخنق حرية التعبير عبر الإنترنت.

لم تمنع سطوة وحوش العالم الرقمي من المضي قدماً لاقرار هذا التشريع "بالغ الحساسية" حيث يكافئ&مطوري&ومبتكري&المحتوى الرقمي بشكل أفضل، وينشىء "حقوقا مجاورة" أو (قوانين مجاورة) لمحرري الصحافة، بما يمكّن الصحف ووكالات الأنباء من تقاضي مبالغ مادية لقاء إعادة استخدام محتواها ومنتجاتها عبر الإنترنت.

ما هي الحقوق المجاورة؟

ناشرو الصحف والمحررون ضغطوا بلا هوادة من أجل انتزاع حقوقهم من وحوش العالم الرقمي حتى كسبوا غالبية النواب الأوروبيين لصالحهم من أجل اعتماد الإصلاح، ودافعوا تحديداً عن المادة رقم 11، التي تتضمن: "لا أكثر ولا أقل من مبدأ التعويض العادل لوسائل الإعلام".&

وقد وقع نحو عشرين إعلامياً من مالكي وكالات الأنباء على بيان نشروه بهذا الخصوص مطلع الشهر الحالي بينّوا فيه أن شركات مثل غوغل وفيسبوك تنشر روابط ومقتطفات من مقالات عبر منصاتها، وتحصل على عوائد مالية، على الرغم من عدم مشاركتها في التمويل أو الدفع مقابل للمحتوى أو تشارك الناشر الأصلي &بهذه الأرباح التي تمنى المحررون أن تتشارك هذه المنصات "بجزء متواضع من العوائد (المالية) مع منتجي المحتوى عبر إنشاء ما&يسمى "حقوق مجاورة".

إسبانيا وألمانيا

&رافضو القانون وخلفهم الشركات العملاقة قدموا&للمشرعين الأوروبيين مثالين من اسبانيا وألمانيا حين حُرم الناشرون الإسبان من ادراج روابط نتاجهم على محركات البحث أو الشبكات الاجتماعية، لتتجنب الدفع، بعد أن أقرت مدريد قانون "حقوق مجاورة" مشابها لما أقرّه المشروعون الأوروبيون اليوم تسبب بتراجع متصفحي تلك الصحف والمواقع بما نسبته 6%. وحين أُقر في ألمانيا قانون مماثل تسبب بخسارة "أكسيل سبرينغر"، أهم مجموعة إعلامية في البلاد، حوالي 7 في المئة من متابعيها.

رئيس البرلمان الأوروبى الايطالي انطونيو تاجانى، رحب بتبني القرار، واصفاً التشريع حول حقوق المؤلف "انتصاراً لكل المواطنين، حيث اختار البرلمان الأوروبى الدفاع عن الثقافة والإبداع الأوروبى والايطالي، منهياً بذلك التغول الرقمي".

عمالقة الانترنت&من المدافعين عن الحريات الرقمية اعترضوا على المادة رقم 11 التي وجدوا فيها استعداد الصحافة للتخلي عن استقلالها بسبب فشلها في التكيّف مع عالم الإنترنت".

&الرئيس الفرنسي إيمانوئيل ماكرون عبّر عن أمله بحماية الابداع التي راى فيها ضماناً للحرية وفق ما ورد في تغريدة له على موقع تويتر قبل ساعات من التصويت على القانون "اليوم تدور معركة أساسية &لحقوق المؤلف: حماية الإبداع والمعلومات هي ضمان حريتنا والدفاع عن نموذجنا". ورأى أن على "أوروبا أن تكون بمستوى ثقافتها".

عملاق الموسوعات الرقمية &"ويكيبيديا"، توقع عواقب محتملة لحقوق الاقتباس "إن إنشاء روابط ونشر مقتطفات ومشاركة محتوى ما هي مكونات أساسية على الإنترنت".

خلفيات الموسيقى على يوتيوب

حين يدخل التعديل الجديد لقانون حقوق المؤلف منتصف العام المقبل، ستجني الصحف والمؤلفون والفنانون مكافآت عن منتجاتهم التي تعيد استخدامها&محركات البحث ومواقع التواصل الاجتماعي والموسوعات الرقمية، ومثلهم الفنانون الذين يجيز لهم القانون، وفق المادة 13، حقوقا&عن استخدام نتاجهم، كخلفيات موسيقية أو نصوص&(حتى لو عرض أحدهم في يوتيوب مشهد فيديو لابنته الصغيرة ترقص بخلفية موسيقية، يتوجب على الموقع دفع نسبة معقولة من المكافأة لمنتج الموسيقى).

هذه النهاية المثيرة للجدل الذي تواصل شهوراً صعبة أثلجت صدور المؤلفين وناشري الصحف والموسيقيين الذين تابعوا&جلسات البرلمان الاوروبي في بروكسل بعد أن شهدت جدلاً داخله&بين مؤيدي ومعارضي القانون ومثلهم خارجه حيث لفت الأنظار مؤلفون، غالبيتهم من الموسيقيين، تجمع نحو مئة منهم بينهم المغني&البريطاني موراي هيد،&أمام البرلمان الأوروبي بدعوة من جمعية "أوروبا للمبدعين وعزفوا النشيد الأوروبي، وتلوا "نداء الى أوروبا لتتوخى الحذر من الوحوش الرقمية".