أسامة مهدي: في بادرة نادرة في المشهد السياسي العراقي الحالي، اعتذر أحد المرشحين لتولي رئاسة الحكومة الجديدة عن المنافسة على المنصب كاشفا عن عيوب مستعصية في النظام السياسي العراقي الحالي والقوى المنخرطة في ادائه.

واعتذر نائب الرئيس العراقي سابقا القيادي السابق في المجلس الاعلى الاسلامي العراقي والمستقل حاليا عادل عبدالمهدي في بيان صحافي تلقت "إيلاف" اليوم نصه عنونه "رئاسة الوزراء.. اشكركم، فالشروط غير متوفرة" الى انه يلتقي بكثير من اصحاب القرار ويتم في الاعلام والاجتماعات تداول اسمه مع غيره لهذا المنصب وانه قد اكد مراراً على خروجه من المنافسة والترشيح ليس نكوصاً او تردداً او عجزاً او زهداً، بل لتقدير يراه، موضحا انه "منعاً من اي لبس ولكي لا ابدو جاحداً او معرقلاً اؤكد اعتذاري عن المنافسة لتقديري -بافتراض حصولي على القبول الان- فانني سريعاً ما سافقده واواجه باغلبيات لن تسمح بمجموعها توفير الدعم اللازم لاحقاً".

قوى معارضة بعقلية الدولة الريعية

وبين عبد المهدي ان تلك القوى التي ما زالت تحمل عقلية الدولة الريعية ستعارض، عند تطبيق اجراءات جدية للخروج من الاقتصاد الريعي لمصلحة الاقتصاد الحقيقي خصوصاً الزراعي والصناعي والخدمي، فهناك شرائح قد تتضرر او لن تنتفع بينما مصلحة الشعب والبلاد تتطلب الاصلاح لمحاربة الفساد والبطالة وتقليل الاعتماد على النفط. كما ستعارض قوى الدولة المركزية المتفردة عند العمل على تعزيز النظام البرلماني اللامركزي الفيدرالي، وستعارض القوى التي ترى ان الفساد هو الاشخاص اساساً وليس المنظومة اساساً والتي تهدر الاموال العامة وتعرقل تقدم البلاد".

واضاف ان كثيرا من القوى ستعارض عند السعي لأن تكون المؤسساتية وقوانين الوزارات والانظمة الداخلية وقانون الخدمة العامة وسياقات عمل القيادة العليا للقوات المسلحة حاكمة بعيداً عن اية حزبية او شخصنة وكذلك عند منع التدخل غير المبرر للتنظيمات في مؤسسات الدولة، دون الاخلال باحترام دورها عبر وزراءها ونوابها في مجلسي الوزراء والنواب والنشاطات التي يقرها قانون الاحزاب، لنبني دولة واحدة وليس دويلات متداخلة".

واضاف ان كتلا برلمانية او اعضاءها ستعارض ايضاً التطبيق العملي لمبدأ الفصل بين السلطات كما سيعارض البعض منع التدخل في شؤون السلطة التشريعية او منع تدخل البرلمانيين غير المشروع مستغلين عناوينهم في اعمال السلطة التنفيذية والقضائية، منوها الى وجود اعداد كبيرة اعتادت اعتبار التدخل حقاً وقوة وليس تجاوزاً.&

واكد انه يمتلك معلومة موثقة ان احد الفائزين في الانتخابات الاخيرة اتصل بالفعل قبل يومين باحد المسؤولين في احدى الوزارات لتمشية 8 ملفات خاصة وذلك حتى قبل اداءه القسم .

محاكمات وليس استجوابات

واشار الى ان قوى اخرى ستعارض منع الممارسة الخاطئة للاستجواب الذي تحول الى محاكمات &وبات يعطي عكس النتائج في محاربة الفساد وكشف الحقيقة &فالاستجواب هو لممارسة الرقابة وتحقيق الشفافية بتوجيه الاسئلة اولاً باول للاستيضاح والمحاسبة وليس بالتصيد ومراكمة المعلومات الصحيحة والخاطئة فان ثبت الخلل يصوت بنزع الثقة من المسؤول كما ستعارض قوى عند تقوية وترشيد عمل النزاهة والرقابة فالمسؤول والموظف الذي يطبق القوانين والتعليمات مصان وغير مسؤول والمسؤولية تقع على القوانين والتعليمات، ومن يُحاسب ويُلاحق هو من يخرق القانون ادارياً ومالياً وسلوكياً ومعلوماتياً لا من يطبقها.

واضاف منتقدا ان البعض سيعارض دعم الحشد والبيشمركة وقوى الشرعية وسيعارض اخرون عند منع الحشد والبيشمركة وغيرهما من ممارسات خارج القانون والصلاحيات كذلك عند منع اي استغلال خاطىء للحقوق المدنية ولحق التعبير خارج القوانين والاضرار بالمصالح العامة والخاصة وأمن الدولة، مشيرا الى معارضة من يريد السيطرة على بعض المناطق والمنافذ وجعلها امارات له وعند السعي لتسوية الكثير من القضايا القضائية والمعتقلين والدفاع عن حقوق الانسان.

تعطيل عمل الدولة

وأوضح ان بعض الجماعات ستعارض عند الدفاع الدستوري عن حقوق ساحة من الساحات فتراه محاباة لغيرها وستعارض اخرى عند محاولة منعها دستورياً من التمدد والتجاوز وتعطيل عمل الدولة الدستورية الضامنة لوحدة البلاد وستعارض بعض القوى عند منع المس بثوابت احكام الاسلام وحقوق جميع المواطنين بمختلف دياناتهم ومذاهبهم ومعتقداتهم او للمس بالحياة الديمقراطية وممارسة الحقوق والحريات الاساسية، وحرية الفكر والضمير والعقيدة.

وزاد قائلا "ان جماعات تمارس العشائرية، ستعارض عند منع اقتتالها واستخدامها للسلاح والتهديد ولوقف الممارسات الشاذة بما يتنافى مع القانون وحقوق الانسان والاعراف السليمة لتفرض على الاطباء والمدرسين وعموم الناس انواع الفصل والديات والتهديدات"

العلاقات الخارجية وحساسيات البعض

واضاف عبد المهدي موضحا "ان الدعوة لشفافية اعلى في اتفاقاتنا الامنية ولاقامة علاقة الصداقة والتعاون المتبادلة بايران وتركيا وقطر وسوريا ولبنان وفلسطين وغيرهم.. ولدعم الاتفاق النووي الايراني، قد تنعكس سلباً على علاقاتنا باخرين وعلى التداعيات الداخلية".

واشار الى ان الدعوة لاقامة علاقة الصداقة والتعاون المتبادلة بامريكا والغرب والسعودية ودول الخليج والدول العربية ورفض اي تدخل بالشأن العراقي ومتابعة ملف المياه مع ايران وتركيا، وطبيعة اي تواجد عسكري، او امني غير نظامي بدون تنسيق مع الحكومة العراقية، قد تنعكس بدورها سلباً على علاقاتنا باخرين وعلى التداعيات الداخلية.

وقال السياسي العراقي المخضرم عبد المهدي في الختام "لمعرفتي بمباني وعلاقات القوى الفاعلة ورغم وجود الكثير من المخلصين والواعين فيها وفي خارجها ورأىي - متحملاً مسؤولية الاجتهاد- صعوبة قيام كتلة الاغلبية البرلمانية الوطنية المتماسكة القادرة على توفير متطلبات الحكومة الناجحة والقوية والمنسجمة والكفوءة نظرياً وعملياً ودعمها والتصدي للتجاذبات اعلاه.. لهذا &ومع دعمي لكل الجهود المخلصة - اعتذر مسبقاً من المنافسة".

وجاءت توضيحات عبد المهدي هذه اثر تصريحات لمصادر عراقية امس قالت فيها ان عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية الأسبق هو الأقرب لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة.

واوضحت إن &المنافسة كانت بين عبد المهدي وشخصيات أخرى لكن هناك توافقا كرديا شيعيا سنيا عليه وانه ينتظر موافقة المرجعية الشيعية العليا لاية الله السيد علي السيستاني ليعطي موافقته للكتل السياسية على تسلم المنصب.

يشار الى ان عبد المهدي تبنى أفكارا واتجاهات سياسية مختلفة منها عضوية حزب البعث ثم الى الشيوعية الماوية قبل أن يختار التوجه الإسلامي وينضم الى المجلس الاعلى الاسلامي قياديا فيه بعد الثورة الايرانية عام 1979.

وعبد المهدي من مواليد 1942 في بغداد وشغل والده منصبا وزاريا في عهد الملك فيصل الأول في عشرينيات القرن الماضي. ثم انخرط في التيار الإسلامي الشيعي بعد الثورة الإيرانية.

وقد عاد عبد المهدي إلى العراق من فرنسا التي حصل فيها على شهادة الدكتوراه في الاقتصاد السياسي بعد سقوط نظام الرئيس صدام السابق حسين عام 2003 و شغل منصب وزير المالية في حكومة إياد علاوي عام 2004 ممثلا عن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وشارك مع الإدارة الأميركية في المفاوضات الخاصة بشطب الديون الخارجية العراقية وأقنع عددا من المانحين الدوليين بإسقاط جزء كبير منها.

ثم أصبح أحد نائبَي الرئيس العراقي عام 2005 بعد أن كان مرشحا أساسا لمنصب رئيس الوزراء قبل أن يتنازل لصالح إبراهيم الجعفري. وآخر منصب تولاه عبد المهدي كان وزارة النفط التي استقال منها في مارس آذار عام 2016.